تحلّ الذكرى الـ76 لضحايا هذه المأساة في وقت "لم يتم فيه تقديم مرتكبي هذه الجريمة للعدالة".
الأنكى من ذلك؛ أن امريكا لا ترى نفسها كمخطئة في هذه الجريمة، بل تفخر حتى اليوم بأنها "انتصرت في تلك الحرب"!
كان لهذا الإفلات من العقاب عواقب وخيمة على "المجتمع البشري والسلام والأمن العالميين":
أولاً: إن عدم استيفاء حقوق الشعب الياباني وعدم مساءلة أمريكا، جعل من المستحيل على دول مثل الجزائر ورواندا وناميبيا وسربرنيتسا في البوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق وليبيا والأمريكيين الأصليين والكنديين، وغيرها من البلدان التي تعرضت للإبادة الجماعية وجرائم الهيمنة، أن تستوفي حقوقها، وسمحت للقادة الغربيين ومرتكبي هذه الجرائم بالتسلّط والانسياب، ومن المؤكد أن هذه الجرائم الجماعية لم تكن لتستمر لو حوكمت الولايات المتحدة واستجوبت في ذلك اليوم.
ثانياً: أدى إفلات امريكا من العقاب إلى اندلاع سباق نووي لا طائل منه في العالم، سباق أفضى لتكديس آلاف الرؤوس النووية من قبل أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان والكيان الصهيوني وغيرها من الدول، ومن المثير للاهتمام، أنه بينما تدعي الدول الغربية نزع السلاح النووي، فإنها تمنع الدول الأخرى من اكتساب العلوم النووية السلمية، في حين يستمر التنافس النووي بينها، حيث أنفقت الولايات المتحدة 700 مليار دولار لتطوير ترسانتها النووية وعملت بريطانيا على تحديث قدراتها النووية، كما تقوم فرنسا بتطوير ترسانتها تحت ذريعة الامن القومي.
ثالثاً: كما أدى عدم محاسبة أمريكا على جريمتها الشنيعة في ذلك الوقت الى تصاعد ارتكاب الجرائم بالأسلحة النووية والكيميائية على مدى عقود.
ومن بين هذه الامثلة، التجارب النووية الفرنسية في الجزائر والمجازر الجماعية التي ارتكبتها في هذا البلد، وقصف الافغان بالقنابل الهيدروجينية وقنابل اليورانيوم المنضب من قبل المحتلين الاجانب، واستخدام بريطانيا والولايات المتحدة لليورانيوم المنضب في القذائف والرصاص التي كانت تقصف بها المدنيين في العراق لنشر السرطان خاصة في البصرة، واستخدام الناتو للقنابل والأسلحة النووية في ليبيا (2011) وغيرها من الجرائم الغربية.
رابعاً: أدى رفض المجتمع الدولي لمعاقبة مرتكبي القصف الذري على اليابان إلى خلق أبعاد جديدة للإرهاب والإبادة الجماعية من قبل الغربيين، والتي يمكن أن يشار إليها اليوم بالإرهاب العلمي والاقتصادي، فالعقوبات الاقتصادية والعلمية بُعد آخر من أبعاد الإبادة الجماعية التي حدثت في ظلّ "وباء كورونا".
حيث أن العقوبات الاقتصادية وعرقلة حصول البلدان على المعرفة والعلوم الجديدة، حتى في مجال الطب، هي بعد آخر للإبادة الجماعية التي ارتكبها نفس مرتكبي القصف الذري على هيروشيما.
كما أدت العقوبات المفروضة على دول تعاني من تفشي كورونا، والإجراءات الأمريكية والأوروبية في تخزين ملايين الجرعات من لقاح كورونا، ورفض إعطاء هذه اللقاحات للدول الفقيرة، إلى مقتل آلاف البشر.
إن التقليد المعروف بـ"دقيقة صمت" بدلاً من "الصراخ بوجه مرتكبي هذه الجرائم" وعدم معاقبتهم أدى إلى استمرارها.
نورنيوز