معرف الأخبار : 65919
تاريخ الإفراج : 4/26/2021 3:29:11 PM
کیف غیّر الصّاروخ السوری کُل مُعادلات الرّدع؟  (عبد الباری عطوان)

کیف غیّر الصّاروخ السوری کُل مُعادلات الرّدع؟ (عبد الباری عطوان)

أن تَعقِد القیادة الإسرائیلیّة بشقّیها الأمنی والعسکری اجتماعًا یُشارک فیه کِبار جِنرالات الأمن والجیش ویحضره وزراء الدفاع والخارجیّة برئاسة بنیامین نتنیاهو، رئیس الوزراء، وفی یوم السبت، وبعد 24 ساعة من الصّاروخ السوری الذی وصل إلى مسافة 30 کیلومترًا من مفاعل دیمونا، فإنّ هُناک أمرًا جللًا، وتهدیدًا “وجودیًّا” غیر مسبوق یُحَتِّم مِثل هذا الاجتِماع لبحث کیفیّة التّعاطی معه وتطوّراته.

الإسرائیلیّون “سرّبوا” معلومات تقول إنّ هذا الاجتماع الطّارئ جاء بسبب إطلاق فصائل المُقاومة 36 قذیفة صاروخیّة من قِطاع غزّة استهدفت مُستوطنات غِلاف القِطاع، لتوجیه تحذیر بأنّ اختِراق اتّفاقات التّهدئة قد یتم التّعاطی معه بطریقةٍ مُختلفة، أبرز ملامحها الاجتِیاح أو القصف السجّادی، ولکنّ هذا الحل هو آخِر ما یُریده نتنیاهو فی ظِل حالة التّهمیش الأمریکی التی یعیشها حالیًّا، والأزمة الإسرائیلیّة السیاسیّة الداخلیّة المُتفاقمة، والرّد الفلسطینی الصّاروخی المُزَلزِل الذی یُمکن أن یترتّب علیها، ولکنّ احتِمال خلط الأوراق، والذّهاب إلى حرب بعد فشله فی تشکیل حُکومة یظل غیر مُستَبعد.
***
هُناک عدّة تطوّرات رئیسیّة ضاعفت حالة القلق والارتِباک السّائدة حالیًّا فی أوساط الشّعب والقِیادة الإسرائیلیّة، لدرجة أنّ أحد الکتّاب الإسرائیلیین نعى المشروع الصّهیونی، وقال إنّ “الرّحیل” هو الحل، ویُمکِن تلخیص هذه التّطوّرات فی النّقاط التّالیة:

أوّلًا: الصّاروخ السّوری “المُبارک” الذی وصل إلى دیمونا، وتُؤکّد العدید من الرّوایات ومن بینها شبه الرسمیّة السوریّة، أنّه کان یستهدف طائرة “إف 16″ إسرائیلیّة هاجمت بصواریخها مصانع صواریخ سوریّة إیرانیّة فی مُحیط دِمشق الجنوبی، و”ضلّ” الطّریق وواصل مسیرته إلى إیلات، الرّوایة الأخرى تقول إنّه کان صاروخًا إیرانیًّا من نوع “فاتح 110” أو “إم 600” أرض جو، حسب التّسمیة السوریّة، والذی تملک دِمشق منه المِئات، وأنّ الرّوایة السوریّة جاءت مُتناغمةً مع نظیرتها الأمریکیّة، وبهدف التّهدئة، وربّما بطلبٍ روسیّ منعًا للتّصعید، وإذا کان الصّاروخ من نوع “سام 5” المُطوّر فلماذا أخفت القِیادة الإسرائیلیّة المراوح والزّعانف، وباقی هیکله الذی یَبلُغ طُوله عشرة أمتار؟ ومتى کانت هذه الصّواریخ القدیمة یصل مداها إلى 300 کم، ولماذا لم یتفجّر رأسها فی الجو؟

ثانیًا: قبل یومین من وصول هذا الصّاروخ إلى مُحیط مفاعل دیمونا حدث انفجار ضخم لمعمل إنتاج مُحرّکات الصّواریخ قُرب مدینة الرّملة الفلسطینیّة المحتلّة، وفرضت السّلطات العسکریّة تعتیمًا کامِلًا ومنعت نشر أیّ معلومات عن الأسباب والأضرار، وما زال حظر النّشر مُستَمرًّا، فمَن کان خلف هذا الانفِجار ولماذا الآن؟

ثالثًا: نشر تقاریر “خجولة” عن تسریب غاز الأمونیا من مُستودعات تخزین له فی میناء حیفا، وهو غاز قاتل، دون أیّ إشارة لأسباب هذا التّسریب والجهة المسؤولة عنه، أو تَقِف خلفه، فنحن لا نتحدّث هُنا عن دولة من دول العالم الثّالث.

