من جهتها أقرت الرئاسة الروسية بعدم التزام الطرفين الأرمني والأذربيجاني في نزاع قره باغ بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن وقف الأعمال القتالية وإعلان هدنة إنسانية في المنطقة.
وصرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين اليوم الخميس: "حتى الآن لا يمكن تأكيد تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية. للأسف، لا يلتزم طرفا النزاع بها".
وشدد المتحدث على أن روسيا كانت ولا تزال تفعل كل ما بوسعها بغية تحويل الوضع الحالي حول قره باغ إلى مجرى تسوية سياسية، مضيفا: "لا نزال ملتزمين بغياب أي بديل عن التسوية السياسية لهذه القضية".
وردا على سؤال عن إمكانية انضمام تركيا إلى الآليات الدولية الخاصة بتسوية نزاع قره باغ، ذكر بيسكوف أن القرار بشأن مشاركة أي دول ثالثة في مساعي التسوية يعود إلى طرفي النزاع، أرمينيا وأذربيجان.
وقال: "لا يمكن مشاركة أي جهة في تسوية النزاع وجهود الوساطة وانضمامها إلى الآليات القائمة إلا بموافقة كلا الطرفين".
حراك دبلوماسي دولي
واعتبر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أنه لا يوجد "حلّ دبلوماسي" للصراع بإقليم قره باغ، ودعا لتشكيل كتائب تطوعية للقتال، وذلك رغم الحراك الدبلوماسي الدولي لحل الأزمة، بينما أعلنت أذربيجان انتزاع قرى جديدة.
وقال باشينيان في فيديو نشر على فيسبوك "علينا الإقرار بأن لا حل دبلوماسيا لقضية قره باغ، الآن ولفترة طويلة قادمة". وأضاف "كل ما هو مقبول دبلوماسيا للجانب الأرمني ليس مقبولا من الجانب الأذري".
ودعا جميع "مسؤولي المدن والمقاطعات والقرى والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والتجارية إلى تنظيم وحدات متطوعين" للقتال إلى جانب الانفصاليين في ناغورني قره باغ ضد أذربيجان.
وفيما يبدو تبريرا لدعوات التطوع، وصف باشينيان وضع الانفصاليين على الجبهة بأنه "سيئ جدا" مضيفا أنه "يوجد النصر أو الهزيمة، ولا شيء آخر، ولتحقيق النصر علينا تشكيل وحدات متطوعين".
ومن بروكسل، قال رئيس أرمينيا أرمين سركيسيان خلال محادثاته مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ إن هناك طرفا ثالثا يدعم أذربيجان سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا، "وللأسف" هذا الطرف الثالث هو دولة عضو في الناتو، وهو تركيا.
وأضاف "أعتقد أنه في حال توقفت تركيا عن أن تصبح طرفا في الصراع وساهمت في وقف إطلاق النار واقتنعت بضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة… حينها يمكن أن نتوصل لوقف إطلاق نار ونأمل بعدها إيجاد حل سلمي للصراع".
وبدوره، شجب ستولتنبرغ الانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان، ودعا إلى استئناف المفاوضات من أجل التوصل لتسوية سياسية.
وفي المقابل، قال حكمت حاجييف نائب الرئيس الأذربيجاني إن تصريح باشينيان يظهر مرة أخرى أن أرمينيا ليست مهتمة على الإطلاق بالحل السلمي للصراع.
وقال حاجييف في بيان إن القيادة في أرمينيا تقر بأن هدفها إبقاء الأراضي المحتلة في أذربيجان تحت الاحتلال، وهو ما يؤكد أن تصريحات يريفان الرسمية فيما يتعلق بالتسوية التفاوضية للنزاع ما هي إلا نفاق.
وأضاف أن رئيس الوزراء الأرميني "يشجع بتهور" المدنيين على حمل السلاح والمشاركة في العمليات العسكرية من أجل طموحاته السياسية.
وشدد حاجييف على أنه يجب على المجتمع الدولي والدول التي تترأس مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، على وجه الخصوص، استخلاص نتيجة من بيان القيادة الأرمينية على خلفية الموقف الأذري "البناء" فيما يتعلق بالنزاع.
وفي الجانب التركي، قال فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي الأربعاء إن بلاده لن تتردد في إرسال قوات وتقديم دعم عسكري لأذربيجان إذا طلبت باكو ذلك، مضيفا أنها لم تطلب ذلك بعد.
وانتقد أقطاي خلال مقابلة تلفزيونية مجموعة مينسك، واتهمها بمحاولة الإبقاء على المسألة دون حل وبدعم أرمينيا سياسيا وعسكريا.
وفي الميدان، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف عبر تويتر "تحرير" بلدة مينجيفان التابعة لمدينة زنغلان و21 قرية أخرى في إقليم قره باغ.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية في بيان الأربعاء إسقاط 3 طائرات من دون طيار تابعة للجيش الأرميني، اثنتان منهما أسقطتا فوق مدينة فضولي والثالثة باتجاه ترتر.
وفي بيان آخر، قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن قواتها استولت على دبابات ومركبات عسكرية تابعة للجيش الأرميني في محاور القتال، وبثت صورا تظهر أنواعا مختلفة من الدبابات منها ما هو بحالة جيدة وأخرى مدمرة.
كما أشارت الوزارة في بيانها إلى أن الدبابات السليمة تم الاستيلاء عليها بعد هروب جنود أرمينيين من ساحات المعارك.
وبالتوازي مع ذلك، قالت وزارة الدفاع بالإقليم غير المعترف بسلطاته الأربعاء إنها سجلت سقوط 62 قتيلا آخرين في صفوف الجيش، مما يرفع العدد الإجمالي منذ اندلاع القتال مع قوات أذربيجان في 27 سبتمبر/أيلول إلى 834 قتيلا.
وقالت وزارة الدفاع الأرمينية: إن المعارك التي جرت الثلاثاء أسفرت عن مقتل 150 من عناصر الجيش الأذربيجاني، إضافة إلى تدمير أربع مدرعات، كما نشرت الوزارة صورا قالت إنها عمليات استهداف لمواقع الجيش الأذربيجاني.
في الأثناء، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو مباحثات منفصلة مع نظيريه الأرميني زوغراب مناتساكايان والأذربيجاني جيهون بايراموف، تناولت تطورات النزاع.
وقالت الخارجية الروسية في بيان، إن لافروف بحث مع الوزيرين تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والدفع للتسوية السياسية بين البلدين.
وتوصل الاجتماع المشترك السابق الذي عُقد بالتاسع من الشهر الحالي لاتفاق على هدنة إنسانية دخلت حيّز التنفيذ اليوم التالي، إلا أنها بقيت حبرًا على ورق. وبعد أسبوع، فشل تطبيق وقف ثان لإطلاق النار.
ومن جانبها كثّفت روسيا (القوة الإقليمية النافذة) دعواتها لوقف النار منذ بدء المعارك في 27 سبتمبر/أيلول الماضي بإقليم قره باغ ذي الأغلبية الأرمنية، الذي انفصل عن أذربيجان مع انهيار الاتحاد السوفياتي، مما تسبب في حرب أوقعت 30 ألف قتيل.
وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنه سيلتقي نظيريه الأذربيجاني والأرميني في واشنطن يوم الجمعة لبحث الأزمة بين البلدين.
وأضاف أن الحل هو خفض التصعيد ووقف التدخل الأجنبي من أجل السماح للطرفين بالتوصل إلى حل دبلوماسي.
نورنيوز-وكالات