نورنيوز- يقلب فيلم الجوكر الذي أخرجه "تود فيليبس" هذه المرّة الموازين المرسومة مسبقاً عن الشرّ والخير في المجتمع الأمريكي، فبطل الشاشة هذه المرّة هو الجوكر الذي رُسمت شخصيته لعقود على أنه شرير ينثر الخراب في مدينة جوثام (حيث تقع الأحداث) وهي مدينة نيويورك في الواقع، فالمدينة هذه المرّة هي "مقر كل الشرور"، حيث يتحكم الأغنياء في كل شيء، والرأسمالية تطبق على أرواح المواطنين، ووسائل الإعلام عبارة عن اداة لتشتيت أفكار العامة عما يحصل على أرض الواقع.
الجوكر هذه المرّة هو بطل الشعب الذي سيحرّره من قيود الرأسمالية الأمريكية الجائرة، ولكن هذا الدرب الشائك لن تتمكّن الطبقة المحرومة المستضعفة من اجتيازه إلاّ من خلال اتبّاع نهج الجوكر ملك الفوضى التي جاءت بعد تراكمات من القهر والظلم والغدر من قبل الطبقة الرأسمالية.
جوكر هذه المرحلة مختلف عمن سبقه، إذ كان يجسّد في كل مرحلة من مراحل الرئاسة الامريكية منذ ثلاثين عاما، خطرا محدقاً بالعامة في عصر الخوف من توحش إجرام المراهقين والقُصَّر، ها هو جوكر هيث ليدجر إرهابيا في آخر عام من حكم جورج بوش دفع باتمان لتشييد دولة قائمة على مراقبة مواطنيها، إلاّ أننا نراه في العام 2019 في عهد رئاسة الرأسمالي المتعجرف ترامب مختلف جداً، فهو انعكاس للمرحلة الراهنة وتجسيد لمعاناة الأغلبية المطحونة في أمريكا.
المخرج الأمريكي مايكل مور، كتب في مقال حول مدينة الجوكر، إنها "مقر كل الشرور"، حيث يتحكم الأغنياء في كل شيء، ومركز البنوك والشركات التي تبتز المواطنين، ومرتكز وسائل الإعلام التي لا تقدم شيئاً يخدم الجمهور.
يرى مايكل مور أن هذا الفيلم لا يدور حول ترامب فقط، وإنما حول المجتمع الأمريكي الذي سمح بظهور شخص مثله، بعد أن أصبح الأثرياء أكثر ثراء وقذارة.
يتابع المُخرج مايكل مور الكشف عن خفايا جوكر مرحلة ترامب، قائلا: إن الخوف والغضب المسيطرين على كثيرين بعد عرض الجوكر ليسا حقيقين، فهما إلهاء كي لا يرى الأمريكيون ما يشهده مجتمعهم من عنف لا سيما عنف السلطة، والتحدث عن ترويج الفيلم للفوضى محاولة لصرف انتباه المواطنين عن الأغنياء ورجال السلطة الذين يتحكم بكامل البلاد وبمصير سكانها.
أغلب أعمال العنف التي تحدث في الفيلم يتعرض لها بطله الجوكر، وهو الشخص الذي يحتاج إلى المساعدة، شخص يحاول البقاء على هامش مجتمع جشع، يحاول المُضي قدماً والعيش في سلام رغم كل ما يتعرض له ويواجهه، حتى باتت الجريمة التي ارتكبها هي عجزه عن الحصول على مساعدة، في حين يواصل الأثرياء حياتهم غير مبالين.
الكاتب والمؤلف جيف يانج، يرى أن أحداث "جوكر مرحلة ترامب" مُستمدة من حالة الاستياء التي يروج لها الرئيس الجمهوري الحالي بخطابه العنصري أثناء تجمعاته الانتخابية، وتعد شخصية توماس واين، إحدى الشخصيات التي ظهرت في الفيلم وكان مدير والدة آرثر "الجوكر"، وهو رجل شديد الثراء مُتعجرف، يصف المُهمشين والفقراء في البلاد بـ"المُهرجين" ويعاملهم بطريقة دونية، وعلى مايبدو أن الكاتب وضع صفات ترامب كما هي في شخصية "توماس واين" المتسلّط الجائر.
نورنيوز