معرف الأخبار : 84565
تاريخ الإفراج : 1/1/2022 12:40:20 PM
الخطوة التی غیّرت العدید من المعادلات السیاسیة والامنیة

الخطوة التی غیّرت العدید من المعادلات السیاسیة والامنیة

حمل إجراء مناورات "الرسول الاعظم (ص) 17" الفریدة من نوعها فی هذا الوقت الحساس وفی خضم محادثات فیینا رسالة استراتیجیة، مفادها أن الجمهوریة الاسلامیة الإیرانیة لن تتوانى عن استخدام قدرتها فی "المیدان" و"الدبلوماسیة" فی وقت واحد لتعزیز أهدافها وحمایة مصالحها.

نورنیوز- تمخّض إجراء مناورات "الرسول الاعظم (ص) 17" من قبل قوات حرس الثورة الاسلامیة مؤخراً، عن تحسین واختبار المستوى الدفاعی للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة بشکل کبیر، من خلال تقدیم مظاهر جدیدة لقدرات البلاد الهجومیة والدفاعیة فی المجالات البریة والبحریة والجویة والصاروخیة والطائرات بدون طیار، مناورات لا یمکن القول سوى أنها غیرت الکثیر من المعادلات السیاسیة والأمنیة فی المنطقة.

عقب انطلاق المناورات التی تعدّدت مهامها وخصائصها، صرّح اللواء غلام علی رشید قائد القیادة المرکزیة لمقرّ خاتم الأنبیاء التابع للحرس الثوری: "إذا أصبح تهدید المراکز النوویة والعسکریة الإیرانیة من قبل الکیان الصهیونی عملیاً، ستقوم القوات المسلحة على الفور بمهاجمة جمیع المواقع والأماکن والطرق والاجواء التی استخدمها العدو لتنفیذ ضربته، وطبقا للخطط العملیة المُحضّرة سابقاً.

فی الواقع، شکّلت تمرینات الحرس الثوری ردّا صارماً فی ظلّ أجواء مشحونة بالتهدیدات اختلقها العدو الصهیونی-الغربی فی الأسابیع وحتى الأشهر الأخیرة بغیة خلق جو من الخوف وعدم الاستقرار فی المنطقة، ولیحقّق مآربه فی مفاوضات فیینا، وإرغام الجانب الایرانی على الاستسلام لإسراف وإکراه الجانب الغربی فی المفاوضات.

الملفت فی هذه التمرینات المقتدرة، هو أنه علاوة على تدمیر الهدف الافتراضی لمنشأة دیمونة النوویة فی الأراضی المحتلة بمحاکاة دقیقة وحاسمة بأبعادها الفعلیة بطریقة تدریجیة، أوضح قادة القوات المسلحة الإیرانیة بوضوح کیف سترد الجمهوریة الإسلامیة بشکل حاسم على أی تهدید وعدوان.

بالتزامن، حمل موقف آیة الله رئیسی وإشادته بالمناورات أیضًا رسالة مهمة مفادها أن الحکومة الثالثة عشرة ستوظّف "المیدان" و"الدبلوماسیة" کقدرات القوّة الوطنیة فی وقت واحد لتحقیق أهداف البلاد.

وبحسب اللواء محمد باقری، رئیس هیئة الأرکان العامة للقوات المسلحة الایرانیة، فإن هذه التدریبات تعتبر من أنجح التدریبات العسکریة، حیث لاقت ردود فعل ملفتة من قبل المحور الغربی- الصهیونی.

ولو أجرینا قراءة دقیقة للمواقف التی أعلن عنها مسؤولون سیاسیون وعسکریون أمیرکیون تجاه هذه المناورات، وبحسب التقدیرات الإستراتیجیة لواشنطن، یعتقد هذا البلد أن إیران تمتلک قدرات صاروخیة عالیة السرعة وصواریخ بالیستیة لا سیما من حیث الدقة والقوة الناریة، خلقت لنفسها مکانة خاصة فی المنطقة.

إذ استطاعت قوة الطائرات بدون طیار الإیرانیة، سواء من حیث المدى الفعال أو فی مجال العملیات الهجومیة، کقوّة مکمّلة للقوة الصاروخیة، من تغییر معادلات القوة فی المنطقة بشکل استراتیجی ملحوظ.

فی ضوء ذلک، شکّل تلاحم القدرة الصاروخیة والطائرات بدون طیار والقدرات الخاصة والمُطوّرة لصواریخ «سجیل» و «قدر» وقاذفات طائرات شاهد الهجومیة الجدیدة، النقطة الذهبیة فی التمرین الأخیر الذی أکمل تقدیر العدو للمعادلة العسکریة المتغیرة فی المنطقة، وتمکّنت من ایصال رسالة ایران له على أکمل وجه.

ترسُّخ هذه القناعة لدى الأمریکیین، یتجلى بشکل أوضح عندما نعلم أن قائد منظمة القیادة المرکزیة الارهابیة الامریکیة، اعترف فی بیان أخیر له، بأن إیران أطلقت الصواریخ على کل مکان کانت تنوی استهدافه خلال الهجوم على قاعدة عین الأسد الجویة.

