معرف الأخبار : 97949
تاريخ الإفراج : 6/10/2022 12:23:31 PM
من المسؤول عن تداعي الأمن في النظام الدولي؟

من المسؤول عن تداعي الأمن في النظام الدولي؟

لن يتوانى أي بلد لديه القدرة على رفع تكلفة المعتدين على مصالحه وحقوقه المشروعة على الساحة الدولية، لا سيما أنه قادر على الدفاع عن مصالحه من خلال "رد متبادل ومقتدر"، في ردع المتنمرين والمتسلطين دون أدنى شك.

نورنيوز- منذ حوالي ثلاثة أسابيع، عندما تعرضت ناقلة نفط تحمل علم الجمهورية الاسلامية لعطل فني في المياه الدولية ودخلت المياه الساحلية اليونانية لطلب المساعدة في حالات الطوارئ، أمرت محكمة يونانية بمصادرة شحنتها النفطية بناءً على طلب أمريكي.

على وقع ما حصل، لم تأل ايران جهدا إلاّ وبذلته لتوظيف قدراتها الدبلوماسية وقنواتها على أعلى مستوى ممكن لإقناع الحكومة اليونانية على العدول عن اتخاذ إجراءات غير قانونية، وإقناع أثينا بعدم الخضوع لإملاءات واشنطن بشأن انتهاج سلوك خارج الأعراف والقانون الدولي.

إلاّ أن أثينا تجاهلت ذلك، وضيّعت فرصة الردّ بإيجابية على حسن نية طهران، وتعنتت بموقفها، وكان الرد الوحيد الذي قدمته لتبرير سلوكها غير القانوني، وفي محاولة من الحكومة اليونانية لتبرئة ذمتها من القرصنة، ادّعت أن "هذا الإجراء اتخذ على أساس حكم قضائي، وبسبب مبدأ الفصل بين السلطات، لم تقم حكومة هذا البلد بأي عمل"!

على خلفية قرار المحكمة اليونانية والتفويض الرسمي من البيت الأبيض بنهب شحنة النفط الايرانية، قررت طهران الرد على أثينا بما يتناسب مع خطوتها، وقامت البحرية الايرانية باحتجاز ناقلتين يونانيتين الأولى تحمل اسم "برودنت واريور" تحمل 130 ألف طن من النفط الخام، والثانية تحمل اسم "دلتارا" في مياه الخليج الفارسي، وتم نقلهما إلى المياه الساحلية الإيرانية.

بعد إجراء ايران العقابي والذي جاء دفاعا عن النفس، حاول أثنيا وواشنطن ودول غربية أخرى قلب حقيقة رد فعل الجمهورية الاسلامية كحق طبيعي من خلال شحن الأجواء الاعلامية ضد طهران بعبارات مثل تصرفات إيران المزعزعة للأمن، وتهديد خطوط الشحن من قبل الحرس الثوري الإيراني، وغيرها من الإدعاءات الباطلة.. لكن مجموعة الإجراءات هذه لم يكن لها أي تأثير على إرادة إيران في الدفاع عن حقوقها القانونية، بل وأثارت أيضا ردود فعل سلبية على حملة وسائل الإعلام اليونانية والأوروبية.

في السياق، نقلت السفارة الإيرانية في أثينا منذ يومين، عن سفير إيران لدى اليونان أحمد نادري، قوله: بعد متابعة مكثفة، ستلغي محكمة الاستئناف اليونانية الحكم الابتدائي بمصادرة النفط الإيراني، وبحمد الله، سيتم استرداد كامل شحنة النفط".

وذكرت رويترز أن "المحكمة قبلت طلب إيران بالطعن بهذا الحكم وسيكون من الصعب رفض الاستئناف".

على الرغم من أن مجموعة الأحداث المذكورة من وجهة نظر السياسة الإيرانية في عدم الإضرار بالعلاقات الدافئة مع الدول الصديقة، بما في ذلك اليونان، لا يمكن أن تكون مفيدة لكلا البلدين، إلاّ أنها تكشف عن حقيقة لا يمكن إنكارها في العلاقات الدولية بشأن الدول المقيّدة بـ "منطق التكلفة-الفائدة".

لن يتوانى أي بلد لديه القدرة على رفع تكلفة المعتدين على مصالحه وحقوقه المشروعة على الساحة الدولية، لا سيما أنه قادر على الدفاع عن مصالحه من خلال "رد متبادل ومقتدر"، في ردع المتنمرين والمتسلطين دون أدنى شك.

هذه المعادلة غير القابلة للتغيير، كما شهدتها العشرات من الأحداث الجزئية والكليّة على الساحة الدولية، سادت دائما في العلاقات بين الدول.

في المقابل، لا يمكن استثناء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران، والتي تعد إساءة واضحة لحسن نية الجمهورية الإسلامية ومحاولة للحد من الحقوق القانونية لايران، من هذه القاعدة. وعلى الرغم من أن طهران اتخذت دوما خطوات بناءة أظهرت حسن نيّتها تجاه الوكالة الدولية، إلاّ أن هذه المؤسسة الدولية، أبدت سلوكيات غير مبدئية ومسيّسة تماما، لا سيما من قبل شخص المدير العام الحالي السيد رافائيل غروسي.

حيث كشفت زيارة غروسي المثيرة للجدل إلى تل أبيب عشية اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن نيّة تكثيف الضغط على إيران، وعن مخطط إعداد وتقديم التقرير المناهض لإيران في الاجتماع، وهو ما أظهر أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تجاهل إلى حد كبير مسألة الضرورات المهنية والتقنية بالنسبة لإيران، وكان عليه نظرا لمنصبه أن يتمسّك بمبدأ الحياد ويلتزم به.

ويظلّ أن نقول بأن الردّ الايراني على السلوك السياسي البحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية سيرتكز على مبدأ "التكلفة- المصلحة"، وستستمر الإجراءات الايرانية وفقا لذلك.

يجب أن تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستعدة لتحمّل تداعيات أفعالها حيث تسعى الوكالة لممارسة ضغوط غير مشروعة لردع إيران عن ممارسة حقوقها القانونية من خلال إعداد تقارير سياسية، وإصدار دول غربية بيانات أحادية الجانب في ظلّ مساعي ايرانية بنّاءة.

ما يفعله المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو وضع تكاليف باهظة على عاتق الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقويض مصداقية الوكالة بسلوك مُسيّس قد يتضح أكثر في المستقبل القريب.

في الختام، يمكن التأكيد بأن استمرار هذه السلوكيات سيخلق بالتأكيد ظروفا لن تفيد إلاّ مراكز الشر وانعدام الأمن في النظام الدولي، وستفضي في نهاية المطاف إلى تعقيد الوضع الحالي أكثر مما هو عليه.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك