وشهدت العاصمة واشنطن انتشارا غير مسبوق لأفراد الحرس الوطني لتأمين حفل تنصيب الرئيس المنتخب وأمر البنتاغون (وزارة الدفاع) بنشر حوالي 2750 جنديا من القوات المسلحة النظامية لتقديم الدعم.
وقبل يوم من تنصيب بايدن، أصدر ترامب قرارا برفع الحظر عن السفر إلى البلاد من البرازيل وغالبية الدول الأوروبية، بحلول 26 كانون الثاني/ يناير المقبل، أي بعد تولي خلفه.
ومن شأن هذا القرار أن يفاقم حالة تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة في عهد بايدن في حال لم يلغيه الرئيس الجديد فور تسلمه دفة الحكم.
ولاقى قرار ترامب رفض بايدن بشكل قاطع، وعبر تويتر، قالت "جين ساكي"، المتحدثة باسم بايدن، إن الإدارة المقبلة لن تطبق قرار ترامب، معتبرة أنه "مع تدهور الوضع الوبائي وظهور فيروسات متحورة أكثر عدوى حول العالم، فإن هذا ليس الوقت المناسب لرفع القيود المفروضة على السفر الدولي".
وأضافت: "بناء على نصيحة فريقنا الطبي، فإن الإدارة لا تعتزم رفع هذه القيود في 26 كانون الثاني/ يناير. في الواقع، نحن نخطط لتعزيز تدابير الصحة العامّة المتعلّقة بالسفر الدولي؛ للحد أكثر من تفشي كوفيد-19".
وبموجب قرار ترامب، سيتم السماح للراغبين بالسفر للولايات المتحدة من البرازيل وبريطانيا وإيرلندا ودول فضاء شينغن الأوروبية، شريطة إبراز نتيجة فحص سلبية لكوفيد-19.
وقال ترامب في بيان أصدره البيت الأبيض، إن "هذا الإجراء هو الطريقة المثلى للاستمرار في حماية الأمريكيين من كوفيد-19، وفي الوقت ذاته استئناف السفر بأمان"، مؤكدا أن حظر السفر سيظل بالمقابل ساريا على المسافرين من الصين وإيران.
وكانت السلطات الصحية الأمريكية أعلنت، الثلاثاء الماضي، أن جميع المسافرين الراغبين بالتوجه إلى الولايات المتحدة جوا سيضطرون اعتبارا من 26 كانون الثاني/ يناير الجاري لإبراز نتيجة فحص سلبية لكوفيد-19، للسماح لهم بالصعود على متن الطائرة.
وأوصت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بخضوع المسافرين للفحص مجددا، بعد مرور ثلاثة إلى خمسة أيام على وصولهم، وأن يلازموا المنزل لمدة سبعة أيام على الأقل.
في غضون ذلك، بلغ عدد أفراد الحرس الوطني الذين أكملوا انتشارهم في واشنطن لتأمين حفل التنصيب أكثر من 21 ألفا و500، وذلك من إجمالي 25 ألفا تقرر نشرهم لهذه المهمة.
من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي بالوكالة كريستوفر ميلر إجراء تدقيق أمني بشأن عناصر الحرس الوطني المنتشرين في واشنطن لتأمين حفل التنصيب.
وقال ميلر -في بيان- إنه لا توجد معلومات استخبارية لدى الوزارة تشير إلى وجود تهديد داخلي، لكن البنتاغون لا يدخر جهدا في تأمين العاصمة، وفقا للبيان.
وأضاف أن مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) يقدم المساعدة للوزارة من أجل إنجاز هذه المهمة.
وقد أعلنت 21 ولاية نشر قوات من الحرس الوطني تحسبا لأي تهديد محتمل خلال الأسبوع الجاري، وذكر بيان للحرس الوطني أن عدد أفراده المنتشرين في الولايات الأميركية حاليا بلغ أكثر من 63 ألفا، وذلك لتقديم الدعم لأجهزة الشرطة والخدمة السرية.
وتوصف الإجراءات التي اتخذت في العاصمة واشنطن لتأمين حفل تنصيب بايدن بأنها لم يسبق لها مثيل، إذ تم إغلاق منطقة متنزه "ناشونال مول" التي يتوافد إليها آلاف الأميركيين عادة لحضور المراسم، ومنع المواطنين من الاقتراب منها حتى قبل أيام من الحفل.
وحدد جهاز الخدمة السرية المكلف بحماية الرئيس "منطقة حمراء" شاسعة، تمتد من حي كابيتول هيل -الذي يقع ضمن نطاقه مقر الكونغرس- وصولا إلى البيت الأبيض.
ولا تزال واشنطن تحت هول الصدمة منذ اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مقرّ الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني الجاري، في محاولة لمنع المصادقة على نتائج الانتخابات التي انتهت بفوز بايدن.
