نورنيوز- بدأت ألينا دوهان المقرّرة الأمميّة الخاصة السبت، زيارة لإيران لتقييم الأثر السلبي للعقوبات الأحادية الجائرة المفروضة على الشعب الايراني، وتمتد الزيارة الى 18 مايو (أيار) الحالي.
تاتي الزيارة في الوقت الذي تتعالى فيه الاصوات المعارضة عالمياً رفضاً للسلوك الأحادي والابتزاز اللاإنساني عبر سياسة العقوبات ضد دول أخرى، لا سيما العقوبات التي تفرضها واشنطن، خاصة في ظلّ جائحة كورونا في العالم، وقيام الغرب في احتكارات اللقاحات، أدى إلى موت عدد لا يحصى من البشر، وكشف للعالم أبعادا أخرى للطبيعة اللاإنسانية للغرب.
في غضون ذلك، ظلّ مصير أفغانستان بعد 20 عاما من الاحتلال الغربي لهذا البلد في طي النسيان، حيث يحتاج اليوم أكثر من 20 مليون شخص من أصل 38 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية وغذائية في هذا البلد، فضلًا عن حصار غزة المستمر منذ 15 عامًا، كما كشف الوضع اللاإنساني المفروض على اليمن من قبل التحالف السعودي الأمريكي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق البشر، للعالم أجمع ما يقاسيه العديد من البشر في مواجهة العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب من قبل المتشدقين بحقوق الإنسان.
في هذا الصدد، لابد من التطرق الى عدّة نقاط بشأن اهمية وأبعاد زيارة المقررة الاممية لطهران:
أولا: السيدة ألينا دوهان هي شخص ذو مسؤولية عالمية بعيدة عن السلوكيات التمييزية والقسرية، لذلك يمكن القول أن مسؤوليتها ووظيفتها تختلف تمامًا عن مسؤولية وأداء أشخاص من قبيل جاويد رحمان، الذي يتم تعيينهم من قبل جميعة حقوق الانسان من قبل دول معينة بهدف تحقيق مآرب سياسية محددة ومغرضة.
وتجلّت هذه المفارقة بشكل واضح عندما شهدنا المتشدقين بحقوق الإنسان المعينين من قبل الممثل الخاص لمجلس حقوق الإنسان في بلدان معينة، لا يدينون ويرصدون القمع والجريمة والحرب التي يشنها الغرب على المسرح العالمي من أفغانستان والعراق إلى سوريا، وحتى اليمن والدول الإفريقية، وحتى التمييز العنصري واللاإنساني الذي يحدث في المجتمعات الغربية، بما في ذلك في أمريكا، ويقفون موقف المتفرج من كل مايحدث.
هذه الازدواجية والسلوكيات التمييزية هي التي دفعت العالم إلى الترحيب بحضور شخص مثل السيدة دوهان، وهي شخص ذو مسؤوليات عالمية.
ثانياً: يعكس سجل السيدة دوهان خلال السنتين اللتين قضتهما في المنصب نهجا احترافيًا وتفاعليا للغاية وجادا في التفكير العقلاني بعيدا عن النوايا السياسية أحادية الجانب، في مواجهة العقوبات والسلوك القسري الأحادي ضد البلدان في أي مكان من أنحاء العالم.
منذ تعيينها في سبتمبر 2020، زارت قطر وفنزويلا وزيمبابوي، على الرغم من ظروف جائحة كوفيد -19.
حيث دعت دوهان، على سبيل المثال، في أول بيان علني لها منذ تعيينها في 3 أبريل 2020، الحكومات على رفع جميع العقوبات التي تعيق الاستجابة الإنسانية للحكومات الخاضعة للعقوبات في مواجهة وباء كوفيد -19 لحماية أرواح مواطنيها.
وأشار البيان أيضاص إلى العقوبات الجائرة المفروضة على إيران وفنزويلا وكوبا وسوريا واليمن، وشددت على الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
النقطة المهمة هنا هي الأداء العملي للسيدة دوهان، والذي أظهر عمليًا أنها تسعى إلى رصد الانتهاكات في الدول ردا على الإجراءات القسرية الأحادية والمتحيزة. وفي هذا السياق، قامت السيدة دوهان بأول زيارة لها إلى قطر في نوفمبر 2020، وبحسب المقررة، فإن الإجراءات القسرية التي فُرضت على قطر بين عامي 2017 و 2020 تعتبر "إجراءات قسرية أحادية الجانب" لأنها اعتمدتها دول بدون تفويض من مجلس الأمن بموجب المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما زارت فنزويلا في الفترة من 1 إلى 12 فبراير 2021 ، وأوضحت في تقريرها كيفية فرض عقوبات جائرة على صناعات النفط والذهب والتعدين، والحصار الاقتصادي، وتجميد أصول البنك المركزي الفنزويلي، والعقوبات الموجهة ضد هذا البلد ومواطنيه وشركاته، والتبعات المدمّرة لهذه العقوبات.
كما أجرت جولة فاحصة في زيمبابوي في الفترة من 17 إلى 28 أكتوبر 2021 وقدمت تقريراً عن العقوبات المفروضة على الأشخاص الحقيقيين والاعتباريين في البلاد، فضلاً عن العقوبات الثانوية التي تسبّبت بتداعيات كبيرة على حياة المواطنين.
إن مراجعة هذا السجل تظهر بوضوح الطبيعة الإنسانية والمهنية والمنطقية لدوهان واختلافه مع أمثال المتحيّز جاويد رحمان، الذي دائما ما يتخذ نهجا متحيزا وسياسيا لصالح الجانب الآخر، مستشهداً بتقارير ومزاعم الإرهابيين (زمرة خلق المعادية للشعب الايراني) الذين تلطخت أيديهم بدماء 17 ألف إيراني، أو أولئك الذين زودوا صدام بأسلحة الدمار الشامل ضد الشعب الإيراني خلال ثماني سنوات من الحرب المفروضة، أو الذين فرضوا أشد عقوبات على إيران منذ أربعة عقود، حتى في مجال الطب.
ثالثا: فقد الغرب منذ سنوات عديدة عصا الحملات العسكرية التي كان يلوّح ويضرب بها كلّما غرّدت احدى البلدان خارج السرب الذي يقوده، ولهذا غيّر نهجه من الغزوات العسكرية والاستعمارية الى سوط العقوبات والاجراءات السياسية القسرية بحق الشعوب. حيث يسعى من خلال هذه الأداة الجائرة لزيادة الضغوط على شعب بلد ما لإضعاف السلطة فيه وإسقاطها في نهاية المطاف، وإحدى الادوات الخفّية التي يستخدمها الغرب في هذا الصدد هي أداة حقوق الانسان، حيث يكلّف أشخاصا يرتدون عباءة الدفاع عن حقوق الانسان لإظهار نفسه الرائد في هذا المضمار، ولإدانة الدول التي لا تسير على خطاه.
لهذا شهدنا مؤخراً، موجة قلق عارمة اعترت الدول التي تفرض الحظر الجائر على ايران بشأن زيارة المقرّرة الأمميّة الخاصة لطهران، قلق ناجم عن مخاوف الغرب من فضح طبيعة الحظر القسري والجائر الأحادي المفروضة على الشعب الايراني.
نورنيوز