وبدأ ديهيل بالحديث عن موقف أعضاء الكونغرس الجمهوريين من نتائج الانتخابات وفوز بايدن: “تجنبوا الاعتراف به كرئيس منتخب، وواصلوا إصدار بيانات لإرضاء دونالد ترامب، مما يعني القيام بهجوم وقائي قبل أسابيع من تسلمه السلطة ووضع العقبات أمام سياساته المحتملة”.
ويرى الكاتب أن سياسة الأرض المحروقة مستهجنة عندما تصدر عن معارضي بايدن المحليين. ولكنها مثيرة للدهشة عندما يتبناها زعيم بلد من أهم حلفاء الولايات المتحدة، بلد يعتمد على إجماع الحزبين في واشنطن لتمرير مساعدة سنوية بمليارات الدولارات ودعم أمنه الأساسي. و”ذلك الزعيم، هو بالطبع بنيامين نتنياهو، أطول رئيس وزراء يحكم إسرائيل حتى الآن والذي كان رده على انتخاب بايدن متفوقا على ردة فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوقاحة والحقد”.
وكان موقف نتنياهو المتحزب لترامب صارخا مثل اليافطة التي علقت في تل أبيب وتحمل صورتهما معا علامة على أنهما قويان. وعندما أعلن الإعلام الأمريكي عن فوز بايدن في 7 تشرين الثاني/نوفمبر، انتظر نتنياهو حتى اليوم الثاني لتقديم التهنئة، وجاء متأخرا عن آخرين قريبين لأمريكا.
ولم يوجه نتنياهو تهنئته إلى بايدن، ولم يعترف في تغريدته بفوز بايدن. وبعد 14 دقيقة، أرسل نتنياهو تغريدة خاصة لترامب يشكره فيها “على الصداقة التي أظهرها لدولة إسرائيل ولي شخصيا”. ومنذ ذلك الوقت، تبنى نتنياهو موقفا متشددا ضد واحد من أهم تعهدات بايدن في السياسة الخارجية وهي عودة الولايات المتحدة للتفاوض مع إيران.
ويُعتقد أن الكيان الصهيوني تقف وراء عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر. وهذا الفعل الاستفزازي، يقول ديهيل، لن يبطئ نشاطات إيران النووية، بل على العكس سيسرعها. لكن قتل فخري زادة قد يخرب محاولة بايدن العودة للاتفاقية النووية.
ويرى ديهيل أن تحضير نتنياهو لإدارة بايدن بدأ قبل الانتخابات. ففي 14 تشرين الأول/ أكتوبر أقرت لجنة حكومية بناء 2260 وحدة سكنية، ثلثها ستقام على أراضي واقعة ضمن الدولة الفلسطينية التي يدعمها بايدن. و600 المخصصة للمستوطنات التي يحظر عليها التوسع حتى ضمن خطة ترامب الأحادية والداعمة لإسرائيل والتي صادق عليها نتنياهو.
وربما دافع أنصار نتنياهو عنه بأن شكره لترامب أمر طبيعي بعدما أغدق عليه الكثير من الهدايا بما فيها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ويقول البعض إن الضغط على إيران قد يؤدي لدفع بايدن للخروج الدبلوماسي من طهران.
ولكن نتنياهو ضاعف من جهوده في واشنطن بطريقة لم يقم بها أي زعيم أجنبي، حيث تحالف مع الحزب الجمهوري، وعمل بقدر استطاعته لتقويض جهود الرؤساء الجمهوريين المتعاقبين، وعوّل في الوقت نفسه على دعم الحزبين في الكونغرس الذي يصادق على المساعدة السنوية لإسرائيل.
لكن مقامرة نتنياهو كانت لها ثمار مزيجة. فصِدام نتنياهو مع الرئيس بيل كلينتون، نظر إليه كعامل في هزيمته بانتخابات 1999 الإسرائيلية. وبعد عودته إلى السلطة عام 2009 دعم وبشكل مفتوح المرشح الجمهوري ميت رومني ضد باراك أوباما في 2012.
وفشل كما فشلت محاولاته في منع توقيع اتفاقية نووية بين أمريكا وحلفائها مع إيران، عندما ألقى خطابا في الكونغرس. ولكن الدعم الديمقراطي لإسرائيل لم يتغير، خاصة عندما حاول نتنياهو تقييد يد أوباما لدعم الدولة الفلسطينية وتجميد المستوطنات في الضفة الغربية.
والسؤال إن كان هذا سيتغير أم سيواصل نتنياهو تحدي بايدن بشكل مفتوح. ومع مرور الوقت، فقد تراجع دعم نتنياهو وإسرائيل في صفوف الحزب الديمقراطي بسبب دعمه للحزب الجمهوري.
وفي استطلاع أجرته مجلة “إيكونوميست” و”يوغف” عام 2015 وجد أن نسبة 19% من الديمقراطيين يحملون مواقف محبذة من الزعيم الإسرائيلي، مقابل 50% لم تعبر عن مواقف داعمة له.
وفي 2019 وبعد عدة سنوات من تباهي نتنياهو بعلاقته مع ترامب، قالت نسبة 25% من الديمقراطيين إنها ترى في إسرائيل حليفا. ويظل بايدن من المدرسة القديمة في الحزب الديمقراطي، ولديه سجل قوي في دعم إسرائيل ويعرف نتنياهو.
ولا يبدو أن بايدن يشترك مع مواقف أوباما وكلينتون من إسرائيل، ولو قرر التحرك ضد نتنياهو فسيجد على أكبر احتمال دعما لتحركه من داخل الحزب. ويواجه نتنياهو مصاعبه الخاصة، فهو عرضة لمحاكمات بتهم الرشوة ومن المحتمل إجراء انتخابات قادمة في العام المقبل.
ويعتقد نتنياهو أن حربه ضد بايدن لن تؤذيه، لكن استمرار الإضرار بأسس العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية من السهل اكتشافه.
نورنيوز/وكالات