وأعلن البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الإثنين الماضي، أنه سيزور العراق في 5 مارس/آذار المقبل، في أول زيارة بابوية إلى هذا البلد العربي، وسيلتقي خلال الزيارة المرجع الديني الاعلى آية الله السيد السيستاني.
في السياق، يرى سفير إيران السابق في الفاتيكان محمد مسجد جامعي، متناولا أهمية واهداف الزيارة، ان الزيارة رسمية تماما وتم تنظيم برامجها من قبل الكنيسة الكلدانية بتعاون الحكومة ووزارة الخارجية العراقية.
وقال في حوار اجرته معه صحيفة "ايران": تأتي زيارة بابا الفاتيكان الى العراق في إطار قرار عراقي وليس اختصاصا للقاء مع المرجع الديني الاعلى في العراق آية الله السيد السيستاني.
الدبلوماسي الايراني السابق يرى ان زيارات بابا الفاتيكان الى مختلف الدول يمكن ان تكون ذات مغزى وتختلف في الاهمية من دولة الى اخرى او من حيث التوقيت، وقال: ان الزيارة الى العراق تنطبق عليها هذه الحالة خاصة وهي اول زيارة خارجية للبابا بعد تفشي فيروس كورونا.
ولفت الى الهجرة الواسعة للمسيحيين من المنطقة بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي واشار كذلك الى انه كانت هنالك 3 موجات من هجرة المسيحيين من العراق خلال العقود الاخيرة اولها بعد غزو الكويت والثانية بعد سقوط نظام صدام والثالثة بعد اجتياح داعش للمنطقة.
واعرب عن اعتقاده بان زيارة البابا للعراق سوف لن تترك تاثيرا كبيرا يذكر للمسيحيين في العراق وربما يمكن القول بان الزيارة ستجعلهم يشعرون بحالة موقتة من السرور واضاف: لقد كان من الممكن ان تكون الزيارة مؤثرة من ناحية الحريات الدينية الا ان الحقيقة هي ان المسيحيين في العراق لا ينقصهم شيء في هذا الجانب ليقوم البابا باضافته لهم. وفي العراق لا توجد في الحقيقة اي قيود دينية لاي من الطوائف ويعد من هذا الجانب واحدا من افضل البلدان في المنطقة.
واعتبر مشكلة المسيحيين في العراق بانها تتمثل في عدم الاطمئنان للمستقبل، وهذه قضية لا تحل بزيارة البابا حتى لو كان يهدف لمتابعتها بصورة جدية ان اراد المساعدة على ازالتها او خفضها.
هناك علاقة طيبة بين المسلمين الشيعة والمراكز والمرجعية الدينية الشيعية وبين الاقليات والطوائف الدينية والمذهبية في العراق
ونوه الى القيود الكثيرة التي كانت مفروضة في زمن نظام صدام في الكثير من المجالات ومنها الحريات الدينية، لافتا الى العلاقة الطيبة بين المسلمين الشيعة والمراكز والمرجعية الدينية الشيعية وبين الاقليات والطوائف الدينية والمذهبية في العراق بدءا من المسيحيين الكلدانيين والاشوريين حتى الايزديين والصائبة واليهود والاخرين وهي بالاخص مع الكلدانيين علاقات ودية ومبنية على الثقة.
واعتبر النهج المناسب جدا للحكومة العراقية تجاه الاقليات خاصة المسيحيين بانه كان مؤثرا كثيرا في قرار البابا في قبول الدعوة لزيارة العراق واضاف: ان جميع الاطراف رحبت بصورة ما بهذه الزيارة سواء الفاتيكان او الحكومة العراقية او المسلمين الشيعة بالاخص وكذلك الاقليات سيما المسيحيين الكلدانيين.
ووصف مسجد جامعي زيارة بابا الفاتيكان للعراق ولقاءه آية الله السيستاني بانهما مهمان جدا واضاف: الان حيث يسعى الصهاينة بممارسات اعلامية خبيثة اطلقوها ضد الشيعة فمن المهم كثيرا ان يظهر الفاتيكان ارتباطه بالمؤسسة الدينية الاهم للسنة اي الازهر واحد اهم مراجع الشيعة خاصة ان آية الله السيستاني لا يستقبل المسؤولين السياسيين عادة. اذن فان هذا اللقاء يعد للفاتيكان فرصة سانحة جدا لتحقيق امتياز مضاعف من خلال اثبات قدرته في هذا المجال.