وأقرّ الجنرال فرانک کینت ماکنزی: "درعنا الوحید ضد الضربة الصاروخیة الإیرانیة على عین الأسد کان النقل السریع للقوات لتقلیل الخسائر الى أکبر قدر ممکن.

تشیر هذه الاعترافات؛ أن الأمریکیین باتوا یعتقدون أن ما یسمى بالعقوبات الاقتصادیة المعوقة لم تؤثر فقط على تطویر الأنشطة النوویة السلمیة فی إیران، بل زادت أیضًا من کمیة ونوعیة قدرات الصواریخ والطائرات بدون طیار لدیها، وتعاظمت امکانیات العلماء الایرانیین الشباب الذی أبدعوا فی اختراع وتطویر قدرات بلادهم.

فی المقابل؛ رفضت إیران مرارًا وتکرارًا أی مباحثات حول برامجها الدفاعیة، بما فی ذلک قطاعی الصواریخ والطائرات بدون طیار، وأعلنت صراحةً أنها لا ترغب تحت أی ظرف من الظروف فی ربط القدرة الرادعة بالإرادة السیاسیة للدول الأخرى، باعتبارها الدعامة الأساسیة لأمن الجمهوریة الإسلامیة، مؤکدةً موقفها الراسخ بشأن استحالة الحد من قدراتها الدفاعیة.

فی الأثناء، تمرّ أمریکا بأوضاع أرغمتها على الانسحاب من غرب آسیا بسبب الانهیارات الإقلیمیة المستمرة فی أفغانستان والعراق وسوریا وما إلى ذلک، وأیضًا فی إطار استراتیجیة احتواء الصین والحاجة إلى وجود أوسع فی الشرق الأقصى، وفیما تسعى إلى تنفیذ هذه الاستراتیجیة الجدیدة، تحاول بإلحاح الحدّ من دور إیران فی منطقة غرب آسیا.

وتتجلى هذه الاستراتیجیة الامریکیة بوضوح فی نقل إرهابیی الکیان الصهیونی من منطقة یوروکوم إلى سنتکام (القیادة المرکزیة الامریکیة)، والذی کان قید الدراسة منذ عام 2020 بناء على اقتراح جیش العدو الصهیونی فی وزارة الدفاع وتم تطبیقه فی ظروف جدیدة.

بالنظر إلى خطط الاحتلال الواسعة لبناء وتشغیل أنظمة دفاع جوی وصاروخی، تعتقد واشنطن أن انضمام الکیان الصهیونی إلى القیادة المرکزیة یمکن أن یملأ الفراغ الذی خلفه تقلیص القوات الأمریکیة فی المنطقة لضمان قدرات الصواریخ والطائرات بدون طیار.

توسع وجود الکیان الصهیونی فی منطقة القیادة المرکزیة، والذی یعتبر تطوراً هاماً للغایة من قبل القادة العسکریین الأمریکیین، وتکشّف ذلک بوضوح خلال الأشهر الأخیرة، لاسیما مع زیادة التعاون العسکری الأمریکی الصهیونی مع بعض دول المنطقة من قبیل الإمارات والبحرین.

بناء على ماتقدّم، یمکن التأکید على وجه الیقین أن العدو الأمریکی-الصهیونی قد توصل إلى إدراک شامل لقدرات إیران على أنها وفی ظل أقسى أنظمة العقوبات، علاوة على مقاومة ومنع الانهیار الاجتماعی والاقتصادی داخل البلاد، مع تطویر جیشها، والارتقاء باستراتیجیتها فی عالم الحرب القاسیة، فی مجال الحرب الناعمة أیضًا، وصلت إلى مستوى من القوة یمکنها معه تحویل قدراتها من "الأمن التفاعلی" إلى "التمکین الفعال".

عند هذه النقطة تحطمت جمیع حسابات البیت الأبیض وحلفائه، مما أجبرهم على الرضوخ للمنطق الإیرانی بعد أیام فقط من المحادثات الجدیدة فی فیینا.

کما سلّط النجاح الباهر لإجراء المناورات فی خضم محادثات فیینا، مع وجود تداعیات استراتیجیة مهمة لتغییر المعادلة الأمنیة فی المنطقة، الضوء أیضًا على جانب مهم من الحرب النفسیة التی یعتمدها الجانب الغربی فی محادثات فیینا، جانب تجلى بوضوح فی التلویح بالخطة"ب" المتمثّلة بالخیار العسکری لتعزیز "الدبلوماسیة القسریة" ضد مفاوضی ایران.

فی الختام یمکننا التأکید على أن مناورات الحرس الثوری الاخیرة أظهرت أن الجمهوریة الإسلامیة مستعدة تمامًا للدفاع عن مصالحها فی مواجهة أی عمل شریر، کما فعلت ذلک فی میدان الدبلوماسیة بإرادة واستعداد کافیین للتوصل إلى اتفاق جید وعادل.


نورنیوز-وکالات
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك

X
آگهی تبلیغاتی