لنبدأ بالدبلوماسية:
هل يمارس الرئيس ترامب و ادارته الدبلوماسية؟
للاختصار، وتجنّباً للاجتهاد في الإجابة، يمكن للقارئ الاطلاع على كتاب بعنوان "القناة الخلفية ـthe BAck channel , Random House ، صدرَ عام 2019، للدبلوماسي الامريكي، ويليام بيرنز، سفير سابق لأمريكا في روسيا من عام 2005 ولغاية 2008، ونائب وزير الخارجية . يصفُ المؤلف الدبلوماسية الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، بانها مركونة في غرفة العناية الفائقة. ويعّرف المؤلف الدبلوماسية "الأداة الرئيسة التي تستخدم لإدارة العلاقات الخارجية، والحد من التهديدات، واغتنام الفرص لتعظيم الامن والازدهار …".
يصف الكاتب وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس ترامب "كأنها تحاول استنساخ دور وزارة المستعمرات البريطانية".
تطبيقاً لمعاير وصفْ الدبلوماسية، الواردة في التعريف، نجدُ افتقار السياسة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية: امريكا اليوم لا تدير علاقات خارجية، وإنما تدير عداءات خارجية. امريكا اليوم لا تحدْ من التهديدات، إنما تُكثر من التهديدات. امريكا اليوم تغتنمُ الفرص ليس لتعظيم الامن والاستقرار العالميّن، انما لتهديم الامن و الاستقرار.
تجّردْ سياسة امريكا من الدبلوماسية هو سبب رئيسي لفشلها.
تتبنى امريكا اليوم سياسة حروب ناعمة وغير شرعية؛ إذ انها فرض الحصار وعقوبات غير إنسانية على دول وشعوب (فنزويلا، ايران)، وتفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على دول أخرى (روسيا، الصين، كوريا الشمالية وغيرها)، وتتبنى، بحجّة الديمقراطية وحقوق الانسان، دعم التمّرد و الانقلاب على الانظمة.
فشل امريكا في سياستها الخارجية، لتجرّدها من الدبلوماسية ولتبنيها حروبا ناعمة غير مشروعة، وجرائم اغتيالات، له تداعيات، ما هي، فقدت امريكا الكثير من مكانتها وهيبتها لدي الدول والرأي العام العالمي.
لم تتوقفْ الصحافة العالمية، والأمريكية والبريطانية وغيرهما من الإفصاح عن تدهور مكانة وهيبة امريكا لصالح الصين و روسيا، وعزمهما لربط اوربا بطريق الحرير الصيني، وفي إطار المشروع الاستراتيجي الأوربي الآسيوي الكبير.
خسرتْ امريكا مصداقيتها وثقتها لدى الدول و لصالح الصين اقتصادياً و لصالح روسيا عسكرياً .
اتفاقية الصين مع العراق وفق قاعدة "النفط مقابل الإعمار" كانت بمثابة خطوة خطيرة تنالُ من قدرة السلاح النقدي والاقتصادي لأمريكا وهو الدولار.
كُلفة اعمار العراق ليس الدولار، وانمّا كمية محدودة من النفط، ستكون هذه الخطوة ربما نموذجاً لخطوات أخرى تتبعها دول أخرى، أمرٌ يساهم في الإسراع الى صين عظمى، والى انحسار تداول الدولار والى انحسار نفوذ امريكا سياسياً واقتصادياً.
نجاح الاتفاق الصيني العراقي "النفط مقابل الإعمار"، سيخلدُ في ذاكرة العراقيين إضاءة وأمل خلافاً لاذعان "النفط مقابل الغذاء" الذي فرضته امريكا على العراقيين حصاراً وإذلالًا، ابانَ تسعينات القرن الماضي.
المسلة