ففي تقريره الذي نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الامريكية، قال الكاتب بول بيلار إن الحرب الهجومية التي بدأها جورج دبليو بوش منذ 17 عاما في العراق لم تكن تتعلّق فقط بأسلحة الدمار الشامل ومحاربة الجماعات الإرهابية، بل كان من المفترض أن تجلب نعمة الحرية والديمقراطية إلى شعب العراق، بعد تخليصهم من "حاكمهم الطاغي".
لكن سرعان ما طغى الإحباط على العراقيين، وترجم ذلك إلى تحول العديد منهم لمقاومة الوجود الأمريكي الذي أخذ يُصور كاحتلال أجنبي.
وفي حين لا تزال إدارة ترامب تستخدم الخطب الرنانة للتأكيد على أن وجود قواتها في العراق تأتي لمساعدة الشعب على تحقيق حريته ونظام ديمقراطي، فإنها تعارض بشدة رغبة العراقيين التي عبرت عنها الحكومة والبرلمان العراقيين بمطالبة القوات الأجنبية بالرحيل.
وأفاد الكاتب بأن ترامب تمادى إلى درجة تهديد العراق بالعقوبات في حال لم يرضخ لاستمرار وجود القوات الامريكية على أراضيه، وقد انطلقت الحكومة الامريكية في تنفيذ ذلك التّهديد من خلال تحذير العراق من أنه سيمنع من الوصول إلى حسابه لدى مجلس الاحتياطي الفدرالي الامريكي (البنك المركزي) إذا ما استمرت بغداد في المطالبة برحيل القوات الامريكية.
الاحتلال العسكري الأجنبي سيئا خاصة عندما تكون امريكا هي المحتلة
عموما، يعتبر الاحتلال العسكري الأجنبي سيئا في الغالب، وخاصة عندما تكون امريكا هي المحتلة، وهناك تكاليف مباشرة للاحتفاظ بمثل هذا الوجود في أرض أجنبية.
حيث يمكن أن تصبح القوات الامريكية هدفا للقوى الأجنبية غير الموالية، وهي نقطة الضعف التي أكّدتها الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة على قاعدتي عين الأسد والحرير في العراق.
هذا إلى جانب المعارضة العنيفة من جانب السكان المحليين للاحتلال الأجنبي.
وتبعث مثل هذه الترتيبات برسالة غير مجدية إلى الدول الأخرى بشأن تجاهل الولايات المتحدة لرغبات ومصالح الدول التي تدّعي أنها تساعدها.
وأورد الكاتب أن القوات الامريكية لا تزال ظاهريا موجودة في العراق للمساعدة في محاربة تنظيم داعش، ولكن منذ التصعيد الأخير بين أمريكا وإيران، لم تحدث مثل هذه المساعدة.
وحذر من أن فرض وجود القوات الأمريكية ضد إرادة الحكومة العراقية، يتجاهل حقيقة أن عودة ظهور التنظيم -حتى لو بشكل إمارة صغيرة- سيمثل تهديدا للعراق أكثر من كونه تهديدا لأمريكا.
واعتبر الكاتب أن الحكم الرشيد والاستقرار السياسي في العراق -في حال تحقق- سيكون العائق الأكبر أمام عودة تنظيم داعش، بيد أن القوات الامريكية لا تساهم في تحقيق هذه الأهداف.
وأضاف أن استمرار الوجود الامريكي هناك من شأنه أن يغذي حالة عدم الاستقرار والتوترات الطائفية التي تجعل العراق ميدانا أكثر ملاءمة لتنظيم داعش.
ولفت الكاتب إلى أن أكثر ما تتجاهله الولايات المتحدة هو الطبيعة المعقدة للعلاقات العراقية الإيرانية، ففي الحقيقة يرغب كلا الطرفان في إقامة علاقة مستقرة بل ودية، لأنهما لا يريدان تكرار سيناريو الحرب المدمرة في الثمانينيات؛ والعراقيون لا يرغبون في الهيمنة الامريكية.
نورنيوز-وكالات