نورنيوز- اتجه فريق التفاوض الايراني الى فيينا منذ صباح أمس الاول السبت، ووفقا للاتفاق السابق، سيبدأ مشاوراته مع مجموعة 4 + 1 اعتبارًا من يوم الاثنين 29 نوفمبر، وستسلط المباحثات على رفع الحظر الجائر عن ايران بالدرجة الاولى.
وفيما تنطلق اليوم جولة جديدة من المفاوضات النووية بين ايران والقوى الكبرى والتي تشارك فيها امريكا بشكل غير مباشر، تتراود لأذهان الرأي العام سؤال حول ما هي نية الحكومة الثالثة عشرة منذ بداية عملية التفاوض الجديدة وما هي أبعادها؟ الاجابة على هذا السؤال تتطلب جولة خاطفة لتاريخ الادارة السياسية في ايران منذ نهاية الحكومة العاشرة وحتى يومنا الراهن.
أقدمت الجمهورية الاسلامية الإيرانية على خوض المفاوضات النووية في نهاية الحكومة العاشرة نتيجة لقرار سياسي أفضى الى تجميد جزء من حقوقها النووية القانونية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
على إثر ذلك، تمخّض عن استئناف المفاوضات في الحكومة الحادية عشرة وعلى أساس النهج المذكور سالفاً إلى ظهور الاتفاق النووي الذي كان من المفترض أن يصبح نموذجًا للتسوية السلمية للخلافات بين دول العالم.
لكن الدول الغربية على رأسها أمريكا، لم تستكين ولم يهدأ لها بال، وأًصرّت على أن تمتد المفاوضات إلى قضايا أخرى، بما في ذلك سياسات إيران الإقليمية وبرامجها الصاروخية، وألحّت على إدراجها ضمن المحادثات النووية التي تهدف إلى تبديد مخاوفها بشأن برنامج إيران النووي السلمي.
ووافقت الحكومتان الحادية عشرة والثانية عشرة على توسيع نطاق المفاوضات ليشمل قضايا أخرى وأكدتا ذلك. لكن قائد الثورة الاسلامية، بحنكته وبعد نظره، أرجأ إعلان رأي إيران الرسمي بشأن توسيع نطاق المحادثات إلى قضايا أخرى حتى يتم تحديد ما سيتمخّض عن الاتفاق النووي والاطمئنان من حسن نية الأطراف الغربية تجاه ايران في المفاوضات.
صدقت تنبؤات الامام الخامنئي، وكان الزمن كفيلاً بفضح نوايا الاطراف الغربية إذ بانت فيما بعد بشكل جلي في سلوك أوباما وترامب والأطراف الاوروبية، والتي كانت فقط لزيادة الضغط على إيران وتدمير أدوات اقتدار ايران، وتبيّن أن عدم ثقة قائد الثورة الاسلامية بالغربيين نابع عن حكمة وبصيرة، وعن إستراتيجية مقتدرة.
كما أوضحنا سالفا فإن هدف إيران من الدخول في المفاوضات منذ البداية هو تذليل أثر العقوبات غير القانونية على اقتصاد البلاد، وإزالة العوائق أمام التنمية الاقتصادية ونمو البلاد.
لهذا من الجليّ جدا أن مسألة رفع الحظر الجائر غير القانوني هو أولوية إيران الأولى، ومن أجل تحقيق ذلك وافقت إيران على التنازل مؤقتا عن بعض حقوقها القانونية في الأنشطة النووية السلمية.
في الواقع دفع السلوك الغربي غير النزيه والموارب، إيران الى انتهاج استراتيجية "المقاومة النشطة" من خلال تعزيز القدرات المحلية والاعتماد على الانتاج المحلي لتحقيق النمو الاقتصادي، وبذلت جهودًا حثيثة ومكثّفة لتخفيف أثر العقوبات المفروضة على اقتصاد البلاد.
كما ان بقاء ايران في الاتفاق النووي، الذي لم تف الاطراف الغربية بالتزامتها فيه، يبعث برسالة مفادها أن إيران لا تزال مستعدة للوفاء بالتزاماتها في الاتفاق في حال التزمت امريكا والترويكا الاوروبية بتعهداتها ورفعت الحظر.
في الحقيقة ان حجم الضرر الذي تسبّبه الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي لايران كان فادحا جدا، وإن أقل تكلفة يتعين على واشنطن دفعها في الوضع الراهن، هي ضمان عدم تكرار الوضع سلوكها الخادع وإعطاء ايران ضمانات للتحقق من التزاماتها.
ان موافقة ايران على تجميد بعض حقوقها القانونية للأنشطة النووية السلمية يتعارض مع الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف الأخرى، وخاصة امريكا، وإذا لم تف الأطراف الأخرى بالتزاماتها، فلا داعي لإيران لتنفيذ برامج تقييدية، وفي المحصلة ستتمكن من استيفاء حقوقها القانونية بالكامل.
وفيما تنطلق اليوم جولة جديدة من المفاوضات بين إيران ومجموعة 4 + 1، تحاول الأطراف الغربية، وخاصة الأمريكيين، تعقيد شروط المحادثات من خلال الإدلاء بتصريحات غير عقلانية وفي بعض الحالات كانت التصريحات والتوعّدات مثيرة للسخرية وخاوية، ولا يمكن تفسيرها سوى انها تأتي في إطار التستّر على تعهداتها والتزلاماتها التي أخلّت بها.
بناء على ذلك، أجندة المفاوضات النووية، التي تبدأ يوم الاثنين 29 نوفمبر، جلية للغاية، ويمكن حصرها بـ رفع فعال ويمكن التحقق منه لجميع العقوبات المفروضة على ايران، إلى جانب ضمان عدم تكرار الوضع الراهن مقابل تنفيذ التزامات إيران المتبقية في الاتفاق النووي في الوقت المناسب.
نورنيوز