خلال هذه الفترة الضبابية، حاول الجانب الغربي، بكل قوته الدبلوماسية والإعلامية، واستمرار الضغوط السياسية والاقتصادية، أن يضع إيران في قفص الاتهام من الدرجة الأولى بحجة أنها هي من عرقلت الاتفاق النووي، وثانيًا باستخدام استراتيجية "الإكراه الدبلوماسي" لإرغام الجمهورية الاسلامية على قبول تقديم تنازلات باهظة.
أما دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الملعب، جاء مساند للجانب الغربي، ومع خروج الوكالة من وضعها القانوني وانحسار دورها كفاعل سياسي، أدى ذلك إلى تعقيد كبير في حلّ القضايا المتعلقة بالاتفاق النووي.
على الرغم من التأكيد على التنفيذ الكامل لقرار مجلس الشورى الإسلامي من أجل استيفاء حقوق الشعب الايراني، فإن إيران، من خلال اتفاقية مدتها ثلاثة أشهر، منحت الوكالة ومديرها العام رافائيل غروسي الفرصة للوفاء بواجبهما في إقناع الجانب الغربي، للوفاء بالتزاماته.
رغم ذلك، أظهرت أحداث الأسبوع الماضي، وخاصة التقرير غير الفني والسياسي لرافائيل غروسي في مجلس المحافظين، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تقوم على تفاعل سليم ومبدئي مع إيران وأكثر استعدادًا للعب في أوروبا المشتركة- سيناريو أمريكي لمواصلة الضغط على إيران وتسهيل طريق العودة لواشنطن دون مقابل.
كما عزز نشر البيان المعادي لإيران الصادر عن الدول الأوروبية الثلاث بعد تقرير غروسي التكهنات بأن الجانب الغربي، بدلاً من أن يكون لديه الإرادة لحل القضية، يسعى إلى خلق أجواء مشحونة ضد الجمهورية الاسلامية ومواصلة مساره الانحرافي السابق.
لم يكتفي بذلك الجانب الغربي، فقد حاول على طول الشهرين الماضيين زيادة تأجيج القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية الايرانية، لا سيما قضية الاتفاق النووي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، من خلال التغطية الإعلامية.
في الحقيقة، حاول الغربيون من خلال خلق ثنائي أقطاب زائف، تحويل أجواء الحملة الانتخابية إلى صراع بين مؤيدي الاتفاق النووي ومعارضيه، وبهذه الطريقة، من خلال خلق موجات سياسية في الداخل، للضغط على مفاوضي البلاد واتخاذ قرار ينسجم مع تطلعات الغربيين.
لنكون أكثر دقة، سعت الأطراف الغربية في الاتفاق النووي إلى دفع الوضع إلى الأمام بطريقة تؤدي من خلال ممارسة الضغط السياسي من الخارج وإحداث توترات داخل البلاد، إلى حصر النظام في الزاوية، وخلق انقسام وهمي، ليفضي ذلك عن ارغام طهران على تقديم تنازلات.
من هنا؛ وفي حديثه قبل بدء الجولة الجديدة من مفاوضات فيينا، قال كبير المفاوضين الايراني عباس عراقجي: "يجب خدمة مصالحنا وبهذه الطريقة نحن لسنا في عجلة من أمرنا ولن نسمح للطرف الآخر بتأخيرنا".
بعد هذا الموقف، أصبح من الواضح أن سيناريو الرزوخ تحت الضغط الغربي لم ينجح، وأن إيران لن تتراجع عن موقفها المبدئي في تأمين مصالحها الخاصة.
في الواقع، يمكن القول أن عملية المفاوضات في فيينا باعتبارها مسألة تتعلق بالأمن القومي لم تتأثر فقط بالقضايا السياسية المحلية مثل الانتخابات، ولكن أيضًا على أساس العقلانية والمصالح الوطنية حتى الآن في إطار المواقف المبدئية وفقط على الهدف الرئيسي المتمثل في تأمين الحقوق .. الأمة الإيرانية كانت مركزة.
كما تكشّف فشل آخر للغرب، في إبقائه على الدبلوماسية القسرية ضد إيران، والتي كان من المفترض أن يتم استغلالها باستخدام الظروف السياسية للانتخابات الرئاسية الإيرانية، لكن الجمهورية الاسلامية الايرانية لديها مبادئ راسخة في الأمور المتعلقة بالأمن القومي تحت أي ظرف من الظروف، لا تتأثر بتطلعات الآخرين المواربة.
كما تظهر تصريحات الجانب الغربي، وخاصة المسؤولين الأمريكيين، في الأيام الأخيرة أنهم أدركوا أيضًا أن إيران لن تنحرف عن المسار العقلاني المتبع تحت ضغط واستمرار العقوبات.
في الختام يمكننا التأكيد، أن تركيز كبير المفاوضين الإيرانيين وممثلي الدول الحاضرة في المحادثات على استمرار المحادثات لحل القضايا المتبقية يؤكد حقيقة أن تأثير الخطط السياسية والإعلامية للأطراف الغربية على استخدام ثنائية المؤيدين و معارضي الاتفاق النووي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وصلت الى طريق مسدود، والطريقة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح المفاوضات الحالية هي القبول غير المشروط بالالتزامات ورفع جميع العقوبات غير القانونية والقمعية من قبل الولايات المتحدة.
نورنيوز