نورنيوز- عُقد مؤخراً اجتماع في بكين وآخر في لندن سلط كل منهما الضوء على الوضع في أفغانستان، حيث أبدى المشاركون قلقهم إزاء الوضع السياسي والاقتصادي غير المستقر في هذا البلد، وبحثوا آليات تقديم المساعدة الفورية للشعب الافغاني.
فمن جهة عقدت الدول المجاورة لأفغانستان في الصين الاجتماع الثالث على مستوى وزراء الخارجية، ومن جهة أخرى، عقد اجتماع افتراضي في لندن لجمع مساعدات لكابول.
تزامن انعقاد الاجتماعين وما تمخّض عنهما كشف عن "اختلاف شاسع في الرؤية" تجاه الأزمة الأفغانية.
حيث أكد "اجتماع بكين" الذي حضره وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان، على الحاجة إلى حكومة شاملة، كما شدّد الاجتماع على أنه لم ولن ينعقد لاتخاذ قرار نيابة عن الشعب الأفغاني، ولكن بهدف تسريع عملية تقريب الأطراف الافغانية من بعضها لتشكيل حكومة شاملة.
كما أبدى الحاضرون قلقهم خلال اجتماع بكين إزاء تفاقم حالة انعدام الأمن في أفغانستان بسبب وجود الجماعات الإرهابية والفقر الذي يفرضه المحتلون على هذا البلد، وشددوا على ضرورة تحقيق الأمن الشامل في أفغانستان، الأمر الذي ينعكس على الأمن المستدام في المنطقة.
وفي إطار تنقيبهم حول جذور الأزمة الإنسانية في أفغانستان، أكد المشاركون في اجتماع بكين على ضرورة تقديم مساعدات غير مشروطة لشعب أفغانستان على الفور، وذكروا أن هذه هي الأولوية الأولى للدول الجارة لأفغانستان.
وفي الوقت نفسه، سلّط الاجتماع الصيني الضوء على أوضاع اللاجئين الأفغان، ودعا الجميع إلى معالجة فورية وشاملة لهذه القضية لتجنّب تفاقمها.
كما شدّد اجتماع بكين على أن المخاوف بشأن الوضع السياسي والاجتماعي في أفغانستان الخاضعة لسيطرة طالبان، يجب ألا تكون رادعا لتقديم المساعدة الإنسانية لشعب هذا البلد الذي يمرّ بأزمة.
أمّا في اجتماع لندن الذي انعقد بحسب القائمين عليه بهدف تقديم المساعدة المالية لأفغانستان، قال الأمين العام للأمم المتحدة انتوني غوتيريش، إن 95٪ من الأفغان ليس لديهم ما يكفي من الطعام ليأكلوه.
مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة جاءت في تصريح له يوم الخميس المنصرم خلال اجتماع لندن الذي انعقد افتراضياً، حيث قال: إن تقديرات اليونيسف تشير إلى أن حوالي مليون طفل أفغاني يعانون من سوء التغذية الحاد معرضون لخطر الموت، وقال إنه بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن أسعار المواد الغذائية في العالم ترتفع بشكل حاد، وأن هذه الكارثة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على توفير المساعدات الغذائية لشعب أفغانستان، وتابع مشيراً إلى آثار احتجاز الأصول الافغانية التي تقدّر بـ 9 مليارات دولار من قبل واشنطن، ودعا إلى إعادة النظر في هذا الإجراء.
ودعت الأمم المتحدة إلى تقديم 4.4 مليار دولار كمساعدات لأفغانستان، وأعلن الحاضرون عن استعدادهم لتقديم 2.4 مليار دولار من التمويل المشروط لعام 2022 وحده.
كما حاول المشاركون في هذا الاجتماع إخفاء الآثار المدمرة لعشرين عاما من الاحتلال على الاقتصاد والسياسة والأمن والثقافة في أفغانستان، وإعلانها سبب الأزمة الحالية في هذا البلد.
من جانبها، ألقت وزيرة الخارجية البريطانية إليزابيث تراس، باللوم على "استيلاء طالبان على السلطة بالقوّة" فيما وصلت إليه الأزمة الحالية في البلاد، ولم تشر إلى الوجود العسكري للمحتلين منذ 20 عاما، بمن فيهم البريطانيون، في أفغانستان وآثاره المدمرة على التخلف في هذا البلد، كما تجنّبت الاطراف الغربية المشاركة في اجتماع لندن ما تطرّق له أمين عام الامم المتحدة بشأن احتجاز أموال الشعب الافغاني من قبل واشنطن.
ومن القضايا الأخرى الجديرة بالذكر في اجتماع لندن عدم الإشارة إلى أزمة اللاجئين الأفغان، واتخاذ الإجراءات اللازمة لها باعتبارها إحدى المشاكل الرئيسية لمواطني هذا البلد اليوم.
وأعلنت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مرارا وتكرارا أن الدول الغربية، وخاصة بريطانيا وفرنسا، استضافت اللاجئين الأوكرانيين بأسهل القواعد، لكن آلاف الأفغان الذين يتمتعون بوضع مماثل كانوا في أكثر الأوضاع الإنسانية خطورة خلف بواباتهم منذ شهور، وانتهى الاجتماع بعدم اتخاذ أي إجراء تقريبا لدعم اللاجئين الأفغان.
ولو أجرينا مقارنة بين اجتماعي بكين ولندن حول أفغانستان مرة أخرى، لتبيّن لنا أن مشاكل المنطقة، بما في ذلك أفغانستان، لا يمكن حلها من قبل الحكومات نفسها التي تسببت في الأزمة للشعب الأفغاني.
حيث أكدت أجندة كل من اجتماع الدول المجاورة لأفغانستان في بكين والاجتماع الغربي في لندن، حقيقة أن الشعب الأفغاني المضطهد لا يستطيع الاعتماد على الحكومات الغربية لحل مشاكله.
حيث تمخّض اجتماعي الدول المجاورة لأفغانستان في بكين وطهران عن التوصل الى خطوات مهمة لتسريع عملية تشكيل حكومة شاملة، والوفاء بالمطالب الاجتماعية للشعب الأفغاني، وتعاظم الآمال في تسريع عملية الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد والحد من المشاكل التي يعاني منها الشعب الأفغاني بسبب عقدين من الاحتلال الغربي.
نورنيوز