رابعًا: لُوحِظ أنّ القصف الإسرائیلی لإحدى قافلات ناقلات النّفط الإیرانیّة بصواریخ طائرة مُسیّرة، استهدف واحدة فقط من ثلاث، وبعد أن أفرغت حُمولتها (3 مِلیون برمیل من النّفط) فی میناء بانیاس السوری، ممّا یعنی أنّ القصف کان “استِعراضیًّا”، ولأنّ من أصدر الأوامر یُدرِک جیّدًا أنّ قصف هذه النّاقلات وهی مُحمّلة بالنّفط، سیعنی توجّهها إلى السّواحل “الإسرائیلیّة” وتسریب حُمولتها إلى مِیاهها، لأنّ هُناک تعلیمات لقباطنة هذه السّفن بفِعل ذلک، الأمر الذی سیُؤدّی إلى کارثةٍ بیئیّةٍ باهظة التّکالیف، وتلویث جمیع المِیاه الإقلیمیّة “الإسرائیلیّة” وفی فصل الصّیف.

خامسًا: انفِجار الانتفاضة الثالثة فی القدس المحتلّة التی نجمت عن تدفّق مِئات الآلاف من أبناء القدس والأراضی المحتلّة عام 1948 إلى المدینة المقدّسة لحِمایة الأقصى وأحیائها الأخرى من اقتِحامات المُستوطنین، وسُقوط أکثر من مئة جریح فی المُواجهات الأولى، وخُروج الوضع الأمنی عن السّیطرة بسبب شجاعة المُرابطین، ولُجوء نتنیاهو إلى سُلطة رام الله وأمنها طلبًا للتّهدئة، نتنیاهو یخشى أن تکون هذه “الهبّة” أو الانتِفاضة المسار الأخیر فی نعش سُلطة عبّاس وتنسیقها الأمنی لحِمایة الاحتِلال ومُستوطنیه، وامتِداد الانتفاضة إلى العُمُق الفِلسطینی المُحتل فی الضفّة، وأراضی فلسطین المحتلّة عام 1948.

***
الصّاروخ السوری، وحسب مصادر عدیدة، لم ینزلق، وإنّما کان فی طریقه فی دیمونا ویحمل رأسه “المُتفَجِّر” رسالة أکثر وأقوى تفجیرًا إلى القِیادة الإسرائیلیّة، ومن محور المُقاومة السّوری الإیرانی تقول إنّنا قادرون على الوصول إلیکم وأکثر مناطقکم حِمایةً وأمانًا، أیّ مفاعل دیمونا، وأنّ القبب الحدیدیّة “أُکذوبة” فضَحتها صواریخ غزّة، وها هو الصّاروخ السوری یَکشِف “عورتها” بشَکلٍ أکثر دقّةً ووضوحًا.

اللواء محمد باقری، رئیس هیئة أرکان الجیش الإیرانی هدّد بأنّ الاستِفزازات الإسرائیلیّة، وقصف النّاقلة الإیرانیّة قُرب میناء بانیاس لن یَمُر بُدون رد، وأنّ “إسرائیل” “لن تنعم بالأمن والاستِقرار طالما تواصلت اعتِداءاتها، وإذا أقدمت ایران على الانتِقام، وضربت عرض الحائط باستِجداءات التّهدئة الأمریکیّة، فهذا یعنی أنّ الجناح المُتَشدِّد فی النّخبة السیاسیّة والعسکریّة الإیرانیّة لا یُرید العودة للاتّفاق النووی.

نصیحة الکاتب الإسرائیلی أری شبیط فی مقالٍ له فی صحیفة “هآرتس” للمُستوطنین الإسرائیلیین بالهُروب من السّفینة الصهیونیّة الغارقة، جاءت مُتأخِّرةً عامین على الأقل من نصیحة مُماثلة للسیّد حسن نصر الله، الذی طلب منهم تعلّم السّباحة لأنّه لن یکون لهم مهرب إلا البحر، فهل یستطیع الإسرائیلیّون العیش برخاء وأمان وسط غابة صواریخ تتساقط علیهم کالمطر من قِطاع غزّة، وسوریة وإیران والعِراق والیمن ولبنان إذا ارتکبوا حماقة إشعال فتیل الحرب، والاستِمرار فی الغطرسة والمُکابرة وواصلوا استِفزازاتهم؟
نَترُک الإجابة للأیّام والأسابیع المُقبلة.. واللُه أعلم.

 


رأی الیوم
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك

X
آگهی تبلیغاتی