ويبدأ كاستشيتا مقاله، بالقول إن "طرد 21 طيارا سعوديا كانوا يتدربون في قاعدة بينساكولا الجوية قد يكون بداية موقف جديد تجاه المملكة الصحراوية، التي قد تتعرض لفحص دقيق من الولايات المتحدة بطريقة لم ترها من قبل".
ويشير الكاتب إلى أنه "في داخل الميزانية الضخمة من 1.4 تريليون دولار للنفقات الدفاعية، التي وقعت في كانون الأول/ ديسمبر 2019، بند ينص على ضرورة نزع السرية عن الجهود التي تقوم بها الحكومة السعودية لمساعدة مواطنيها المتهمين بجرائم الهروب من الولايات المتحدة، ويمنح قانون نزع السرية عن الهاربين السعوديين مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) ومدير الأمن القومي 30 يوما لتنفيذ الأمر، ويقترب الموعد في 18 كانون الثاني/ يناير".
ويقول كاستشيتا إن تضمين هذا البند في ميزانية النفقات الدفاعية كان من عمل السيناتور الديمقراطي عن أوريغان، رون ويدن، الذي قال: "لقد فات الوقت للتوقف عن معاملة السعودية وكأنها فوق القانون"، مشيرا إلى أن اهتمام ويدن جاء بعد اختفاء عدد من الطلاب السعوديين عقب توجيه اتهامات لهم بارتكاب جرائم خطيرة، والحكم على بعضهم لمدد تصل إلى 30 عاما.
ويستدرك الباحث بأنه "إذا تم الكشف عن الوثيقة فإنها ستكشف عن التجسس السعودي داخل الولايات المتحدة، وأي دور قد يكون المسؤولون السعوديون قد أدوه في مساعدة خاطفي الطائرات الذين نفذوا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، كما في الصفحات الـ28 التي تم التعتيم عليها من تقرير لجنة 11/ 9 ثم الكشف عنها".
ويرى كاستشيتا إن "الضغط من أجل الكشف المعمق عن السرية يجب أن يزيد بعد قيام الطيار السعودي المتدرب محمد سعيد الشمراني بقتل ثلاثة زملاء له وجرح ثمانية آخرين في القاعدة الجوية، وذلك في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2019، وربما يدفع ما سيتعلمه ويدن والمشرعون من الكشف عن الوثيقة للنظر إلى ما دعت إليه سو ميريك (استيقظي يا أمريكا)".
ويلفت الكاتب إلى أن النائبة قدمت في عام 2008 دعوة من 10 نقاط للتحرك، وكانت ميريك مؤسسة لجنة مكافحة الإرهاب في الكونغرس، وفي عام 2008 كان من يسيطر على الكونغرس هم الديمقراطيون، وقال إي جي كيمبل، الذي قام بصياغة أجندة "استيقظي يا أمريكا" بصفته مستشارا للشؤون الخارجية، لميريك: "كانت هذه أجندتها وليست أجندة لجنة مكافحة الإرهاب"، وأغضبت الأجندة وزارة الأمن الداخلي التي دعت إلى سحبها.
ويقول كاستشيتا إن "اهتمام ويدن قد يجد قبولا اليوم، خاصة أن الديمقراطيين مصممون على استهداف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بطريقة لم تكن في وقت ميريك، التي كانت تريد إنهاء الشكل الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بالعطاء والسعودية بالأخذ، والحد من ثقافة التبادل من طرف واحد، وتقييد المساهمة الأمريكية في الحروب التي تخوضها السعودية، وإنهاء اعتماد الولايات المتحدة على المعلومات الأمنية السعودية والوثوق بها، وكانت تريد (منع بيع الذخيرة الحساسة) و(إلغاء العقود لتدريب الشرطة السعودية وغيرها من قوات الأمن السعودية في مجال مكافحة الإرهاب)".
