وبينما تتجه الاوضاع في المنطقة نحو الحوار بين دولها لإرساء السلام والاستقرار، أبدى بينيت سعادته بأجندة لقائه مع بايدن ووعود الرئيس الامريكي له أن إيران لن تتمكن أبدا من الحصول على سلاح نووي (بحسب زعمه)، رغم أن الجمهورية الاسلامية أعلنت ومازالت تعلن صراحة أن السلاح النووي محرم شرعيا وانسانيا في عقيدتها القويمة، لكن ما يثير العجب ان بايدن لوّح بخيارات أخرى إذا لم يفلح الحلّ الدبلوماسي في مفاوضات فيينا مع ايران، لكنه لم يذكر أيضا طبيعة تلك الخيارات.
على مايبدو ان بايدن تغافل أو يتغافل عن عمد حقيقة أن الانسحاب الأحادي وغير القانوني لبلاده من الاتفاق النووي وانتهاك واشنطن لقرار مجلس الأمن رقم 2231 هو السبب الرئيسي وراء دخول خطة العمل المشتركة في حالة الموت السريري، وألحقت خطوة بلاده خسائر فادحة بالجمهورية الاسلامية على كافة الصعد، وربما تصل الى مئات المليارات من الدولارات.
والغريب في الأمر أن إدارة بايدن التي كانت تدعي نبذ سياسة ترامب الخارجية منذ البداية، لا سيما فيما يتعلق بمسألة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران، لم تتخلى على مسار الضغط على إيران حتى بعد عودتها إلى محادثات إحياء الاتفاق في فيينا، بل وواصلت سياسة سلفها القسرية تجاه الجمهورية الاسلامية، في محاولة بائسة منها لقلب الحقائق والتستر على انتهاكاتها الصلفة، وإظهار نفسها على انها الطرف المسالم.
إيران لم تغادر طاولة المفاوضات أبدًا للإجابة على سؤال يجول بأذهان العديد من المتابعين حول سبب فشل القنوات الدبلوماسية، لكن الحقيقة هي أن دولة انسحبت من جانب واحد من اتفاقية دولية، وانتهكت جميع الأعراف التي أيدها المجتمع الدولي، وفي الوضع الجديد بعد ست جولات من المفاوضات، تسعى لمواصلة سياسة الضغط الأقصى ضد إيران خلف قناع القنوات الدبلوماسية، لا يحق لها رفع سقف الطلبات من دولة انتُهكت حقوقها القانونية بشكل علني.
وسط هذه التطورات الشائكة، تشي أجندة لقاء "بينيت وبايدن" والأجواء والتكهنات التي أثارتها وسائل الإعلام الغربية والصهيونية قبل وبعد هذا اللقاء المشترك، بخطة لا تحمد عقباها لزيادة الضغط على إيران لإرغامها على تقديم تنازلات في الاتفاق النووي.
التهديد باستخدام "خيارات أخرى" ضد إيران، والذي ترجمته وسائل الإعلام الصهيونية على أنه سيكون "عمل عسكري" دون أدنى شك، دليل واضح على أن الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني قد تبنّا المسؤولية عن أي عمل عدائي ضد إيران، ما يعطي الحقّ للجمهورية الاسلامية للردّ على أي إجراء طائش.
إن تسرع الصهاينة المفرط في تنفيذ استراتيجيتهم المعادية لإيران التي أعطوها مسمى "الموت بألف جرح"، يظهر تخوفًا من تغيير المعادلات الإقليمية وتنامي المشاكل السياسية والاجتماعية داخل الأراضي المحتلة، واستمرار فشل الكيان أمام محور المقاومة، وهو ما ترك انطباعا سيئاً ومثيرا للرعب لدى قادة الكيان الصهيوني.
ومن الواضح أن "بينيت" يخطو نحو مغامرة سياسية أمنية كبيرة من خلال السير على طريق تهديد إيران علانية، ومحاولة إقناع بايدن بالدخول في هذه اللعبة الخطيرة.
بالتأكيد أخذ قضمة بهذا الحجم لا تتناسب مع معدة العصافير، وهو ما ينطبق على الكيان الصهيوني الذي لن يسفر اقدامه هذا سوى عن تسريع اختناقه وموته المحتوم.