عندما كان بينيت رئيس وزراء كين الإحتلال الحالي وزيرا للدفاع في حكومة نتنياهو عام 2020 اعلن في كلمة انتخابية انه سيعمل على اخراج ايران من سوريا خلال عام واحد , لأن 70 % من مشاكل اسرائيل هي بسبب ايران واذرعها حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي ... وذكر حينها ان اسرائيل تعتمد ضرب رأس الأخطبوط ( اي ايران ) بدلا من خوض حروب جديدة في قطاع غزة وجنوب لبنان.
منذ ايام طالعنا الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي الذي يعمل في تل ابيب (نيري زيلبر) ان قادة اسرائيليين رددوا اكثر من مرة ان الإتفاق النووي الأمريكي الإيراني لن يكون ملزما لإسرائيل ولن يقيد حركتها في الدفاع عن نفسها ...واضاف ان الحرب بين اسرائيل وايران خرجت الى العلن منذ فترة طويلة ولكن الآن، في ظل شن العديد من الهجمات التي يشتبه بأنها إسرائيلية داخل إيران نفسها، قد يشهد الصراع المميت تصاعداً -ربما إلى نطاق يتخطى المنطقة.
وقد تحدث زيلبر عن طائرات مسيرة صهيونية قصفت منشآت يشتبه انها للأبحاث النووية في ايران، كما تحدث عن اغتيالات لعلماء ايرانيين واضاف انه بالرغم من عدم اعتراف الإسرائيليين بقيامهم بهذه العمليات بشكل رسمي الا ان التلميحات وتقارير وسائل الإعلام تشير الى ان الإسرائيليين هم خلفها ), وهذا ما يعني انه بعد اقل من سنة من تولي بينيت رئاسة حكومة الإحتلال فهو مستمر في سياسة ضرب رأس الأخطبوط حسب تعبيره بدل ضرب اذرعه المقاومة.
بعد استشهاد العميد خدايي من الحرس الثوري الإيراني تعهد الإيرانيون بالرد على اسرائيل لذلك يعيش الإسرائيليون حالة من الرعب، فهم جهزوا القبب الحديدية في غلاف غزة وشمال فلسطين وهضبة الجولان في محاولة للتصدي لصواريخ او لطائرات ايرانية مسيرة بدون طيار يمكن ان تخترق المجال الجوي وتقصف منشآت حيوية في الكيان الغاصب .
ولم يقف رعب الإسرائيليين عند هذا الحد بل دعوا جميع الإسرائيليين الذين يقضون عطلتهم الصيفية في تركيا وغير تركيا للعودة الى اسرائيل، خشية من ان يكونوا اهدافا لعمليات انتقامية او لعمليات خطف وقد تحدثت التقارير الأخبارية عن ان الإسرائليين ونتيجة رعبهم لم يحموا حقائبهم بل تركوها في فنادق تركيا وغادروا على جناح السرعة ...
منذ ايام حاول اليمين الإسرائيلي ان يجذب نحوه الصهاينة المتطرفين عبر اطلاق مسيرة الأعلام باتجاه المسجد الأقصى والمراقب لهذه المسيرة يمكنه ان يستشف انها صراع صهيوني داخلي من اجل عودة فريق نتنياهو الى سدة الحكم بعد ان تمكن فريق بينيت من اقصائه بصعوبة ...وتزامنت مسيرة الأعلام مع وصول سفينة التنقيب عن النفط اليونانية الى حدود فلسطين المحتلة , وعلى مقربة من الحدود اللبنانية المتنازع عليها , ولكن التماسك الرسمي اللبناني والشعبي فاجأ الإسرائيليين حتى ان اللبنانيين المتماهين مع السياسية الأمريكية الراعية لإسرائيل لم يستطيعوا ان يتحملوا وزر جريمة سرقة اسرائيل للنفط والغاز اللبناني فكادوا يعلنوها اننا مع المقاومة وسلاحها لولا خشيتهم من مشغليهم من الأمريكان والعرب المطبعين مع الكيان الصهيوني ...
جن جنون الإسرائيليين وهم المستميتين لإستخراج الغاز ليس فقط من اجل المال, انما من اجل انقاذ امريكا من ورطتها ومحاولة حصارها لروسيا وافساح المجال لأوروبا للإستغناء عن الغاز الروسي , فبادر رئيس اركان الجيش الإسرائيلي لإطلاق تهديدات ضد المدنيين اللبنانيين في الجنوب اللبناني مهددا بأن جيشه لن يبقي حجرا على حجر , وبعد ان كان المدنيون الجنوبيون فيما مضى يتلقون اخبار التهديدات بالخوف , اثارت تهديداته روح النكتة لديهم فباتوا يسخرون منه ويقولون : هل سيضرب محطات الكهرباء مثلا ؟ فليضربها فهي متوقفة ومعطلة عن انتاج الكهرباء نتيجة الحصار الأمريكي عليها.
هل سيقصف مولدات الكهرباء؟ فليقصفها فهو يريحنا من بدلات الإشتراك!...
