كما تأتي في وقت يحرص فيه العراق والأردن (ومعهما مصر) على توفير هامش كاف من الأمان لتنفيذ مشاريع إستراتيجية ثنائية وثلاثية.. فضلاً عن إطلاق تجارات واسعة وحرية انتقال الأفراد وتجارة الترنزيت والسياحة إلخ.. وهو ما لا يمكن توفيره مع بقاء شراذم إرهابية في جنوب سورية وشرقها.
وتأتي الزيارة بعد الإجتماع الرباعي السوري الأردني المصري اللبناني، بشأن نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسورية، ونقل الكهرباء الأردنية عبر سورية.. وهو الأمر الذي يستوجب أمناً حقيقياً مستداما، على الأقل في المناطق التي سيمر عبرها الغاز والكهرباء.. ما يستوجب تنسيقاً بين الأردن وسورية، إضافة إلى ضرورة ردع أية محاولات لتهريب المخدرات والدخان والبشر والأموال، وجميعها مصالح جوهرية راسخة أردنية وسورية، بخاصة أن تحكم الجماعات الإرهابية المدعومة رجعيا وعثمانيا وغربياً وإسرائيليا، أضر بالأمن القومي الأردني، وحدث أن تعرض أمنه مراتٍ للخطر، واستشهد بنتيجتها عسكريين وأمنيين ومدنيين أردنيين قبل الربيع الأمريكي وخلاله.
ولا بد أن التنسيق الأردني السوري الأمني والعسكري، أقل كلفة ( بالمجمل ) على الأردن من التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدول الغربية، وأدعى للارتياح الشعبي الواسع، وأقرب للموقف السيادي اللازم عند الحاجة لاتخاذ قرارات مهمة أكثر استقلالية.
والأردن المحاصر إقتصاديا وإجتماعيا، بحصار سورية والعراق ولبنان، يجد نفسه في (استراحة تنفس ) عليه استغلالها تماماً، فالمنح والقروض والمساعدات والأعطيات، لا تقي استراتيجياً من حر ولا قر، وهو ما يؤكده الواقع المعاش، فالديون باقية بل في ازدياد، والفقر صار ثقافة، والفساد ليس داخلياً بقدر ارتباطه بالخارج الذي يعمل على مأسسته وخلق وتكريس شرائح مرتبطة عضوياً به، بقدر ما تتراكم ويلات وقطيعة مع الجوار وما يتولد من تضارب المصالح، ويحول دون نمو الإنتاج بأنواعه وبخاصة الزراعي؛ الذي يطوّر المجتمع إلى منتج في سلاسل لا تنتهي، ويجعل من التعاضد الإقليمي وما يترتب عليه؛ البديل الأمثل لما هو طارئ وعابر وغير أصيل.
بغير شك؛ إن دعوة وزيارة واستقبال ونتائج زيارة العماد أيوب للأردن، فعل إيجابي بحد ذاته، يستحق البناء عليه، وتعظيم مفاعيله، وأن يصبح واقعاً استراتيجيا، وليس نتاج تحولات وتغيرات قد تتبدل.. في أي وقت أو منعطف.
بكلمات.. ليس للمنطقة من خيارات حقيقية ضامنة أفضل وأكثر سيادية واستقلالية وحرية ورفاهاً، من بعضها.. المساعدات والقروض والمنح والأعطيات قيود على ما ينبغي أن نفعله لتحقيق مصالحنا الاستراتيجية، وهي تسويغ غالباً لما يتوافق ويتساوق مع مصالح المانحين..
ليكن خيارنا البديل توطيد الصلات.. لتعظيم القدرات وإلحاق الهزيمة بتبعات التبعية.