وتميزت الثورات في الدول الكبرى إبتداء من الثورة الفرنسية عام 1789 وأستمرارها عشر سنوات حتى عام 1799 ونتائجها التي إنتهت بصعود نابليون بونابرت إمبراطورا غازيا مع صراعات مسلحة في دول أوروبية أخرى ، ثم تلا هذه الثورة ثورات أوروبية أخرى لم تكن بحجمها حتى قامت الثورة الروسية عام 1917 ،وبعدها الثورة الصينية ،والهندية ، بأنها ثورات أدت أدوارا تحررية ثم إنكفأت على ذاتها لتخرج منها دكتاتوريات وأفكار توسعية وإعتداءات إستعمارية أو صدامية وبنسب عدوانية مختلفة.
وبقيام الثورة الإسلامية الايرانية عام 1979 بقيادة الأمام الخميني رحمه الله بدأت المرحلة الانسانية في المتغير الثوري الشعبي لكون مرجعيته الاصيلة مبادئ إسلامية وإن منهجه شيعي رسالي منبثق من السيرة الجهادية لآل بيت الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فالذي جعل الثورة الإسلامية متميزة ومتفوقة على غيرها من الثورات الكبرى ، هو ما شكلته من إنعطافة غير مسبوقة في ثبات المبادئ الثورية وتساميها بنظرية ولاية الفقيه ،وتسلم الولي الفقيه قيادة الامة الإسلامية حيث تحقق فيها تسنم إيران قمة من قمم قيادة العالم نحو ترصين إنسانية الانسان من خلال نشر مبادئها الإسلامية الانسانية وبمنهج إمام المتقين عليه السلام في الحق والحرية والعدل والكرامة الانسانية.
ومنذ عام 1979 وحتى يومنا هذا ما زالت الثورة تترسخ أكثر في أدق مفاصل الحياة الاسلامية الايرانية وتنمو في القطاعات كافة.
وأزاء هذا الفتح الثوري الشعبي الايراني المبين يحق لنا أن نتساءل ؛ ما الذي بقيّ مستمرا من الثورات العالمية الكبرى ؟. والحقيقة هي أنها أسهمت فحسب بتغيير أوضاع سياسية وإقتصادية وغيرها ولكنها لم تستمر بالمبادئ نفسها التي قامت من أجلها ،بل بالعكس فقد إنحدرت إنحدارا أدى إلى الكثير من المآسي العالمية التي يتعذر حصرها.
ونحن هنا لا نهون من أهمية تلك الثورات من حيث كونها حلقات مهمة في سلسلة التحرر إلا أنها كانت تحمل في صميم فلسفتها بذور فنائها بسبب ضعف نزعتها الانسانية المؤصلة دينيا في حين أن ثورة الأمام الخميني كانت أصيلة المبادئ المستمدة من الدين الاسلامي وإن قائدها هو فيلسوفها ومفكرها ،ومنظر قيام جمهوريتها فضلا عن إن رفاق قائد الثورة كانوا وما زالوا يحملون المبادئ نفسها وأهدافها ومنهجها ،وكلها في بوتقة الدين الاسلامي الحنيف ،وإن قادة الدولة اليوم هم إمتداد لأصالة البداية.
وينبغي القول أن إيران حين تحيي ذكرى قيام الثورة وقائدها بعد أكثر من أربعين عاما ،وإن قادة الثورة اليوم هم رفاق وتلامذة القائد الأول إنما تؤكد مسيرتها الصحيحة نحو البناء الوطني والانساني ، كما تؤكد أن نظام قيادة الدولة قام إستجابة لمقتضيات نجاح الأهداف ،وإن قيادة الولي الفقيه علي الخامنئي تليق بالاهداف الإسلامية الكبرى.
وما النصر إلا من عند الله.
بقلم: سميرة الموسوي
نورنيوز-وكالات