اللبنانيون اليوم لا يهمهم تهديدات الصهاينة فبيتهم الزجاجي قد دمر بالحصار الإقتصادي وتفجير مرفأ بيروت وانهيار العملة الوطنية ولم يتبق لهم شيئا يخافون عليه ... ولكن بالواقع على الإسرائيليين ان يخافوا على بيوتهم المؤقتة في مستعمراتهم المؤقتة لأنها مبنية من زجاج واسرائيل اوهن من بيت العنكبوت مهما كبر حجم جبروتها وهي كما قال الإمام الخميني : اسرائيل غدة سرطانية يجب ان تجتث من الوجود ...
وصل الوسيط الأمريكي آموس هولشتاين الى بيروت لمحاولة ايجاد تفاهم بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية وبعدها استخراج الغاز على الجانبين ...ولكن في مجيئه تنطوي سياسة العصا والجزرة ودس السم بالعسل , فهو من ناحية يعد اللبنانيين باستصدار قرار امريكي بالسماح بإستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر وتجاوز قانون قيصر المفروض لمحصارة الشعب السوري , وبالتالي ابقاء مفتاح الحل والربط في ايدي الأمريكيين واخذ الشعب اللبناني والدولة اللبنانية رهينة بين ايديهم , ومن ناحية اخرى هو محاولة تجاوز الوصول لحل للنزاع بين الدولة اللبنانية والكيان الصهيوني على قضية ترسيم الحدود وبالتالي منع الدولة اللبنانية من استخراج نفطها وغازها من الحقول اللبنانية المحاذية للكيان . وفي الوقت ذاته التغطية على سرقة الإسرائيليين للغاز والنفط اللبناني الواقع ضمن الخط 29 والمتضمن حقل قانا وحقل ما يسمى كاريش والذي نحبذ تسميته حقل الإستشهادي هشام فحص الذي فجر نفسه بزروق اسرائيلي مقابل شاطئ الناقورة كان يروع الآمانين ويلاحق الصيادين اللبنانيين ويمنعهم من تحصيل رزقهم ...
هنا لا بد ان نستنتج ان هوكشتاين لو اراد فعلا التوصل لحل حول ترسيم الحدود وبالتالي السماح للدولة اللبنانية باستخراج نفطها فما الداعي لتقديم وعوده بتجاوز قانون قيصر لتمكين لبنان من شراء الكهرباء من الأردن والغاز من مصر وهو يعلم ان مقدرة الدولة اللبنانية على الشراء باتت شبه معدومة ؟ !
وكذلك لا بد ان نسأل هل الرئيس الروسي فلادمير بوتين سيوافق على السماح لإسرائيل ببيع الغاز الإسرائيلي لأوروبا كبديل عن الغاز الروسي؟
اشك في ذلك... لا يمكن لإسرائيل وحتى للبنان استخراج النفط والغاز من الحقول المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط الا بموافقة روسيا قبل موافقة اميركا وللإستعمال المحلي دون السماح بتصديره، والا سيتحول البحر الأبيض المتوسط الى بحر من النيران المستعرة.
روسيا ستطلق يد ايران في سوريا ان اضطرت للخروج منها نتيجة الحرب الدفاعية التي تقوم بها ضد اميركا واوروبا وتهديدهم الإستراتيجي لها عبر اوكرانيا.
والإتفاق النووي الأمريكي الإيراني لم يعد حاجة ايرانية لرفع العقوبات الأمريكية عنها, فبالحصار المفروض عليها عملت على تطوير نفسها, وما تحتاجه من اوروبا وامريكا بات يمكنها توفيره من الصين التي تخوض حربا باردة حاليا مع اميركا بسبب خلافها معها حول تايوان والتي في اي لحظة من اللحظات يمكن ان تتحول الى حرب ساخنة .
كل الإتفاقيات التطبيعية التي سعت اسرائيل لتكريسها مع الدول العربية لن يجعلها تمتلك مصادر القوة لأن من تتحالف معهم لا يمكن ان يحموها فهم يسعون للحصول على حمايتها ...
اسرائيل باتت اليوم تعيش وضعا صعبا فالأمور لا تجري في صالحها , والخطر الوجودي يتهددها من كل جانب , والصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة والطائرات المسيرة يمكن ان تطال كل متر مربع فيها . ومحاولة اطالة عمرها عبر استغلال الأزمة الروسية الأوكرانية لإستخراج الغاز وبيعها لأوروبا لن يجديها نفعا.
اسرائيل قد تكون قادرة على اطلاق الرصاصة الأولى ولكنها لن تستطيع تحديد مسار المعركة ان بدأتها.
وكما قال رئيس اركانها كوخافي ستواجه 6 جبهات دفعة واحدة فهل هي قادرة؟
اجراء مناورات للجيش الصهيوني في قبرص لمدة شهر لا يعني انه بات قادرا على مواجهة التحديات ومنها مواجهة قوات الرضوان او الحشد الشعبي او الحرس الثوري الذين تمرسوا على القتال الحقيقي لسنين طوال ...
حتما ان اطلق الكيان الصهيوني الطلقة الأولى فهو كمن يطلق النار على نفسه وحينها سنلتقي في فلسطين عما قريب.
بقلم: المستشار خليل محمد الخليل
نورنيوز