نورنيوز- يتوجه رئيس الجمهورية آية الله السيد ابراهيم رئيسي، يوم الاربعاء (18-1- 2022)، الى موسكو في زيارة رسمية تلبية لدعوة من نظيره الرروسي فلاديمير بوتين.
ومن المقرر ان يعقد آية الله رئيسي خلال زيارته لموسكو اجتماع قمة مع الرئيس الروسي.
ويتضمن برنامج زيارة الرئيس الايراني التي تستغرق يومين، القاء كلمة في مجلس الدوما الروسي، ولقاء الجالية الايرانية في روسيا، وحضور اجتماع مع الناشطين الاقتصاديين الروس.
ويرافق رئيس الجمهورية في هذه الزيارة وفد رفيع المستوى يضم وزراء الخارجية، والنفط، والاقتصاد والمالية.
تحوز هذه الزيارة على أهمية خاصة لأسباب عدّة، لا سيما في المجالات التجارية والاقتصادية والسياسية والأمنية، فضلا عن تأثيراتها على التطورات الإقليمية والدولية.
كما تعدّ زيارة السيد رئيسي إلى روسيا خطوة مهمة أخرى في إطار السياسة الخارجية النشطة للحكومة الثالثة عشرة، والتي تركز على تطوير العلاقات مع الجيران في إطار نهج التكامل الإقليمي.
إن عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي، والدور الفاعل في منظمة التعاون الاقتصادي اكو، ودورها الفعال في القضايا الإقليمية، واستضافة المسؤولين وممثلي دول المنطقة، وكذلك زيارات وزير الخارجية الايراني إلى الدول العربية والصين وغيرها من التطورات المهمة، خير دليل على انجازات الحكومة الايرانية الثالثة عشر منذ توليها السلطة.
لا يرتكز نهج الحكومة الثالثة عشرة للسياسة الخارجية الايرانية على النهج الاحادي البعد، إنما يتضمن مشاركة شاملة وفعالة مع جميع البلدان، بما في ذلك دول الجوار، والشرق الأقصى، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وأوروبا.
في هذا الصدد، بلغت العلاقات الإيرانية الروسية نقطة مواتية في المجال السياسي خلال الاعوام الاخيرة، ويمكن رؤية استمرارها في التقارب الأمني الناجح، مثل إجراء مناورات بحرية مشتركة والمشاركة في مكافحة الإرهاب في سوريا.
الجدير بالذكر؛ هو أن النهج التفاعلي للدولتين تجاه الاستقرار والأمن الإقليميين، في حين أن له تداعيات سياسية، هو أيضا محاولة لمواجهة الإرهاب الاقتصادي المفروض، حيث كثف الغرب الإرهاب الاقتصادي من خلال فرض عقوبات على الدول الاخرى لعجزه عن تحقيق سياساته العدائية.
إيران وروسيا جارتان ذات إمكانات عالية ويمكنهما اغتنام الفرصة لإقامة تعاون اقتصادي طويل الأمد في مجالات الطاقة والنقل والتجارة والاستثمار، وتوسيع نطاق هذا التقارب.
في ذات الوقت، يعتبر تعاون إيران وروسيا في إطار استكمال الممر الاستراتيجي (شمال-جنوب)، والذي يمكن تحقيق جزء مهم منه، يمكن أن يؤدي إلى تحول اقتصادي كبير في المنطقة ويخلق فوائد كبيرة للبلدان لتلبية احتياجاتها الاقتصادية.
على الجانب الآخر؛ إن إنشاء ممر استراتيجي بين الشمال والجنوب يمكن أن يكمل خطة "حزام الطريق الواحد" الصينية ويخلق تآزرًا شاملاً في مجال عبور البضائع، والذي سيؤدي بدوره إلى جانب الفوائد الاقتصادية، دورا مهما في اعادة الامن للمنطقة ولجم التدخل الاجنبي فيها.
ورغم أن الاستفزازات والتدخلات الأجنبية هي من بين أسباب النزاعات والأزمات الأمنية في المنطقة، إلا أن التحديات الاقتصادية والمعيشية وأزمات الفقر في بعض البلدان في المنطقة قد وفرت أيضا فرصة جيدة لصانعي الأزمات، لإكمال دعم الإرهابيين الذين يعملون بالوكالة عن طريق جذب قوات من الدول الضعيفة.
تمتلك دول المنطقة إمكانات كبيرة لتقارب العلاقات وتطويرها، لكن سوء التفاهم والمنافسة غير البناءة أحيانا التي صاحبت استغلال أعداء المنطقة حالت دون حدوث ذلك، لذا فإن ربط مصالحها الاقتصادية يمكن أن يكون مكونا مهما في تغيير هذه الاجواء التي يحاول الاعداء استغلالها.
بتعبير أدقّ؛ يمكن أن يلعب هذا التقارب دورا حاسما في منع تكرار الصراعات مثل التوترات الأخيرة في القوقاز، وإذا تم التوصل إلى اتفاق ثلاثي لتبادل الغاز بين تركمانستان وإيران وجمهورية آذربيجان وتحسين ظروف العبور بين طهران وباكو، سينعكس ذلك بشكل كبير على الاوضاع في بين هذه الدول.
وفقا لذلك؛ من الواضح أن تطوير العلاقات بين إيران وروسيا كقطبين إقليميين فاعلين يمكن اعتباره مكونا مهما في التقارب بين دول أخرى في المنطقة وفي نفس الوقت يضر جشع الأعداء.
جانب مهم أيضاً يمكن ذكره في هذا الصدد، هو الدور الفعال الذي يمكن أن يؤديه توسيع العلاقات بين البلدين في دعم الشعوب المظلومة في المنطقة، وخاصة شعب أفغانستان المضطهد، وتعويض الجراح العميقة التي خلفها الاحتلال الغربي في هذا البلد.
التقارب الملفت في الموقفين الإيراني والروسي من الأوضاع والتطورات في أفغانستان، فضلاً عن القدرات السياسية والاقتصادية والأمنية الملحوظة للبلدين للمساعدة في إحلال السلام والاستقرار في هذا البلد المنكوب بالأزمة، يمهد الطريق لطهران وموسكو للعب دور بناء، وسيكون بالتأكيد أحد الموضوعات الهامة للمحادثات بين الرئيسين آية الله رئيسي وبوتين.
نورنيوز