وفي مقابلة مع وسائل إعلام بولندية، تابع زيلنسكي: "أعلم على وجه اليقين أننا بحاجة إلى ضمانات أمنية، وأعرف بالضبط ما نحتاجه، ونريد أن نطلب ما نحتاجه بالضبط.. وأهم شيء هو الناس (المقاتلون) وفي الموعد".
وأضاف الرئيس الأوكراني: "مهما بدا الأمر وقحا، أعتقد أنه بالنسبة لنا، يجب أن تكون الضمانات الأمنية في صيغة: الناس (المقاتلون) ـ الموعد".
وشدد على أن مثل هذه الآلية (الضمانات الأمنية) "يجب أن تكون متواجدة في أجزاء معينة من أوروبا" وقارن هذه الاتفاقيات مع هاتف الطوارئ 911، والذي سيوفر مساعدة فورية.
في الوقت نفسه، قال زيلينسكي "إن هذا ليس نظيرا لحلف الناتو، مضيفا أن هذه الآلية هي إجراء موازي لا يمكن مقارنته بالحلف".
على المستوى التطبيقي، يُعتبر هذا الكلام للرئيس زيلنسكي مؤشراً على الوضعية التي وصلت اليها القوات الأوكرانية، سيما بما يرتبط بالتناقص المتزايد لأعداد المقاتلين الأوكرانيين الذين يخرجون من الخدمة، ربطاً بالعدد الكبير من القتلى والجرحى سواء على خطوط القتال الأمامية او الذين يُقتلون في القواعد والمنشآت العسكرية التي يستهدفها الجيش الروسي بكثافة في مختلف أراضي أوكرانيا.
كلام الرئيس زيلنسكي يتطابق مع كلام العديد من المحللين الغربيين الذي بات بعضهم يجاهر بالمصاعب التي بدأ الجيش الأوكراني يتعرض لها في الدونباس تحديداً، حيث يتموضع بين 60 الى 70 الف جندي اوكراني يمثلون نخبة القوات الأوكرانية في مستوى التدريب والخبرة وفي نوعية الأسلحة الموضوعة بتصرفهم، إضافة الى الطرازات المتطورة من أجهزة الإتصال وأدوات الحرب الإلكترونية المختلفة، ومع ذلك فإن الكثير من الأفلام المسرّبة تُظهر اعداداً كبيرة من الجنود الأوكرانيين القتلى والتي صورها رفاق لهم بعد تعرض مواقعهم للقصف الروسي.
الملفت للنظر ان الجيش الروسي بات يُعلن عن عدد الأهداف التكتيكية بعد ان اقتصر الإعلان عن اهداف ذات طابع استراتيجي وعملياتي في الفترة السابقة. والهدف من الإعلان عن استهداف الأهداف التكتيكية هو برأيي نوع من الإشارة الى حجم خسائر الجيش الأوكراني.
من يتابع جبهة الدونباس يُدرك انّ الجيش الروسي بات يقاتل بنمط مختلف عن أنماط الإندفاعات الأولى، والتي شكّلت الإندفاعات السريعة أساسها، ولم تصل الى تحقيق الصدمة والترويع بالجيش الأوكراني، لكنها لم تؤدي الى تحقيق الهزيمة في وحدات الجيش الروسي، والمؤشر الأهم للدلالة على الأمر هو إعادة الوحدات الروسية تموضعها بعد الانسحاب من جبهتي كييف وتشيرنيغوف، وهي إعادة تموضع تمّت في أوضاع طبيعية، وكأن الجيش الروسي في مناورة وليس في الميدان العسكري المعقد حيث لم تتعرض هذه الوحدات لأي هجمات مضادة، ما يعني ان الجيش الأوكراني فقد القدرة على الحركة والمناورة والقتال كجيش نظامي وما يؤكد هذه الأمور تصريح الرئيس الأوكراني اليوم حول الحاجة الى مقاتلين أجانب.
في جبهة الدونباس يستهدف الجيش الروسي يومياً بين 1000 الى 1200 هدف معظمها على الحدّ الأمامي المباشر، والباقي مراكز قيادة أساسية وليس فرعية ومستودعات وقود وذخيرة لتحقيق الهدف الروسي الموضوع على رأس قائمة الأولويات وهو تجفيف قدرات الجيش الأوكراني من الذخائر والوقود ومختلف أنواع المؤن.
البعض من الخبراء المعادين لروسيا يسوّق لفكرة ان الجيش الروسي عاجز عن تنفيذ المناورات العميقة، وبالتالي سيعرضه هذا الأمر لفشل ذريع ومنعه من تحقيق أهدافه، في حين ان العمليات التي تحصل في الدونباس تؤشر الى غير ذلك، حيث من المتوقع ان نشهد ابتداء من اول شهر أيار/ مايو المقبل نتائج واضحة في معارك إقليم الدونباس، مع تقديري بأنّ امراً ما يُخبأ لروسيا ويمكن ان يضع الف جندي روسي في الأسر وهم القوة الروسية المتمركزة في ترانسنيستريا للمقايضة عليهم بعملية تبادل مع مقاتلي آزوف المحاصرين في معامل آزوف ستال ـ ماريوبول مع مجموعة من الخبراء الأجانب.
على المستوى العملي لا اعتقد ان روسيا تربط وجودها في الدونباس بأي تحول آخر مهما كان صغيراً او كبيراً، لأن الأولوية وضعت وهي تحرير كامل الدونباس مع الإشارة الى ان الأمر ليس مرتبطاً بتوقيت محدد أي 9 أيار موعد الإحتفال بذكرى الإنتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية، وهو ما تحاول الأجهزة الإعلامية الغربية تصويره وتقديمه للرأي العام العالمي بأن روسيا فشلت في تحقيق أهدافها.
العهد