وكان ترامب قد دعا مناصريه للتوجه إلى مبنى الكابيتول (الكونغرس)، ولذلك وجه له مجلس النواب تهمة "التحريض على التمرد"، وقد تبدأ محاكمته في مجلس الشيوخ بعيد تنصيب بايدن.
وسيكون حفل التنصيب استثنائيا لأسباب عدة، فعدد المدعوين محدود والحفل مغلق أمام عامة المواطنين بسبب جائحة كوفيد-19.
وتم رفع أكثر من 190 ألف علم في متنزه ناشونال مول، لتمثيل حشد شعبي لن يكون حاضرا.
كذلك لن يحضر ترامب حفل التنصيب، بل سيغادر البيت الأبيض باكرا الأربعاء إلى مقر إقامته في مارالاغو في فلوريدا، ليكون أول رئيس يرفض حضور مراسم تنصيب خلفه منذ آندرو جونسون عام 1869.
وفي نهاية ولايته تراجعت شعبية ترامب إلى أدنى مستوى منذ بداية عهده، مع إبداء 34% فقط من الأميركيين رضاهم عن أدائه، بحسب ما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "غالوب" ونشرت نتائجه الاثنين.
لكن قبل خروجه من البيت الأبيض، يتهيأ الملياردير الجمهوري لإصدار عفو عن قائمة طويلة من الأسماء تضم شركاء له ومقربين منه.
*نقل السلطة
يعتبر حفل تنصيب الرئيس الأمريكي نموذجا لنقل السلطة من خلال مراسم محددة، للرئيس المنتخب من الرئيس المنتهية ولايته.
يقام حفل التنصيب يوم 20 يناير بعد كل جولة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن إذا ما تصادف أن يوم 20 هو يوم أحد، ينقل يوم التنصيب إلى الإثنين 21 يناير.
ويعتبر حضور حفل التنصيب إلزاميا لكل من الرئيس المنتخب والرئيس المنتهية ولايته بموجب دستور الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعقد مراسم التنصيب خارج مبنى الكابيتول، الذي تعقد فيه اجتماعات الكونجرس، بالجناح الغربي.
*المشاركون والتأمين
يفترض أن يشارك الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته في حفل تنصيب الرئيس المنتخب، إلى جانب أعضاء الكونجرس، وقضاة المحكمة العليا الأمريكية، والضباط الأعلى رتبة في البنتاجون والرؤساء السابقين، بالإضافة إلى حاملي ميداليات الشرف الأمريكية بمختلف فئاتها وعدد كبير من الجمهور.
وتشارك معظم قطاعات الأمن الأمريكية في تأمين حفل تنصيب الرئيس المنتخب، أبرزها: جهاز الحماية السرية الرئاسي، وجهاز الأمن القومي، وجهاز الحماية الفدرالية، والأفرع الخمسة للقوات المسلحة الأمريكية، وشرطة الكابيتول، وجهاز شرطة الحدائق الأمريكي، وجهاز شرطة العاصمة الأمريكية واشنطن بالإضافة الى أجهزة الأمن الفدرالية.
*خطوات التنصيب
لا يحدد الدستور الأمريكي آلية التنصيب سوى أن يؤدي الرئيس المنتخب "اليمين الدستورية لتولي المنصب"، ولكن هناك تقاليد بروتوكولية يتعين تطبيقها، وهي:
- أن يتم التنصيب أمام رئيس المحكمة الدستورية العليا في الكونجرس
- يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية وبيده الكتاب المقدس
- يسير بسيارته الرئاسية الخاصة لتحية الحشود المشاركة في حفل التنصيب
- إقامة حفل غداء على نفقة الولاية التي خرج منها الرئيس الجديد
*تنصيب بايدن
وكشفت لجنة تنظيم حفل أداء اليمين للرئيس المنتخب جو بايدن عن جدول أعمال الحفل المقرر في 20 من يناير/كانون الثاني الجاري.
وقالت اللجنة إنه بمجرد أداء اليمين، سيحيط الرئيس المنتخب نفسه بأسلافه باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش لتوجيه دعوة إلى الوحدة في أمريكا المقسومة.
وأضافت اللجنة أن "أمريكا الموحدة" سيكون شعار حفل تنصيب الرئيس 46 للولايات المتحدة، وذلك بعد أعمال العنف في "الكابيتول" التي أثارت صدمة عميقة في البلاد.
وحضت رئيسة بلدية واشنطن مورييل باوزر، الأمريكيين على عدم التوجه لحضور هذا الحفل بل متابعته عبر الإنترنت أو على التلفزيون.
وفور أدائه اليمين، سيتوجه جو بايدن إلى مقبرة أرلينغتون الوطنية مع الرؤساء السابقين أوباما وبوش وكلينتون لوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد أعلن أنه لن يحضر حفل أداء اليمين، فيما اعتبر بايدن أن هذا الغياب سيكون "أمرا جيدا".
وسيتغيب أيضا عن الحفل الرئيس الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر بسبب تقدمه في السن (96 عاما).
نورنيوز-وكالات