ويجد الباحث أن "استجواب تعامل السعودية بطريقة مسؤولة مع السلاح الأمريكي عام 2008 كان تعبيرا عن رؤية نافذة، في ظل التقارير الموثوقة عن نقلها أسلحة ومواد للقوات المستعدة لقتال الحوثيين في اليمن، بما في ذلك تلك الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، وبانتظار رؤية الأمراء في السعودية للدفاع عن أنفسهم ضد عدو مثل إيران التي ترد".
وينوه كاستشيتا إلى أن "ميريك كانت تشكك في مشاركة المعلومات الأمنية مع السعودية، وقامت أجندتها على التحقيق في الأئمة والمترجمين الذين تم تدريبهم في السعودية، خاصة الذين تمت المصادقة عليهم من عبد الرحمن العامودي المتهم بتمويل تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أن شكوكها في برامج منع التشدد السعودي كانت صحيحة، حيث رأت أن مركز محمد بن نايف للعلاج والعناية المخصص للتخلص من التطرف لديه معدلات عالية في عودة النزلاء فيه إلى أساليب التطرف".
ويتساءل الكاتب: "لماذا علينا الثقة في الطلاب السعوديين الذين يرسلون للتدريب في الولايات المتحدة والتعامل معهم على أنهم معتدلون؟ من الناحية الافتراضية يعدون من نخبة النخبة في البلاد، لكن شبكة (سي أن أن) كشفت عن أن السعوديين الذين طردوا ضبطت في حوزتهم مواد إباحية للأطفال".
ويؤكد كاستشيتا أن "الدفاع عن السعودية الذي اعترضت عليه ميريك عام 2008 لا يزال في محله، وإلا لما كان محمد سعيد الشمراني قادرا على شراء بندقية غلوك موديل 45 بطريقة قانونية، ولو قامت سلطات فلوريدا لترخيص السلاح بالتدقيق لاكتشفت العنوان المزور الذي وضعه على طلب الشراء، ولو قامت السلطات بتدقيق عميق حول المواطن السعودي لما سمحت له بشراء سلاح صيد أو بندقية".
ويفيد الباحث بأن "بعض الخبراء يرون أن هناك إجراءات للتصحيح في السعودية، وأن الضغط الشديد على محمد بن سلمان سيترك نتائج سلبية، في ضوء التغييرات التي قام بها، وكما قال جون حانا من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن (تحميل السعودية مسؤولية الضرر الكارثي على المجتمعات المسلمة بسبب تصديرها الوهابية ظل أولوية ثانوية للولايات المتحدة)".
ويقول كاستشيتا إن "السعودية ليست حليفا يوثق به في الحروب الباردة والساخنة مع إيران، وهي عدو أخفى نفسه بمهارة، ونال ثقة صناع السياسة، ويعتمد مصير العلاقات الأمريكية السعودية على تحول محمد بن سلمان لمصلح حقيقي، ولو كان مصلحا ومخادعا في الوقت ذاته فإنه يجب ترشيد العلاقات عبر السياسة الواقعية، أي الاستفادة منه والتقليل من الضرر الذي يمكن أن يتركه على أمريكا".
ويرى الكاتب أنه "على أي حال فإنه يجب عدم منح السعودية الثقة والاحترام اللذين يستحقهما الحليف، ويجب ألا تحصل على (علاقة خاصة) معنا كما هو الحال مع بريطانيا، ولا تشترك السعودية معنا في قيمنا بالطريقة ذاتها التي تشترك فيها إسرائيل معنا، ومعارضة إيران لا تعني أن السعودية محل للثقة، وأحيانا عدو عدوي هو عدو آخر وليس صديقي".
ويختم كاستشيتا مقاله بالقول: "لم تعد الولايات المتحدة بحاجة النفط السعودي، ولا المعلومات الأمنية عن تنظيم القاعدة، وفي الحقيقة فهم بحاجة لنا أكثر مما نحن بحاجة لهم، وحان الوقت للتصرف بهذه الطريقة".
نورنيوز-عربي 21