معرف الأخبار : 58848
تاريخ الإفراج : 2/2/2021 1:23:42 PM
كرة الاتفاق النووي في ملعب أمريكا.. هل سيعقّد بايدن اللعبة!

خاص نورنيوز..

كرة الاتفاق النووي في ملعب أمريكا.. هل سيعقّد بايدن اللعبة!

سعت حملة الديمقراطيين طوال فترة سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية العويص، من خلال تبنّيها شعارات من قبيل "التغيير والمشاركة والتفاعل"، إلى غرس عقول الرأي العام العالمي بفكرة أنه مع نهاية ولاية ترامب وانتصار بايدن، سيهدم البيت الأبيض الجدار السياسي المرتفع الذي شيّده ترامب بوجه الآخرين، مبشرين بتغيّر النهج الامريكي.

ومن أبرز المسائل الدولية الشائكة التي تعهّد فريق بايدن بحلّها، هي الاتفاق النووي مع إيران، الذي بات من أهم أولويات الديمقراطيين في مجال السياسة الخارجية الأمريكية، في ظل انسحاب ترامب أحادي الجانب منه يوم 8 مايو عام 2018.

شهد نهج بايدن وفريقه تجاه الاتفاق النووي، منذ انطلاقة حملته الانتخابية وحتى يومنا هذا، تقلبات مقلقة، وما تكشّف الآن أنه ينوي اعتماد سياسة "مكانك راوح" أو "العودة بشروط" تجاه الاتفاق، لاسيما بعد المواقف المتواترة التي لازالت تتأرجح بين "الإعلان عن الشروط المسبقة للعودة إلى الاتفاق، بما في ذلك بحث ملف الصواريخ الايرانية ومواقف طهران الإقليمية، وتعليق الخطوات لتقليل إلتزام إيران" و بين "العودة إلى الاتفاق بدون شروط مسبقة"، لكن على مايبدو ان الكفّة بدأت تميل لصالح تعديل مواقفهم وسياساتهم من الاتفاق النووي بما يتعارض مع مصالح  إيران.

وتكفي مراجعة مواقف "جو بايدن" و وزير خارجيته (أنطوني بلينكين) ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، لإثبات صحّة ما افترضناه آنفاً، وبشكل عام تشير تلك المواقف إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد العودة إلى الاتفاق النووي دون قبول تداعيات ما خلّفه ترامب، وعليه تريد إدارة بايدن من ذلك إرغام ايران على قبول إعادة التفاوض بشأن قضايا غير جوهرية.

على الرغم من أن نهج الأمريكيين قد صاحبه انتكاسة للاتفاق بعد تمرير قانون "العمل الاستراتيجي لرفع العقوبات وحماية مصالح الشعب الإيراني"، إلاّ أن البيت الأبيض ترّبص ظهور بعض الخلافات الداخلية في ايران بشأن قرار مجلس الشورى الاسلامي، لتوظيف حالة الانقسام التي يخّيل له أنها موجودة في تحقيق مآربه المعادية لايران.

إلا أن موقف إيران فيما يخصّ الاتفاق النووي صارم وجليّ تماماً ولن تتراجع عنه، فهي تؤكد ضرورة رفع جميع العقوبات للعودة الى إلتزاماتها، ورغم بعض الخلافات بين الحكومة والبرلمان حول قانون رفع العقوبات الذي استئنافت بموجبه ايران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% ردّا على عدم انتفاعها من الاتفاق، إلاّ أن الحكومة وكما كان واضحا منذ البداية، قامت بعملها وطبّقت القانون دون إيلاء أي أهمية بعودة أمريكا الى الاتفاق النووي.

بشكل أبسط؛ إن طلب امريكا لإيران بإلغاء الإجراءات المضادة التي نجمت عن عدم إلتزام أطراف الاتفاق النووي ببنوده ليس له أي منطق قانوني، ومن الطبيعي ألا يكون لطرف الاتفاق الذي انسحب منه بشكل غير قانوني ليس فقط الحق في الرهان، بل يجب عليه العودة إلى الاتفاقية من خلال الوفاء بالتزاماته والتعويض عن الأضرار الناجمة عن خطوته الأحادية الطائشة.

على هذا الأساس؛ يبدو إن وضع مثل هذه الشروط المسبقة من قبل البيت الأبيض يهدف في الغالب إلى التهرب من التزامات بايدن الانتخابية، كما تكشف مواقف الترويكا الأوروبية، لاسيما فرنسا، عن وجود تنسيق كامل مع واشنطن في هذا الصدد، وليس لها أي غرض سوى العودة إلى الاتفاق النووي بدون تكلفة.

في الواقع؛ يخلق الأوروبيون أجواء يشوبها الغبار مشوّهة لصالح امريكا من خلال إثارة قضايا سخيفة مثل حاجة إشراك أطراف جديدة من قبيل النظام السعودي في الاتفاق النووي، أو زجّ التفاوض على الملف الصاروخي الايراني ومواقف طهران الإقليمية بجسد الاتفاق، وكل هذا بهدف تهميش "عدم رفع العقوبات" و "التماطل الأوروبي" في عملية تنفيذ الاتفاقية واستبدال المدين بالدائن.

مجموعة هذه التصرفات، كما يقر سوليفان بحق، لن تؤدّي سوى إلى تعقيد الأمور أكثر، ولكن يجب على الغربيين أن يعرفوا أنهم يتحملون المسؤولية في سياق التطورات التي طرحناها في جسد هذا التحقيق، وليس إيران، لأن طهران فعلت ما عليها أن تفعله، لكنها لم تعد مجبرة على البقاء في اتفاق هي فقط من يلتزم فيه، وهذا يعني أن الكرة الآن في ملعب الأمريكي، والوقت ينفد بسرعة منهم.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك