نورنيوز- قبل انطلاق الجولة الجديدة للمفاوضات بين ايران ومجموعة 4+1 في عهد الحكومة الايرانية الثالثة عشرة، أطلق مصطلح "الاتفاق المؤقت" وتداولته وسائل الإعلام الأمريكية وبعض الخبراء السياسيين الغربيين على نطاق واسع.
بالتزامن مع تكرار استخدام هذا المصطلح بشكل واسع من قبل مكنة الاعلام الغربية، أُطلق مصطلح "السقف الزمني" باستمرار أيضاً في ضوء المفاوضات الجارية في فيينا.
لكن المثير للسخرية هو الكذبة الكبيرة التي اتبعها الجانب الغربي المتمثلة في اتهام ايران بمحاولة المماطلة لكسب المزيد من الوقت حتى يتسنى لها الحصول على السلاح النووي، وجاءت هذه المراوغة الغربية التي روّج لها بشكل كبير في الاجواء الاعلامية الغربية فيما كانت المفاوضات جارية في فيينا في إطار هجمة نفسية هادفة، ترتكز هذه الهجمة على تعزيز التصور الأمريكي بأن؛ هناك حد زمني بسبب نية إيران أن تستغرق وقتا للوصول إلى أكبر مستوى من التقدم النووي للتوصل إلى اتفاق دائم، لذلك يجب أن تبحث عن "أفق مؤقت" لجعلها قضية ذات مصداقية.
وفي الوقت الذي خرجت فيه أنباء متكررة من قاعة مفاوضات فيينا عن إصرار إيران على رفع العقوبات واستيفاء حقوقها الاقتصادية، وكذلك ضرورة التحقق من رفع العقوبات وتقديم ضمانات من قبل امريكا، أعطت زيارة الرئيس الايراني آية الله رئيسي لروسيا مسوغاً جديدا لوسائل الإعلام الأمريكية لإحياء مصطلح "الاتفاق المؤقت" مرة أخرى.
حيث نقلت شبكة إن بي سي أمس، عن عدد من المسؤولين الأمريكيين، أنه خلال زيارة آية الله رئيسي لروسيا، اقترحت موسكو على طهران وبدراية الجانب الامريكي صفقة نووية مؤقتة مقابل فرض بعض القيود النووية، واستفادة ايران من رفع بعض العقوبات.
تتواصل هذه الحملة الإعلامية الأمريكية في وقت أكدت فيه إيران مرارا وتكرارا أنها لن تقبل أي اتفاق مؤقت، وتسعى فقط إلى اتفاق موثوق ودائم.
تثير محاولة أمريكا والغرب في الترويج لمصطلح "الاتفاق المؤقت" سؤالا يمكن الإجابة عليه لتحديد المواقف الحقيقية لأطراف التفاوض في فيينا.
وبصفة ان امريكا هي من انتهك الاتفاق النووي، وهي التي وجّهت ضربة قاسية للاتفاقية بفشلها في الوفاء بالتزاماتها، أصبحت الآن المدعى عليه الأول في الوضع الراهن وسيتعين عليها بطبيعة الحال دفع أغلى ثمن مقابل ذلك، لإعادة بناء ما دمرته.
على الرغم من أن إدارة بايدن دخلت المفاوضات تحت شعار العودة إلى الاتفاق النووي واستعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الانسحاب الأمريكي، ولكن بسبب الإستراتيجية الأمريكية المخاتلة لمواصلة الضغط الأقصى على إيران وبسبب الضغوط التي تمارس عليها في ذات الوقت من قبل الجمهوريين المتعطشين لإفشال احياء الاتفاق، تحاول ادارة بايدن تحقيق إنجاز دراماتيكي في إطار شعاراتها الانتخابية.
في الواقع تريد إدارة بايدن متابعة هذه الاستراتيجية على حساب إيران.
إن اتهام إيران بإضاعة الوقت ومحاولة بلوغ نقطة شائكة في التقدم النووي، إلى جانب إثارة قضية اتفاق مؤقت، له هدفان رئيسيان:
أولا: تملّص أمريكا من التزاماتها في الاتفاق والحفاظ على هيكل العقوبات، ورفض فكرة الخضوع للتحقّق وتقديم الضمانات لايران.
ثانياً: تقديم بعض الحوافز المالية المحدودة والمؤقتة لطهران مقابل قبول التزامات تعادل وقف الأنشطة النووية الإيرانية.
من الجليّ جداً أن الجمهورية الاسلامية ليست مستعدة حتى لقبول اقتراح بهذه المواصفات، ناهيك عن الدخول في مفاوضات تترافق مع مثل هذه النوايا.
دخلت مفاوضات فيينا بين ايران والقوى الكبرى مرحلة حساسة وحاسمة للغاية، وتعتمد نتيجتها بالكامل على القرار والارادة الامريكية في حال كانت جادة.
إذا كانت حكومة بايدن لا تستطيع أو لا تريد العودة إلى التزاماتها وقبول الحقوق المشروعة وغير القابلة للمساومة للشعب الإيراني، فيجب عليها الآن أن تكون مستعدة لقبول المسؤولية عن دورها في فشل المفاوضات، إضافة إلى تحمّل مسؤوليتها في عرقلة التوصل الى تفاهم في فيينا من شأنه أن يعيد جسد الاتفاق النووي الى الحياة.
نورنيوز