وتابع قائلا: ان هذا اللقاء سوف لن يبقى في اطار "مجرد لقاء" وبالتالي ستنهار الجدران الفاصلة حسب تصريح البابا ويتم تسهيل الاتصالات وتعزيز الاحترام المتبادل، اي ان الزيارة سوف لن تقتصر على كونها "مجرد زيارة" وستترتب عليها نتائج محددة.
واشار الى اهمية زيارة البابا الى الازهر باعتباره مركز المسلمين السنة من الناحية الدينية والتاريخية وكذلك زيارته الى ابو ظبي وتوقيعه "وثيقة الاخوة الانسانية"، معتبرا كل ذلك ارضية ممهدة للقاء مع آية الله السيستاني.
واعتبر آية الله السيستاني بانه احد المرجعيات الشيعية المهمة والمستقلة واضاف: ان سماحته يعتبر المرجع الشيعي الاكثر معروفية خارج عالم التشيع وعموم النخب سواء المسيحية او السنية او غير السنية، معروفية بدات غالبا منذ احتلال العراق.
واشار الى مكانة آية الله السيستاني كشخصية دينية مهمة لدى الحكومة والشعب العراقي بجميع طوائفه ومذاهبه وليس لدى المسلمين الشيعة فقط وذلك في ضوء توجيهاته السديدة ومواقفه الحكيمة وتصريحاته اذ يعتبرونه زعيما حكيما ورمزا لحكمة الشعب العراقي وهم على ثقة بانه اثر اللقاء ستبقى عظمة وحكمة هذه الشخصية عالقة في اذهان البابا وستكون انعكاسات ذلك مظهرا لكل المجتمع والثقافة العراقية. وكل هذه الامور كانت مؤثرة في قرار البابا.
واعرب عن اعتقاده بانه من المستبعد ان يتم خلال اللقاء طرح قضايا محددة بعينها واضاف: انه وفي ضوء فطنة وذكاء آية الله السيستاني فانه يعرف جيدا قيود ومدى قدرة البابا لذا استبعد ان يطرح عليه مطلبا خاصا ومع كل ذلك ينبغي ان ننتظر لنرى سير الامور.
وفي الاشارة الى توجهات ومواقف آية الله السيستاني خاصة تجاه النزاع الطائفي قال: على سبيل المثال وفي ذروة الاضطرابات في العراق قال سماحته عن اهل السنة بانهم ليسوا "اخوتنا" فقط بل هم "انفسنا" وان نظرته للطوائف الاخرى خاصة المسيحيين هي كذلك.
واعرب عن اعتقاده بان زيارة البابا للعراق سترفع مكانة العراق كبلد يحترم جميع الاديان والاقليات واضاف: ان تعزيز هذه المكانة سيكون من ناحيتين؛ الاولى من ناحية الراي العام الغربي والثانية من ناحية الراي العام للمسلمين خاصة العرب.
واضاف: مثلما قلت سلفا فان العراق يعد واحدا من افضل الدول بالمنطقة من ناحية الحريات الدينية للاقليات المسيحية وغير المسيحية ومن المهم للعراقيين ان يقوموا بتعريف هذه الميزة في مجتمعهم للعالم لانهم يدركون بان الكثير من شعوب العالم غير مطلعة على هذا الامر.
واشار الى دعايات الاعلام الصهيوني ضد الشيعة وايران خلال الاعوام الاخيرة خاصة بعد عمليات التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية ودعوات الكيان للمزيد من بناء العلاقات مع سائر الدول العربية والاسلامية والتحالف مع الدول العربية "السنية" حسب قولهم وحتى مع تركيا ضد ايران.
وقال: انه في مثل هذه الظروف فان لقاء البابا مع آية الله السيستاني كزعيم شيعي كبير يمكنه ان يجهض التيار غير السليم الذي اشرت اليه وان يملأ الفراغ ويخفض التاثيرات السلبية لتلك المحاولات الرامية لدق اسفين بين الشيعة والسنة. لذا فان قسما مهما من اهمية هذا اللقاء للمسلمين الشيعة انما يعود للظروف القائمة ولو كان هذا اللقاء قد حصل قبل عدة اعوام خاصة قبل ظهور داعش فانه لم يكن ليحظى بكثير من الاهمية لان التمايز بين الشيعة والسنة لم يكن قد تبلور جيدا في اذهان غير المسلمين.
نورنيوز-وكالات