ويقول غيرالدي في مقاله، إن الزعم بأن الجنرال قاسم سليماني كان في مهمة للقيام بهجمات (وشيكة) تقتل مئات الأمريكيين تبين أنها كذبة، ولهذا، فلماذا علينا تصديق أي شيء له علاقة بالتطورات المرتبطة بالعراق وإيران؟".
ويجيب الكاتب قائلا: "حتى نكون متأكدين، فالرحلة الدولية للطائرة الأوكرانية 752 التي أقلعت من مطار الإمام الخميني الدولي في صباح يوم 8 كانون الثاني/ يناير وعلى متنها 176 راكبا، وأطلقت الدفاعات الجوية الإيرانية عليها صاروخا أسقطها، وهو ما اعترفت به الجمهورية الإسلامية، لكن هناك المزيد في القصة تدخل في طياته حرب إلكترونية قامت بها الولايات المتحدة وربما إسرائيل".
ويؤكد غيرالدي أن "الدفاعات الجوية الإيرانية كانت بالتأكيد في حالة من التأهب خشية رد أمريكي في ضوء عملية اغتيال سليماني في 3 كانون الثاني/ يناير تبعتها غارات صاروخية شنتها إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق".
ويشير الكاتب إلى أن "الحكومة الإيرانية لم تغلق المجال الجوي، رغم التصعيد، فقد استمر إقلاع الطائرات المدنية من طهران، وهو خطأ في التقدير من جانب سلطات المطار، ولسبب غير مفهوم بقيت الطائرات المدنية تقلع وتهبط حتى بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية".
ويلفت غيرالدي إلى أنه كان من بين الركاب 57 شخصا من حملة الجنسية الكندية الإيرانية، حيث وجه رئيس الوزراء جاستين ترودو أصابع الاتهام لإهمال الحكومة الإيرانية وواشنطن، وقال غاضبا إن إدارة ترامب قامت ودون داع بالتصعيد مع إيران، من خلال الهجوم على مطار بغداد الدولي، ودون أن تأخذ في عين الاعتبار أثر غارتها على المسافرين والمدنيين في المنطقة.
ويقول الكاتب إن "ما بدا أنه سوء تقدير في الحكم وخطأ إنساني يحمل في طياته أيضا عناصر أخرى بحاجة للشرح، فقد واجه العاملون الإيرانيون في مجال الدفاعات الجوية (تشويشا) كبيرا، وهو ما أدى إلى إغلاق مفتاح التردد، وتوقف عن إرسال الإشارات لعدد من الدقائق قبل انطلاق الصاروخ وبعده، كما لوحظ وجود مشكلات في شبكة الاتصالات مع قيادة الدفاع الجوي".
ويقول غيرالدي إن "التشويش الإلكتروني جاء من مصدر مجهول، ما يعني أن النظام الدفاعي الجوي تحول إلى العمل اليدوي، واعتمد على التدخل الإنساني لإطلاق الصواريخ، والدور الإنساني يعني أن المشغل كان عليه اتخاذ قرار سريع في وضع ضاغط، وليست لديه سوى دقائق للرد، فتوقف جهاز الترددات الذي كان يمكن أن يرسل إشارة إلى (تور إلكترونيكس) بأن الطائرة مدنية، وأشار بدلا من ذلك إلى أنها معادية، فالمشغل الذي أخبر بأن هناك إمكانية لضربة أمريكية قادمة رد وأطلق الصاروخين".
ويفيد الكاتب بأن وإن أخذنا في عين الاعتبار ما حدث صباح ذلك اليوم في طهران فإنه من الممكن الافتراض تدخل شيء أو شخص في كل من الأنظمة الدفاعية الإيرانية وجهاز الترددات في الطائرة؛ في محاولة لخلق حادث جوي يمكن نسبته للحكومة الإيرانية".
ويرى غيرالدي أن "نظام الدفاعات الجوية الذي تستخدمه إيران يعاني من نقاط ضعف رئيسية، فيمكن تعريضه لعمليات قرصنة أو (خداعه)، ما يسمح للمتطفل بالتدخل وانتحال شخصية مستخدم شرعي والقيام بالسيطرة، وطورت البحرية الأمريكية وسلاح الجو تكنولوجيا (يمكنها خداع رادار العدو وجعله يستهدف الأهداف الخطأ)، وخداع الهدف يعني خداع المشغل، وذكرت صحيفة (الغارديان) وبطريقة مستقلة كيف قام الجيش الأمريكي بتطوير أنظمة يمكنها تغيير الإشارات الإلكترونية والأهداف المتوفرة للصواريخ الإيرانية".
ويؤكد الكاتب أنه "يمكن استخدام التكنولوجيا ذاتها للتمويه على جهاز الترددات في الطائرات المدنية بطريقة يمكن من خلالها إرسال معلومات خاطئة حول الهوية والمكان، ولدى الولايات المتحدة القدرات الحربية والإلكترونية للتشويش وتغيير الإشارات المتعلقة بجهاز الترددات والنظام الدفاعي الجوي الإيراني، ولدى إسرائيل القدرات ذاتها".
وينوه غيرالدي إلى أن "جوي كوين من موقع (سوت.نت) لاحظ بشكل مثير للصور والفيديوهات التي ظهرت في صحيفة (نيويورك تايمز)، وكشفت عن إطلاق الصواريخ وأثرها على الطائرة وبقاياها بعد تحطمها، بما في ذلك بقايا الصاروخ، وقد ظهرت الصور أول مرة في 9 كانون الثاني/ يناير في حساب اسمه (ريتش كيدز طهران) ويبدو أن صاحبه يعيش في مجمع سكني فقير قرب طهران، حيث كانت الكاميرا موجهة بزاوية جيدة استطاعت التقاط الصاروخ الذي ضرب الطائرة الأوكرانية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لو أخذنا صور (ريتش كيدز) مع إمكانية التدخل الإلكتروني لرأينا أن عملية اغتيال سليماني هي جزء من خطة مدبرة، وأدت إلى تظاهرات بعد الحادث، فانتقد المتظاهرون عقم الحكومة الإيرانية، وهتف بعضهم بمطلب تدعو إليه الحكومة الأمريكية والإسرائيلية منذ وقت طويل، وهو (تغيير النظام)، فإيران التي ظهرت ضحية من خلال اغتيال سليماني سرعان ما أصبحت المعتدية الملوثة يديها بالدماء، وهناك الكثير الذي يجب توضيحه بشأن ظروف إسقاط الطائرة الأوكرانية 752".
نورنيوز-وكالات