واندلعت انتفاضة الخامس عشر من خرداد أثر اعتقال الإمام الخميني (رض) بعد خطبته العارمة ضد نظام الشاه في يوم عاشوراء بالمدرسة الفيضية في قم المقدسة، اندلعت في قم وطهران وورامين ومدن اخرى في ايران واتسعت نطاقها حيث استدعى نظام الشاه الدبابات والمدرعات وقام بتعبئة القوات المسلحة كلها لسحق الانتفاضة وقتل الشعب.
هذه الانتفاضة اصبحت بداية لنهضة الإمام الخميني (رض) العامة ضد نظام الشاه وجرائم أميركا في إيران، وغدت مبدأ تاريخ الثورة الإسلامية.
وكان الامام الخميني (رض) قد ألقى خطابا ثوريا حماسيا قبل ذلك بثلاثة ايام وبمناسبة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام، وذلك في المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة، أماط فيه اللثام عن جرائم الشاه واسياده من الاميركان والصهاينة، ما ادى الى فوران الجماهير المؤمنة في مدينة قم المقدسة وخروجها الى الشارع في تظاهرات عارمة منددة بنظام الشاه ومعلنة تأييدها للامام الخميني (رض) وسرعان ما انتشرت الانتفاضة كالنار في الهشيم لتصل الى العاصمة طهران ومدن اخرى في ايران، لتعلن الجماهير انتفاضة شاملة تطالب بإسقاط النظام الشاهنشاهي واقامة الجمهورية الاسلامية.
وبعد ساعات قليلة امتلأت مدينة قم المقدسة بالقوات الموالية للشاه آنذاك وقامت باطلاق نيران اسلحتها على المتظاهرين المحتجين مما أدى الى سقوط العديد بين شهيد وجريح.
وفي طهران التي انطلق احرارها معلنين الثورة على نظام الشاه مطالبين باطلاق سراح امامهم الخميني (ض) فانهال المزارعون من المدن القريبة على طهران وهم يلبسون الاكفان يساندهم التجار والطلاب يرددون الشعار "اما الموت واما الخميني"، و"الموت للشاه" شعار هز عرش الشاه في طهران آنذاك فارتعد الشاه خوفا من زوال نظام حكمه وقام بإعلان الحرب على الجماهير الغاضبة وأحال مدينة طهران في يوم الخامس عشر من خرداد الى ساحة حرب بدباباته وآلياته وقواته، سقط فيها العديد من الشهداء مضرجين بدمائهم التي سالت من اجل إعلاء كلمة الحق والدفاع عن العقيدة وتأييدا للإمام الخميني (رض).
وامتد نطاق الثورة التي فجرها الامام الخميني (رض) الى كبرى المدن الايرانية مثل شيراز في محافظة فارس ومشهد في محافظة خراسان الرضوية وتبريز في محافظة اذربايجان الشرقية شعارهم اسقاط نظام الشاه واطلاق سراح الامام الخميني (رض)، فسقط العديد من ابناء الشعب برصاص قوات النظام الشاهنشاهي وألقى القبض على الكثير منهم وزج بهم جلاوزة النظام في غياهب السجون.
الملفت ان صدى ثورة "15 خرداد" تجاوز الحدود الايرانية ليصل الي خارج ايران، حيث أصدر علماء الدين في الحوزات العلمية في النجف الاشرف وكربلاء والكاظمية المقدستين بيانات تأييد للثورة الشعبية العارمة في ايران مطالبين بإطلاق سراح الامام الخميني (رض) فورا، كما أرسلت الحوزات والعلماء برقيات الى زعماء الدول الاسلامية والمنظمات الدولية طالبت فيها بإدانة الجرائم التي ارتكبها النظام الشاهنشاهي البائد ضد الشعب الايراني، وممارسة الضغوط من اجل اطلاق سراح الامام الخميني (رض).
ما اضطر نظام الشاه الى ان يرضخ امام تلك البيانات العلمائية والضغوط الشعبية، فقام بإطلاق سراح الامام الخميني (رض) في 7 نيسان/ابريل 1964، بعد اكثر من عشرة اشهر من الاعتقال، محاولة من النظام للحد من الغضب الشعبي الذي كان مستعرا ذلك الوقت.
وقد وصف الامام الخميني (رض) ثورة "الخامس عشر من خرداد" في اكثر مناسبة في كلامه وتصريحاته بأنها صنع الملاحم ويوم احياء القيم الانسانية على مر التاريخ، وقال في مناسبة اخرى: ان "الشعب العظيم بانتفاضته هذه قد عبد طريق الثورة امام الاجيال الاتية وصير ما كان محالا ممكن الوقوع".
ورغم المضايقات التي واجهها الامام الخميني (رض) وانصاره ورغم نفي الامام الخميني (رض) الا انه وبفضل شبكة متواصلة من انصاره الناشطين، كان متابعا لكل ما يجري في ايران والدول الاسلامية، فكانت خطابات الامام الخميني (رض) تصل اولا بأول الى الشعب، حتى اثمرت الجهود بعد خمسة عشر عاما، لتنتصر الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (رض). هكذا كانت انتفاضة 1٥ خرداد، البذرة والانطلاقة الاولى للثورة الاسلامية في ايران.
نورنيوز-وكالات