وأجمع الخبراء أن ما يراه ترامب بشأن صفقته سيكون لها نتائج عكسية إذ تُبعد وتُعقد من تحقيق السلام بين الأطراف، خاصة مع تجاهلها مبدأ حل الدولتين.
وأكد الخبراء فشل دبلوماسية ترامب في فرض السلام (اذا صح التعبير)، وهو ما ينتج عنه تهديد ديمقراطية "إسرائيل"، والإضرار بمصداقية الولايات المتحدة، وانعدام فرص خلق دولة فلسطينية مستقلة.
وعن توقيت إعلان الخطة، أجمع الخبراء أنها ليست إلا محاولة للالتفاف على متاعب وأزمات ترامب الداخلية مع محاكمته وبدء موسم الانتخابات الأميركية.
واعتبر الخبراء أن توقيت طرح الخطة يمثل من ناحية أخرى محاولة لدعم حظوظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الانتخابية، حيث تجري "إسرائيل" انتخابات برلمانية، للمرة الثالثة خلال أقل من عام، بعد ثلاثة أسابيع.
ويرى بعضهم أن هذا يعد دليلا آخر على أن ترامب يضع مصالحه الشخصية الضيقة قبل مصالح الأمن القومي الأميركي.
وبحسب موقع الجزيرة، جاء إعلان خطة صفقة ترامب بعد اتخاذ البيت الابيض خطوات غير محسوبة منها:
-قرر ترامب بطريقة فردية نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة في ديسمبر/كانون الأول 2017، ورد الفلسطينيون بمقاطعة الإدارة ووقف اللقاءات الرسمية مع الجانب الأميركي.
-حجزت إدارة ترامب مبلغ 65 مليون دولار في أغسطس/آب 2018 من الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان لهذا القرار نتائج سلبية للغاية على لبنان والأردن اللذان يستضيفان أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين.
-وفي أبريل/نيسان 2019 رفض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التأكيد أن حل الدولتين يعد أحد ركائز سياسة بلاده في الشرق الأوسط، وقال "نحن نعمل مع أطراف عدة على طرح رؤية لسلام الشرق الأوسطحسب تعبيره".
-ثم جاء مؤتمر البحرين الاقتصادي في يونيو/حزيران 2019 الذي هدف لجمع أموال لدعم الفلسطينيين ولتحسين الظروف المحيطة بعملية السلام. في حين قاطعه الفلسطينيون، واستخفت به "إسرائيل"، وفشل المؤتمر في جمع الأموال المستهدفة.
-وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أعلنت إدارة الرئيس ترامب تغيير السياسة الأميركية في وصف المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية بغير شرعية. ودعمت الخطوة الأميركية وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنيته ضم بعض أجزاء الضفة الغربية.
ويضعف من أهمية طرح "صفقة القرن" إعلان الجانب الفلسطيني رفض أي خطة يطرحها الجانب الأميركي حتى دون الحاجة للنظر لتفاصيلها. كما أنه لا يمكن النظر للإعلان المنتظر لخطة صفقة القرن دون الأخذ في الحسبان أنه لا توجد حكومة منتخبة في "إسرائيل" تجرؤ على الموافقة على هذه الخطة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الثالثة في أقل من عام.
تشكيك الخبراء
يرى دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى "إسرائيل" في عهد باراك أوباما، أنه "لا يوجد أي مبرر لإعلان صفقة القرن الآن. لا توجد حكومة في "إسرائيل" يمكن التعامل معها، وما نعرفه أن الفلسطينيين سيرفضون الخطة فور إعلانها".
وغرد شابيرو بالقول "عندما كنت سفيرا في "إسرائيل"، كانت التعليمات تقول إنه لا يمكن لطرف ثالث أن يفرض اتفاقا على الطرفين، وإن الاتفاق يجب أن يكون نتاج مفاوضات مباشرة بين الطرفين، وإن أي اتفاق يجب أن ينهي الصراع الطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأخيرا يجب منع "إسرائيل" من أن تصبح دولة ثنائية القومية".
في حين قال مارتن إنديك، مساعد وزير الخارجية السابق للشرق الأوسط ومبعوث عملية السلام، "إن تصميم ترامب على إعلان صفقة القرن قبل انتخابات "إسرائيل " ودون طرف فلسطيني، دليل على أنها ليست خطة للسلام بل هي لعبة هزيلة من بدايتها لنهايتها".
وأضاف إنديك "طرح الخطة يضمن فشلها، ورفض الفلسطينيين يقتلها ولن تستطيع أي حكومة إسرائيلية قبول شيء كهذا قبل الانتخابات".
ويعتقد المفاوض الأميركي السابق آرون ديفيد ميلر "أن طرح صفقة القرن قبل أسابيع من ثالث انتخابات إسرائيلية في أقل من عام واحد ودون أي اعتبار لموقف الفلسطينيين يأخذ الدبلوماسية الأميركية لمستوى جديد من السقوط".
وأضاف ميلر "ستفشل صفقة القرن، إدارة ترامب أساءت تقدير أهمية الطرف الفلسطيني في الصراع".
ويقول إيلان غولدبرغ، مدير برنامج الشرق الأوسط بمعهد الأمن القومي الأميركي الجديد، "إن خطة السلام تهدف لتوجيه الأنظار بعيدا عن محاكمة ترامب بمجلس الشيوخ، وتمهيد الطريق أمام إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو، كما أنها تهدف لجعل حلم ديفيد فريدمان، سفير ترامب في "إسرائيل"، حقيقة بضم أراضي الضفة الغربية ل"إسرائيل".
نورنيوز-وكالات