نورنيوز- تعرّض النظام السعودي في الأسابيع الأخيرة لسلسلة من التحديات والإخفاقات الدولية، على الرغم من التكاليف الباهظة والدعاية المكثفة والمشاورات المكثفة التي أجراها.
تعود هذه الإخفاقات بشكل رئيسي إلى مواقف آل سعود المناهضة لحقوق الإنسان في مختلف القضايا، إذ بات سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان قاتم للغاية لدرجة أنه على الرغم من جهوده العديدة، لم يتمكن من الإفلات منه.
أربعة إخفاقات واجهها النظام السعودي في الآونة الأخيرة يمكن إيجازها كما يلي:
1- "إخفاق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة": جاء هذا الفشل وسط كثرة الرشوة والتشاور والتهديدات من قبل ممثلي النظام السعودي، لاسيما بعد أن أخفقت الرياض في الفوز بواحد من مقاعد المجلس الخمسة عشر الرسمية. مع حصولها على 90 صوتًا (أقل من ثلثي الأصوات) من إجمالي 193 عضوًا في الجمعية العامة، لتكون المرشح الوحيد الذي خسر الانتخابات.
وكان النظام السعودي، الذي سعى من خلال حضوره في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة لحذف اسمه من القائمة السنوية للمنتهكين لحقوق الأطفال (أنظمة قتل الأطفال)، قد هدّد بوقف تبرعه بعشرات الملايين من الدولارات للجمعية العمومية إذا لم يتم انتخابه عضوا في المجلس الاممي.
2- "إخفاق في منظمة التجارة العالمية": وصل النظام السعودي الذي نافس نيجيريا وكينيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا في الجولة الثانية من مشاورات (24 سبتمبر إلى 8 أكتوبر) الى عضوية منظمة التجارة العالمية. وانتزع كل من وزيرة التجارة الكورية الجنوبية السابقة "يو مينج هي" ووزير المالية والشؤون الخارجية النيجيري السابق "أكونجو إيويلا" اللقمة من فم المبعوث السعودي.
وجاءت الهزيمة في وقت أجرى فيه محمد التويجري (مستشار الديوان الملكي ووزير الاقتصاد السعودي الأسبق) مشاورات مكثّفة كممثل للنظام مع حوالي 100 دولة (بما في ذلك دول إفريقية صغيرة) في أوائل شهر يوليو لهذا العام، إذ إنه لم يفشل فقط في كسب أصوات، إنما وفي حالة نادرة عارضت 19 حركة من خلال التوقيع على البيان مشترك مشاركة التويجري من اساسها.
3- "قرار البرلمان الأوروبي ضد السعودية": طالب البرلمان في قرار صادر عنه، مجلس الاتحاد الاوروبي في 9 أكتوبر من هذا العام تطبيق عقوبات على السعودية، كما طالب بإلغاء التمثيل المؤسسي والدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في نوفمبر/تشرين ثان المقبل بالمملكة، وذلك لعدم إضفاء شرعية على إفلات السعودية من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان
قرار عن البرلمان الأوروبي، تضمن انتقادات للسعودية، ومطالب بفرض عقوبات عليها؛ بسبب جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي قبل أكثر من عامين، وأوضاع حقوق الإنسان بالبلاد.
يتماشى هذا القرار مع قرارات الاتحاد الأوروبي السابقة بشأن النظام السعودي، بما في ذلك ؛ "علاقات النظام مع الاتحاد الأوروبي ودوره في غرب آسيا وشمال إفريقيا"، "قضية رائف بداوي بتاريخ 12 فبراير 2015" ، "قضية علي محمد النمر بتاريخ 8 اكتوبر 2015" ، "وضع المدافعات عن حقوق المرأة في السعودية في مايو 2018". وصدر بيان "اغتيال جمال خاشجي في 25 اكتوبر 2018" و "الوضع الإنساني في اليمن في 25 فبراير 2016 و 4 نوفمبر 2017 و 4 اكتوبر 2018".
يتناول القرار الحاجة إلى وجود مراقبين دوليين لمراقبة المعتقلين، وإصلاح سياسات الهجرة والعمل، والمحاكمات غير العادلة التي تقام بحق المهاجرين، ويدعو مجلس أوروبا إلى تبني آلية عقوبات حقوق الإنسان الخاصة بالاتحاد الأوروبي ذات الصلة بالمصالح والأهداف الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي. والتأكد من تطبيق عقوبات الاتحاد على المسؤولين عن اغتيال خاشقجي على الفور.
في خضم هذا القرار، وقّع 65 من أعضاء البرلمان الأوروبي رسالة إلى قادتهم يحثونهم فيها على عدم حضور قمة مجموعة العشرين.
4- "بحث أوضاع المعتقلين السعوديين من قبل البرلمان البريطاني": أعلن نواب في البرلمان البريطاني ومحامون دوليون عن تشيكل لجنة خاصة لتقصي الحقائق؛ بشأن احتجاز الأميرين السعوديين. وجاء الإعلان في مؤتمر صحفي عقده أعضاء اللجنة عبر الإنترنت.
ويرأس اللجنة النائب عن حزب المحافظين كريسبين بلنت، الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني، والذي سبق أن ترأس لجنتين لتقصي الحقائق؛ حول ظروف احتجاز معتقلي الرأي من قبل النظام السعودي والتحقيق في ظروف اعتقال كل من ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف والأمير أحمد بن عبد العزيز.
أمراء أزالهم "محمد بن السلمان" من طريقه منذ شهور بتهمة إعاقة سير عمل القضاء السعودي لتمهيد الطريق لمملكته، لذا فإن تدخّل لجان حقوقية أجنبية في مثل هذه الأمور يُحبط جهود ابن سلمان لتخليص نفسه من حالة الاحتقان الداخلي في مملكته المنشودة.
مجموع هذه الإخفاقات المتتالية نغصت على حكّام السعودية راحة بالهم مؤخراً، إخفاقات تعود إلى مشكلتين؛ أولاً، بالنظر إلى الاحتمال الكبير لخسارة ترامب أمام خصمه بايدن، يغير حلفاء أمريكا الأوروبيون بحنكة سياساتهم تجاه الحكام العرب الطغاة من أصحاب الصفحات السوداء في غرب آسيا، لدفع ضريبة أقل مقابل انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وثانيًا، فشل مساعي السعودية لتحسين صورتها أمام الرأي العام، لا سيما العالمي منه.
في هذا الصدد، لابد لنا أن نقول، بأنه على عكس تصور آل سعود وأعوانهم العبريين-الأمريكيين، إنه وبسبب انتهاك النظام السعودي المستمر لحقوق الإنسان، من قبيل جرائم هذا النظام في اليمن، وهيكله السياسي القمعي غير الديمقراطي تماما، وحملات الاعتقالات الواسعة التي يشنّها ضد نشطاء حقوق الإنسان، واختطاف أو المعارضين المعارضين المسلمين كما في حالة الصحفي خاشقجي، علاوة على دعم الجماعات التكفيرية الإرهابية، لن تكون سوى قلّة قليلة من الدول على استعداد للتعامل مع هذا النظام، وذلك لو لم تكن ضغوط ترامب موجودة.
نورنيوز