بعد خروج محمدرضا بهلوي من ايران في 16 يناير 1979 وظهور مؤشّرات سقوط النظام السلطوي، تحدّث سماحة الإمام الخميني(رض) عن ضرورة عودته إلى البلاد؛ لكن رئيس الوزراء آنذاك (شابور بختيار) أعلن مخالفته لذلك وأصدر أوامر بإغلاق مطار مهرآباد الدولي في طهران وسائر المطارات لمنع هبوط الطائرة التي تقل الإمام الخميني(رض)، مما تسبب بتصعيد الإحتجاجات المدنيّة وتعقيد إدارة شؤون البلاد وتأجيل عودة سماحته إلى أرض الوطن.
بعد تصاعد الإحتجاجات وإغلاق الشوارع والمحلات والجامعات في طهران وسائر المحافظات، اضطرّت الحكومة لفتح المطارات. على أثر ذلك، أصدرت لجنة إستقبال الإمام بياناً أعلنت فيه عن عودة سماحته إلى أرض الوطن في الساعة التاسعة من صبيحة يوم 1 فبراير عام 1979.
في نوفل لوشاتو، قام مؤيدو ومُريدو الإمام الخميني(رض) – بعد مفاوضات عصيبة مع خطوط الطيران الفرنسية – بتأجير طائرة من طراز (بوينغ747) من شركة (اير فرانس)، حيث أقلعت الطائرة من مطار (شارل ديغول) وهبطت في مطار مهرآباد في تمام الساعة التاسعة و27 دقيقة و30 ثانية، وحملت هذه الرحلة المرقّمة بـ4721 على متنها 150 مراسلاً ومصوّراً، وأكثر من 30 من مرافقي الإمام(رض) وعائلته.
قبطان هذه الرحلة التاريخية كان (جان موئي) ومساعده (باتاوش) الذي مسك يد الإمام الخميني(رض) حين نزوله من مدرج الطائرة.
عصر يوم 1 فبراير 1979، أصدرت صحيفة (كيهان) الإيرانية عدداً خاصاً بهذه المناسبة، أشارت فيه إلى الإستقبال العظيم لسماحة الإمام الخميني(رض)، وكتبت: "طول مسيرة الإستقبال بلغت 33 كيلومتراً.. 33 كيلومتر غطّتها الورود لإستقبال الربيع.. من مهرآباد إلى بهشت زهراء امتلأت الطرقات بالورود البيضاء والحمراء.. هذا الخط الطويل هو ربيع ايران السياسي".
وأشارت وكالة أنباء (يونايتد برس) الأمريكية إلى مراسم الإستقبال التاريخية، وقالت: "عدد المشاركين بلغ 4 ملايين شخص وعدد الحاضرين في بهشت زهراء خمسمائة ألف نفر".
أمّا (راديو كولن) الألماني، فأعلن أن عدد المشاركين في المراسم بلغ 6 ملايين نفر.
صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، أشارت في تقرير لها إلى أن سماحة الإمام الخميني(رض) أصدر بياناً من مطار (شارل ديغول) أعرب فيه عن شكره لفرنسا دولة وشعباً، وقال: "إنِّي ذاهب إلى وطني لأخدمه".
وبهذا، ساعدت الظروف الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لأقوى دولة في الشرق الأوسط بخلق ملحمة منقطة النظير في إستقبال أحد أعظم قادة العالم.
بقلم: دُريد الخمّاسي
الوفاق