نورنيوز- انطلقت مناورات "الحزام الأمني البحري 2022" يوم الجمعة 21 يناير/كانون الاول 2022 بمشاركة وحدات سطحية وجوية من القوة البحرية الإيرانية والقوة البحرية للحرس الثوري ووحدات بحرية من روسيا والصين في شمال المحيط الهندي، لترسم أبعاداً جديدة للتعاون العسكري في المنطقة.
لا يمكن المرور بهذه المناورات في هذا التوقيت الحساس بالذات مرور الكرام، إذ سيسأل من هو غير متخصص في هذا المجال عن أهمية هذه التمرينات المشتركة وعن الرسائل التي تحملها، وما هي أهدافها؟
لنكون صريحين من أول الكلام، لا يمكن اعتبار قدرات وإمكانات البحرية الإيرانية اليوم مجرد قوّة إقليمية فحسب، بل غدت قوّة لها ثقلها على الساحة الدولية، مما مهّد الطريق للجمهورية الاسلامية لإضفاء الطابع المؤسسي على العلوم البحرية المحلية على الرغم من العقوبات والضغوط القصوى، وهو ما حوّل البحرية الايرانية الى جانب تمكّنها من صيانة وإعادة تصنيع المدمرات البحرية الى احد البلدان المصنّعة للمدمرات العملاقة، مدمّرات جابت المحيطات والممرات المائية الدولية بنجاح.
دور البحرية الإيرانية في استتباب الأمن الإقليمي لا يمكن إنكاره، ومن أبرز الامثلة على ذلك هو احتجاز السفينة البريطانية بسبب التلوث البيئي، ومنع سرقة الناقلات من قبل الامريكان.
النقطة المهمة هي أن مشاركة إيران في هذه المناورات، خلافاً للتدريبات البحرية التي تجري في دول جنوب الخليج الفارسي والتي تعتمد على الآليات العسكرية المستأجرة والمشتراة من الدول الاخرى، كانت باعتمادها على أسلحة وقوات بحرية محلية الصنع، قطعات بحرية أثبتت جدارتها خلال مناورات الرسول الاعظم 17 التي اجراها الحرس الثوري والمناورات المشتركة بين ايران وروسيا والصين.
قوّة اعترف بها حتى ألد أعداء إيران، حيث أقرّوا بالقوة الوطنية للبحرية الإيرانية إلى جانب القوات البرية والجوية والدفاعية، وباتوا على يقين بأن أي عمل ضد ايران يعادل الحرب التي سترسم ملامحها ايران وتحدّد نهايتها.
على الجانب الآخر؛ يمكن اعتبار هذا التمرين كحلقة تكميلية في العلاقات الاقتصادية والسياسية التي وصلت إلى مستوى عالٍ خلال زيارة وزير الخارجية أمير عبد اللهيان للصين وزيارة آية الله الرئيسي لروسيا.
يقتضي تحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية ضمان الأمن الشامل والمستدام، وهذا التقارب الأمني ضروري في وقت يتصاعد فيه خطر الإرهاب وزعزعة الغرب للأمن العالمي.
في الحقيقة ماتزال التجارة البحرية هي الطريقة الرئيسية التي تقوم عليها التجارة الدولية، لذلك فإن التقارب الأمني في المجال البحري ضروري لمكافحة القرصنة والإرهاب البحري، بالتالي يمكن القول أن أهداف المناورات المشتركة بين ايران وروسيا والصين لا تنحصر في المجال العسكري فقط، إنما بهدف تحقيق الأهداف والاتفاقات الاقتصادية للدول الثلاث وحتى في بعد أوسع من ذلك بكثير، بُعد سيخدم اتفاقية شنغهاي وغيرها العديد من الاتفاقيات الاخرى.
كما يمكن اعتبار هذه المناورات على أنها علامة أخرى على حدوث تغيير في هيكل النظام الدولي، الأمر الذي يكشف عن أبعاد جديدة تشير إلى نهاية الأحادية الأمريكية في الأمن الدولي.
من خلال ادعاء القوة البحرية المتفوقة، أصبحت الولايات المتحدة عمليا تشكّل تهديدا لبقاع أخرى من العالم، وفقًا لذلك، يمكن اعتبار التدريبات المشتركة بين إيران وروسيا والصين كقوى ناشئة ضد الأحادية الأمريكية قد حددت اتجاها جديدا في الأمن الدولي يمكن أن يعبّد الطريق لأمن مستدام في النقل والتجارة البحرية.
كما تجلّى دور إيران في هذا النظام البحري الجديد بشكل أوضح حتى عندما لم يجرؤ حتى ترامب على اتخاذ أي إجراء ضد ناقلات النفط الإيرانية لدى إرسال شحنات وقود من إيران إلى فنزويلا، واعترف العالم بأن القدرة البحرية الإيرانية أرغمت أمريكا على التزام الصمت والتراجع.
علاوة على ماسبق، يبعث هذا التمرين البحري الثلاثي رسالة واضحة مفادها أن العقوبات لن تنجح وأن سياسة الضغوط القصوى ستفشل، كما أنها تبعث برسائل أخرى إلى الحاضرين في مفاوضات فيينا مفادها أن الغرب لا يمكنه تقديم مزاعم كاذبة مثل انتهاء المفاوضات أو التلويح بالحرب العسكرية لإرغام ايران على الخنوع لمطالبها المسرفة.
نورنيوز