و قد بنى الاسلام خُطته في القضاء على العنصرية من خلال التغيير الفكري والنفسي في نظرة الإنسان للإنسان، ووضع التشريعات الكفيلة بحفظ كرامة الإنسان وحقوق الضعفاء لكن ما زالت رواسب العنصرية في المجتمع، ونحن نعيش اليوم في القرن الحادي والعشرين وحتى وإن طهر الدين الاسلامي المجتمع من العبودية فإن النفوس مازالت تشوبها أدران وأوضار استعباد ورق الآخرين
وتعود الأسباب إلى عدم ايمان الناس إيماناً حقيقياً بالرسالة المحمدية ، فلو كانوا كذلك فإن النبي أخا بين المهاجرين والأنصار بين الاسود والابيض بين السيد والمولى ليحطم أواصر الجاهلية والعنصرية القبلية فقد ساوى بين الاعجامي والعربي بالتقوى ، وقد يعتقد البعض إنهم يتميزون عن غيرهم بانتمائهم القبلي أو خواصهم الموروثة ويجب معاملتهم معاملة خاصة .والناس أدنى منهم منزلة وهذا اعتقاد خاطى فهم ليس افضل من سيد المرسلين النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله فقد زوج ابنة عمته زينب بنت جحش لزيد بن الحارثة الذي كان عبداً مملوكاً واعتقه النبي في الوقت الذي كان فيه المجتمع يرفض زواج الحرة من عبد مملوك وزينب كذلك رفضت في بادئ الأمر تبعا للتقاليد السائدة في تلك الأيام وا ستنكاف الحرة من الزواج بعبد معتق ، خاصة و إنها كانت من عائلة ذات حسب و شأن ، فنزلت الآية الكريمة التالية : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ﴾ 1 ، فأخبرت زينب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بقبولها بهذا الزواج ، و هكذا فقد تم الزواج برضا زينب ، نزولا عند رغبة الرسول و خضوعا و تسليماً لحكم الله تعالى
وغاية النبي من هذا الزواج كسر العادات و التقاليد الخاطئة بأمر الله سبحانه و التي كانت تمنع زواج العبيد المعتقين من بنات العوائل المعروفة ، وتمكن النبي من تطبيق المساواة بصورة عادلة بين أفراد المجتمع الإسلامي
وما زالت إلى يومنا هذا الناس لا تزوج الإنسان التقي السوي منقطع الحسب والنسب، وهذا له مخاطره الفكرية والجسدية والنفسية التي قد تؤدي إلى مرض ليس له علاج يتوارثه أبناؤهم جيلاً بعد جيل فالزواج من الاغراب الأتقياء يؤدي إلى تلاقح الأفكار والثقافات...وخير الزاد التقوى.
الصحفي العراقي رسول عبيد
نورنيوز-وكالات