وهي ظاهرة تنتمي لعصر النبوة والرسالة بملامحه وقدسيته وروحانياته ومعجزاته، وسط عصر تسوده شريعة الغاب ونفاق الدبلوماسية وازدواجية المعايير والسعي لتحقيق الغايات بمعزل عن طبيعة الوسائل ومشروعيتها.
لا شك أن الإمام الخميني (رض) جاء في موعده مع قدر المنطقة التي أريد لها أن تتحول لمحمية أمريكية صهيونية، يقودها العدو الاسرائيلي تحت عنوان "اسرائيل الكبرى".
ولا شك أن نجاح الثورة الإسلامية وقيادة الإمام الخميني (رض) للمقاومة ومناهضة الاستعمار والاستكبار، تزامنت مع خروج مصر الكامل من الصراع مع الصهاينة بإتمام اتفاقية كامب ديفيد وتوقيع معاهدة السلام المزعوم، في مشهد استلام وتسلم لراية القيادة، وهو مشهد جدير بالتأمل حيث يشكل مصداقًا للمكر الإلهي المواجه لمكر الشيطان الأكبر الأمريكي.
ولعله من اللافت للنظر تاريخيًا أن طرد السفير الصهيوني من طهران كان في 18 فبراير 1979، ثم تم تسليم السفارة الى منظمة التحرير الفلسطينية في 19 فبراير، ليكون نفس تاريخ الطرد 18 فبراير من العام التالي 1980 هو تاريخ افتتاح السفارة الصهيونية في القاهرة، وهو يبدو أنه رد وإيحاء باستبدال خسارتهم للشاه بهلوي وتحويل مركز الثقل لمكان آخر!
استلمت إيران قيادة المقاومة ومناهضة الاستعمار في توقيت عصيب، أريد له أن يشهد تشكيل أكبر عمق استراتيجي للعدو الاسرائيلي، مما شكل ضربة كبرى لهذا المشروع، وقلب الطاولة على مخططيه.
عندما أعلن الإمام الخميني أمريكا شيطانا أكبر، والكيان الصهيوني شيطانا أصغر، كان يحدد بدقة السلوك والممارسة وخطورة الانصياع بل وحرمته، وقد طبق ذلك عمليًا، حيث استولت الثورة على السفارتين الأمريكية والصهيونية، وتم استبدال الصهاينة بمنظمة التحرير الفلسطينية والتي كانت عنوان المقاومة حينها.
كما احتلت قضية القدس ببعدها الديني والاستراتيجي اهتمام الإمام والثورة، وكرست يومًا عالميًا للقدس، ليتم الاحتفال به حتى اليوم في مواجهة محاولات العدو لتهويده وابتلاعه.
وتوالى دعم الامام الخميني (رض) لحركات المقاومة دون النظر لتصنيفها السياسي والمذهبي، وكان لدعم الثورة الإسلامية للمقاومة في لبنان الدور المعلوم في تحرير لبنان والدفاع عن سوريا، وإمداد فصائل المقاومة الفلسطينية بالسلاح وصواريخ الردع التي تحدد المعادلات حتى يومنا هذا.
ولم يقتصر دور الإمام (رض) على مرحلة زمنية عاصرها، أو على أحداث سياسية خاضها، بل عمل على غرس البذور التي تكفل استمرارية الثورة وتطورها وتنامي قوتها.
ولا شك أن تلامذة الإمام ورفاقه وعلى رأسهم آية العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، يشكلون مصداقا لنجاح رؤية الإمام(قدس) الإنسانية والدينية في وضع الأسس والقيم التي تكفل استمرارية الثورة وعدم انحرافها وعدم إصابتها بالشيخوخة.
يكمل سماحة الإمام الخامنئي طريق الإمام الخميني (رض) بكل أمانة وتميز، ويبدع ويجتهد ويواجه المستجدات، ولعل الشعوب ترصد التمايز بين الثورة الاسلامية وغيرها من الأنظمة الأخرى التي يحمل زعماؤها الأخطاء لمن سبقوهم، ويصبون عليهم اللعنات!
كل مراقب استراتيجي منصف، يعلم جيدًا كيف كان الوضع الاستراتيجي للصهاينة بعد كامب ديفيد، وكيف قلب الإمام الخميني(قدس) الطاولة وأجهض التمدد "الجيوستراتيجي" للعدو في آسيا وفي دول الطوق، وهو ما يجعلنا نقول باطمئنان استراتيجي أن الإمام الخميني(قدس) بمدرسته وأبنائه المخلصين، هو هادم حصن "إسرائيل الكبرى".
العهد