فيما يلي نصّ الحوار:
- كيف تقيمون اليوم أهمية يوم القدس العالمي في ظل التطورات الحالية في القضية الفلسطينية؟
(يوم القدس العالمي) الله ما أجمل هذا الاسم...! لقد نطق الرحمن على لسان ولي من أوليائه الصالحين عندما أطلق الإمام الخميني (ره) هذا الاسم على آخر جمعة من شهر رمضان. لقد ذكّر الإمام الأمة الإسلامية والعالم بقضية كادت تصبح طي النسيان، فكان الإمام أول من تجرأ وصحح البوصلة وذكّر بالقضية الفلسطينية في زمن انتشار الظلم والاستبداد عندما أشرق نور الجمهورية الإسلامية وسط هذا الظلام، فأضاء الإمام شمعة من قبس هذا النور بتخصيص هذا اليوم للقدس، علّها تصبح يوما شرارة تحرق الغاصبين والمحتلين، كما حصل ذلك بالفعل عندما تصدى فيلق القدس لدعم المقاومة.
-في ضوء تسارع وتيرة عملية التطبيع لبعض الأنظمة مع العدو الصهيوني، ما تأثير يوم القدس وانتفاض الشعوب في هذه المناسبة في التصدي لمشروع التطبيع؟
للأسف في فترة من الزمن تسارعت وتيرة التطبيع مع العدو الصهيوني من قبل بعض حكام وحكومات الأعراب المتصهينين، وتم التطبيل لذلك والترويج له إعلاميا على أمل حرف البوصلة وتزوير الحقائق، وخلق عدو وهمي آخر غير العدو الإسرائيلي، لكنها كانت مجرد فقاعة في هواء انتهت بتضامن الشعب الفلسطيني وقوى ومحور المقامة، وكانت معركة سيف القدس التي أعادت الأمور إلى نصابها، وذكّرت الشعوب بالقضية، وصححت البوصلة من جديد، ويوم القدس العالمي أيضا له دوره الريادي في التذكير بالقضية، وتحجيم هذا التطبيع وإبطال آثاره، ويعلمنا أن التطبيع مع العدو خيانة وجريمة لا تُغتفر؛ بل كل حركة وكل فعل وكل قول يمكن أن يكون له دوره في تحجيم هذا التطبيع وآثاره، ويُعتبر خطوة إلى الأمام في سبيل تحرير القدس. أما المطبعون فسيشهد القاصي والداني يوما ما أنهم إلى مزبلة التاريخ.
لقد أدركت أمريكا والصهيونية والاستكبار العالمي خطورة الجمهورية الإسلامية عليهم وعلى مصالحهم في المنطقة منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة... خصوصا عندما اقتحم ثلة من الشبان الثوريين على وكر التجسس الأمريكي في طهران، وتحويل السفارة الإسرائيلية إلى السفارة الفلسطينية، ومن ذلك أيضا يوم القدس العالمي الذي طرحه الإمام الخميني (ره)، وأسبوع الوحدة الإسلامية، و... خلاصة الأمر؛ لم يترك الإمام الخميني (ره) شيئا أو فعلا أو قولا أو مناسبة إلا أظهر فيها عداءه للأمريكان والصهاينة والاستكبار العالمي وبكل جرأة وحزم وعزم، وأكد أن القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى قضيتنا وبوصلتنا، وذكّر بمظلومية الشعب الفلسطيني. وكذلك حذى حذوه ابنه البار وساعِده وعضده الإمام المفدّى الإمام الخامنئي حفظه الله، فهو ابن تلك المدرسة التي تخرج منها الإمام الخميني (ره) لذلك لٔقب بقائد الثورة الإسلامية، فكيف لا يتبنى القضية الفلسطينية وتحرير القدس والمسجد الأقصى؟! وكيف لايتبنى نصرة المستضعفين أينما كانوا؟! والواقع يشهد بذلك... ألم يكن دعم فيلق القدس _ المتمثل بالشهيد قاسم سليماني _ اللامتناهي للقضية الفلسطينية تحت ظله ورعايته حفظه الله؟! ألم تكن نصرة المظلومين والمستضعفين من لبنان إلى العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى نقاط مختلفة من العالم تحت ظله ورعايته؟! نعم كما قال سماحة السيد حسن نصر الله عنه إنه (عمود الخيمة). اللهم فخذ عمري وامدد في عمره الشريف إلى حين تسليم الراية إلى صاحب الأمر في المسجد الأقصى.
- كيف تنظرون الى دور الشهيد سليماني ورفاقه في دعم فلسطين؟
لم يعد خافيا على أحد دور فيلق القدس المتمثل بالشهيد قاسم سليماني في دعم القضية الفلسطينية والقدس اللامتناهي، سواء على الصعيد المعنوي أم على الصعيد المادي واللوجستي، وذلك باعتراف العدو قبل الصديق؛ بل العدو يعلم أكثر من الصديق مقدار هذا الدعم، وكلنا أصبح يعلم كيف ساهم الشهيد قاسم سليماني في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية بغض النظر عن توجهاتها الدينية والسياسية، كيف كان ينقل الخبرات إليهم، وكيف كانت الصواريخ والأسحلة تنقل إليهم... ولم تمتد إليه يد الغدر والخيانة إلا لدوره الفاعل في القضية الفلسطينية إلى درجة أن الأمريكان والصهاينة وأعوانهم من الأعراب المتصهينين استشاطوا منه غضبا، ولم يعودوا يتحملون وجود مثل هذا الرجل الشجاع، فقتلوه غدرا وخداعا لأنهم لم يستطيعوا مواجهته وجها لوجه، فأثبتوا بذلك أنهم جبناء وضعفاء، وأن الشهيد سليماني بما يمثل أقوى وأعلى وأشرف من أن ينالوا منه؛ بل لا يقاس غبار حذائه بأمثالهم. لذلك استحق لقب (شهيد القدس) بجدارة. فالسلام على ذلك الكف الذي يذكرنا بكف العباس عليه السلام، والسلام على تلك الأشلاء التي تذكرنا بأشلاء الإمام الحسين عليه السلام، والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
- ماهي رسالتكم بمناسبة يوم القدس العالمي؟
نحن اليوم وفي ظل هذه الفتن _ كقطع الليل المظلم _ بأمسّ الحاجة للتمسك بهذا اليوم أكثر من أي يوم مضى خصوصا مع محاولة الاستكبار العالمي حرف البوصلة مجددا من خلال التطبيع مع الدول العربية، وخلق عدو وهمي بدلا من العدو الصهيوني، وفرمتة الذاكرة العربية والإسلامية الضعيفة، لذلك فإن رسالتنا لهؤلاء وأمثالهم هي أننا متمسكون بهذا اليوم وبكل ما يذكّر بالقدس وفلسطين ومظلومية الشعب الفلسطيني، وشعارنا (القدس والمسجد الأقصى بوصلتنا إلى حين تحرير آخر شبر من الأرض المحتلة).
وكما قال الإمامان الخميني والخامنئي؛ سوف يأتي اليوم الذي نتخلص فيه من الغدة السرطانية، ونصلي في المسجد الأقصى صلاة الوحدة... هو وعد إلهي: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
نورنيوز