بعد يوم واحد من الحادث، كان عمال الإنقاذ لا يزالون غير قادرين على إنقاذ وانتشال المحاصرين تحت الأنقاض، بالنظر إلى المرافق الهائلة والتكنولوجيا الحديثة التي تقتنيها أمريكا، لكن في حقيقة الامر، تعكس هذه الفاصلة الزمنية الخانقة لاسيما بالنسبة للعالقين تحت الركام، سوء في الإدارة وعدم كفاءة هيكل الحكم الأمريكي، وتكشف عن وهم فكرة الإدارة العليا الأمريكية.
وبحسب التقارير المنشورة، كان المبنى بحاجة إلى تجديد وإصلاح، لكن إطالة أمد عملية إصدار التصريحات تسبّبت بوقوع الكارثة وتركت أكثر من 150 شخصا محبوس الانفاس تحت الأنقاض.
يمكن النظر إلى هذه الكارثة على أنها حلقة في سلسلة من الإدارة الفاشلة تكشف حقيقة الهرم الأمريكي المتهالك أكثر وضوحا، فانتشار حرائق الغابات والمراعي وعدم القدرة على احتواء هذه الحرائق وإنقاذ أرواح الضحايا علاوة تداعيات العواصف ومماطلة الحكومة في إعادة إعمار ما خلّفته هذه الكوارث، وسوء إدارة أزمة كورونا، والحالة الكارثية للتمييز العنصري، وجوع 46 مليون أمريكي و غيرها من الأزمات، ما هي إلاّ نقطة في بحر الإدارة الفاشلة للبلاد.
ولو أجرينا مقارنة خاطفة لأحداث مماثلة في دول أخرى، والتي تغطّيها وتتناقلها وسائل الإعلام الغربية على نطاق واسع لتشويه صورة حكومات تلك البلدان، ندرك حينها أن الوضع داخل الولايات المتحدة ليس أفضل بكثير، لكن من خلال مكنة الإعلام يحاولون تقديم وجه مختلف لأمريكا يخفي تشوهات كبيرة إلى العالم.
مجموعة هذه التطورات تبيّن عددا من الحقائق الاساسية:
ألف) عدم قدرة المسؤولين الأمريكيين على إدارة مطالب الشعب، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة دولة غير آمنة لمواطنيها.
ب) انهيار القيم الأمريكية - يعني الازدهار الاقتصادي والأمن والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، بما يتجاوز سياسات رجال الدولة.
ج) اندثار مسرحية القدرة على إنقاذ العالم وسخافة إجبار دول أخرى على الاقتداء بالنموذج الأمريكي.
ما وقع في ميامي والكارثة الإنسانية التي سببها انهيار البرج المكون من 12 طابقا، يُظهر أن الولايات المتحدة لم تعد تمتلك تلك الإدارة العليا المثالية وأرض الأحلام المزعومة، وليست عاجزة عن إنقاذ العالم فحسب، بل باتت عاجزة عن توفير الامن لمواطنيها أيضاً.
نورنيوز