نورنيوز- أثارت زيارة "رافائيل غروسي" مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، مساء السبت الماضي، ردود أفعال عديدة في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لأسباب مختلفة، خصوصاً فيما يتعلّق باجتماع مجلس الحكّام بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تجلّى السبب الرئيسي لردود الفعل هذه في تقرير غروسي الحاد إلى مجلس حكام الوكالة الأسبوع الماضي، تقرير زعم فيه أن عمليات التفتيش التي تقوم بها المنظمة للمنشآت النووية الإيرانية قد تراجعت بشكل كبير، ومقلق بحسب زعمه.
كما ادعى غروسي في تقريره؛ أن ايران منعت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المواقع المتعلقة بالأنشطة النووية، في وقت تواصل فيه تطوير أنشطتها النووية.
تقرير مدير عام الوكالة الدولية، وفي إطار تكراره لمزاعم اكتشاف جزيئات نووية غير معلن عنها، ذكر أن إيران خزنت 10 كيلوغرامات من اليورانيوم بنسبة تخصيب 60٪، وهو ما يتجاوز السقف المسموح به في الاتفاق النووي.
ردّا على مزاعم غروسي، أكد غريب آبادي مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنه نظرا لأن الأطراف الأخرى في الوكالة لم تف بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي فيما يخصّ حصراً رفع العقوبات عن ايران، فلا يمكن لأحد أن يطالب طهران بتعليق أنشطتها النووية بموجب الاتفاقية، إلاّ أن بعض وسائل الإعلام الغربية تكهّنت بشأن محاولة الأطراف الغربية إصدار قرار ضد الجمهورية الاسلامية في الاجتماع القادم لمجلس الحكام بهدف تشديد الضغوط على طهران.
إلاّ أن اتفاق إيران مع غروسي خلال زيارته لطهران، إلى جانب طريقة ترتيب برامج زيارته، ولقائه المنفصل مع الرئيس الجديد لمنظمة الطاقة الذرية الايرانية، عكست بوضوح نهج إيران الجديد في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكدت عزم طهران على مواصلة تعاونها مع الوكالة الدولية، ولكن بنهج مختلف وقائم على التفاعل مع هذه المنظمة الدولية في اطار الاعتبارات القانونية والتقنية بشكل بحت.
منذ أن تولّى غروسي رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي جرت بدعم صريح وواسع النطاق من قبل امريكا، دخلت الوكالة في مضمار السلوك السياسي ووجّهت حربتها نحو الجمهورية الإسلامية، ولم تفشل فقط في الوفاء بالتزامات من ناحية حماية حقوق ايران المسلوبة في الاتفاق النووي، بل حوّلت النفوذ القانوني والتقني المضطلعة فيه إلى ضغط سياسي وجهته نحو الجمهورية الاسلامية.
وسط هذه التطورات، تسبب عدم التمكّن من إرغام غروسي على تجنب السلوك السياسي وتحويل أنظاره نحو إدارته لمنظمة دولية من واجباتها رعاية حقوق جميع المنتسبين لها، مع عدم وجود تأثير رادع في الحد من سلوكه السياسي، ترك المجال مفتوحا أمام ثقل المقاربات السياسية للإجراءات القانونية والتقنية للوكالة.
كانت زيارة غروسي الأخيرة، من حيث الاجتماعات وجدول أعمال المفاوضات، محدودة للغاية وركزت على مهامه كرئيس لمنظمة فنية قانونية، وأظهرت أنه على الرغم من أن إيران تنوي مواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن تعاونها هذا لن يكون من جانب واحد، لا يعود بالنفع على مصالح البلاد.
على الرغم من أن غروسي قد التقى بالرئيس السابق ووزير الخارجية ورئيس منظمة الطاقة الذرية، خلال زيارته الأولى للحكومة السابقة، إلاّ أن زيارته الأولى لإيران منذ تشكيل الحكومة الثالثة عشرة (حكومة السيد رئيسي)، عقد لقاءا واحدا فقط مع محمد إسلامي الرئيس الجديد لمنظمة الطاقة الذرية الايرانية، وركزت أجندة المفاوضات فقط على تنسيق خدمة بعض الكاميرات التالفة واستبدال بطاقات الذاكرة بعد اجتماع مجلس الحكام.
في غضون ذلك؛ قبل وأثناء وبعد زيارة غروسي إلى طهران، حاولت وسائل الإعلام الغربية، في خطوة منسقة ومشوهة، تصوير الزيارة على أنها إنجاز مهم في تكثيف الراقبة على إيران وتصورها على أنها استمرار للضغوط السابقة، وأن ما يكمن وراء الزيارة يختلف عن واقع المشهد.
وفي هذا الصدد عمدت هذه الوسائل؛ في المؤتمر الصحفي الأول لغروسي بعد عودته من طهران على شرذمة تصريحاته بشكل متعمد من أجل استكمال أحجية الضغط على إيران بعملية نفسية منظمة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية.
خلق هذا الصخب الإعلامي أجواء مغايرة لواقع الأمر، وكيف أن الاتفاق على مبدأ الزيارة وبرامجها، وجدول أعمال المحادثات والبيان المشترك مثل بطريقة ما نهج إيران الجديد تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونقل رسالتها بشكل ضمني إلى الغرب.
خلافاً لوسائل الإعلام تلك، لم تتعارض هذه الزيارة مع قانون مجلس الشورى الإسلامي المسمى "قانون الاجراء الاستراتيجي لرفع الحظر" ومسألة تعليق العمل بالبروتوكول الاضافي مؤقتا الى ان يتم رفع الحظر الجائر عن ايران، ولم توفر سوى فرصة لفهم نهج الحكومة الجديدة تجاه الوكالة الدولية وضرورة عدم خروج هذه المنظمة الدولية من دائرة عملها في اطار الشؤون الفنية والقانونية مع طهران.
كما أكد مسؤولي منظمة الطاقة الذرية الايرانية، في ختام زيارة غروسي لطهران، أنه لم يحصل أي تغيير في تنفيذ قانون مجلس الشورى ومازال التنفيذ الطوعي والمؤقت للبروتوكول الإضافي متوقف من قبل إيران ولن تقدّم طهران اي من بيانات الكاميرات للوكالة الدولية الى ان يتم التوصل الى اتفاق.