نورنيوز- أعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، يوم الثلاثاء (14 كانون الثاني 2020)، في بروكسل تدشين آلية فض النزاعات ضمن الاتفاق النووي المبرم مع إيران، بذريعة أن الجمهورية الاسلامية لم تلتزم بتعهداتها.
وبشأن قرار الترويكا الاوروبية هذا توجد العديد من النقاط التي لابد من التطرّق لها:
أولاً، لابد من التوضيح أن إجراء الدول الأوروبية الثلاثة نابع عن حالة انفعالية ومن موقف ضعف، لأن آلية فض النزاع في الاتفاق النووي بدأت من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ حوالي عام ونصف، وذلك عندما أرسل وزير الخارجية الايراني رسائل رسمية في هذا الشأن إلى منسق اللجنة المشتركة في الاتفاق النووي، وبالتالي لم يحدث أي شيء جديد سواء كان من الناحية التطبيقية أو العملية.
في الواقع إن خروج امريكا بطريقة غير قانونية من الاتفاق النووي وإعادة فرضها عقوبات أشدّ على ايران والتي كان بحسب الاتفاق من الواجب ان تُلغى، وضع الاتفاق النووي في حالة من الخلل وعدم الاستقرار. في المحصلة، أرجعت الجمهورية الاسلامية الإيرانية وبناءا على القرار رقم 36 في الاتفاق النووي تحت مسمى فض النزاع والخلاف، المسألة الى اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، وخلال الاجتماعات، وبتوافق جميع الأطراف تم الاجماع على أن السبب الرئيسي للوضع الحالي هو الانسحاب غير القانوني لامريكا. لهذا اقترح أطراف الاتفاق حلولًا لعلاج هذا الموقف.
لكن لسوء الحظ، في غضون عام، فشلت الأطراف الأوروبية في اتخاذ إجراءات ملموسة وجادة للوفاء بالتزاماتها واعتمدت نوعا من التخاذل في اجراءاتها، على الرغم من الالتزامات التي تعهدت بها بشكل رسمي والوعود التي قطعتها بعد خروج امريكا من الاتفاق. في حين التزمت إيران بالبنود المنصوص عليها في الفقرتين 26 و 36 من الاتفاق النووي وتوقفت عن تنفيذ جزء من التزاماتها النووية خلال خمس خطوات على فترات زمنية متباعدة حتى تُمهل الاوروبيين فرصة للالتزام بتعهداتهم.
التخاذل الاوروبي
إحراق الفرص وعدم الوفاء بالتعهدات من قبل الجانب الاوروبي ليس وليد هذه الفترة، إنما منذ بزوغ فجر الثورة الاسلامية حتى اليوم وضعت الدول الاوروبية يدها بيد امريكا في معاداة الشعب الايراني، ولعبت دورا كبيرا في هذا السياق، وفي عدّة محطات، لعبوا دور الوسيط في زيادة الضغوط على الجمهورية الاسلامية الإيرانية لغرض تأمين المصالح الأمريكية.
لم تف الدول الأوروبية بأي من التزاماتها طيلة حياتها، ومنذ أن انسحبت امريكا من الاتفاق النووي حاولت الترويكا الاوروبية جعل الجمهورية الإسلامية متماشية مع شروط دونالد ترامب الاثني عشر.
وفيما يتعلق بموضوع الاتفاق النووي، مر أكثر من عام على تعهّدات الأوروبيين بمواصلة تنفيذ التزاماتهم، وقد أصدروا منذ ذلك الحين قناة مالية خاصة في مايو لتسهيل التجارة مع إيران وتجاوز العقوبات الأمريكية، إلاّ انهم لم يفعّلوا هذه الآلية حتى الآن.
يرجع التأخير المتعمّد من قبل الاتحاد الأوروبي في تقديم وتطبيق الآلية المالية المحدّدة في الاتفاق النووي مع ايران، إلى المفاوضات التي تجري وراء الكواليس بين وزراء الخارجية الأوروبيين من جانب ووزير خارجية ترامب مايك بومبيو من جانب آخر وضمن قالب "الدبلوماسية السرية".
بناءا على ذلك، إن الاستثمار في السلوك الاوروبي وانتظار اي شيء منه لن يجلب لايران سوى الخسارة والفشل، ذلك لأن افتراض ان تكون اوروبا مستقلة في النظام العالمي ضرب من الخيال. في الحياة الواقعية، إذا أرادت أوروبا البقاء في الاتفاق النووي والاستفادة منه، يجب عليها أن تفي بشروط ترامب المتعلقة بالاتفاق اولا، أي رفع المواعيد النهائية لفرض القيود النووية على إيران، وإجراء المزيد من عمليات التفتيش في أي مكان بالجمهورية الاسلامية، والحد من قدرات ايران الصاروخية، ووقف دعم إيران لمحور المقاومة. الامر الذي لن تلبّيه ايران بتاتاً.
بعد خروج امريكا من الاتفاق النووي مع ايران، رأى بعض الخبراء أن هذه الخطوة أتاحت لأوروبا فرصة للحصول على استقلالها الخاص بمعزل عن امريكا، ولكن الطريقة التي عملت بها القوى الأوروبية الثلاث على مدار العام ونصف العام الماضي أظهرت أن ليس لديها القوة والإرادة ولا الوسائل للحصول على استقلالها عن امريكا، بل غالباً ما كانت تلعب هذه الدول دور مُعبّد الطريق لواشنطن.
نورنيوز