معرف الأخبار : 38074
تاريخ الإفراج : 12/21/2019 7:43:59 PM
سينما الانسان الايرانية.. أعظم أفلام العالم تجري في إيران

سينما الانسان الايرانية.. أعظم أفلام العالم تجري في إيران

في أحد ليالي مهرجان تيلوريد السينمائي عام 1995 ، صرح المخرج الألماني الشهير “فيرنر هرتسوغ” بالقول:” إن أعظم أفلام العالم اليوم تجري في إيران”

تموقع  إيران كبوابة  بين الشرق والغرب جعلها بوتقة لانصهار ثقافات متعددة ساهمت عبر آلالاف السنين بتشكيل الأرض والإنسان، هذا الإرث الحضاري الزاخر جعل من السهل على الإيرانيين اقتحام عالم السينما والنفاذ من خلالها عبر مرشحاتهم الفكرية والحضارية وتطويعها لمعالجة قضاياهم المجتمعية، سواء منها ما و افق هوى النظام أو حتى تلك التي أثارت حفيظته.

تاريخ السينما الإيرانية
يرجع تاريخ السينما في إيران إلى عام 1900، حين عاد الشاه الإيراني مظفر الدين شاه  من إحدى زياراته الأوروبية جالباً معه أول آلة تصوير.

ازدهرت السينما الإيرانية لاحقاً لفترة من الزمن لتتأرجح بعد ذلك بمنعطفات ومطبات متعددة ،  تحت سلطة أنظمة مستلقة – محافظة – معتدلة ما بين مشجع ومتحفظ ورافض، كل ذلك أثر سلباً على الصناعة السينمائية، نظراً لانعدام الأمن الاستثماري اللازم للقطاع الخاص الواجب لبناء بيئة آمنة ومستقرة لاستثمارات طويلة الأجل في المرافق التقنية وتكاليف الإنتاج.

لم يكن أمام السينمائيون الإيرانيون من خيار في مواجهة تعنت وتذبذب موقف الأنظمة تلك، سوى فكرة الاعتماد على الذات كحل وحيد، ووجدوا ضآلتهم في الواقعية الجديدة – مدرسة ثقافية سينمائية ظهرت في إيطاليا فترة الحرب العالمية الثانية نتيجة لحياة الفقر والبطالة التي خيمت عليها أنداك- تهدف هذه المدرسة لجعل الأفلام أكثر واقعية بالتحرر من الشروط الإنتاجية المقيدة للإبداع- من وجهة نظرهم – و الابتعاد عن جميع أساليب المؤثرات و الخدع ، كما أنها تنطلق مرتجلة البحث عن قصص إنسانية تدور رحاها في منطقة وسطى ما بين الروائي والتسجيلي  والتي غالباً ما تعتمد على ممثلين غير محترفين، ليتجّذر بذلك مفهوم  مدرسة الواقعية الجديدة في المخيال الايراني كاتجاه فني ومنظور فكري وبعد ثقافي.

أسماء بعض المشاهير في السينما الإيرانية
من أشهر أبناء  الجيل الأول…
المؤسس للسينما الواقعية في إيران  “داريوش مهرجوي”  وهو مخرج فيلم “البقرة The Cow” (1969) الذي يصنف كواحد من أشهر الأفلام  في تاريخ السينما الإيرانية والعالم، “مسعود كيميائي” و “هازير داريوش” وغيرهم ممن عمل في زمن الشاه.

ومن أبناء الجيل الثاني…
نجد على رأسهم “عباس كياروستامي” الذي أعاد تموضع إيران بقوة على خريطة السينما عندما فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي لفيلمه “طعم الكرز – Taste of Cherry ” ( 1977) ” أصغر فرهادي” (2001) فاز بإحدى جوائز الأوسكار عن فيلمه “الانفصال-  A Separation ” الذي نال (30) جائزة دولية و”مسعود ده نمكي” حقق فيلمه السينمائي “المبعدون”  أكبر إيرادات في تاريخ السينما الإيرانية وغيرهم الكثير الكثير.


 

المزج بين الروائي والوثائقي إلى حد الارتجال وذوبان الفوارق هو  الطابع الفني المميز للأفلام الإيرانية، نجد ذلك جلياً في فيلم  “طعم الكرز “لعباس كيارستمي” الذي يحكي لنا قصة الفيلم ببساطة وبتجريد مأساوي درامي عن فكرة الموت والرغبة في الانتحار لشخص غارق في السوداوية، يقول عن المخرج عن نفسه :” لم أكتب قط حوارًا كاملاً، فقط لدي خطوط عريضة تملؤها شخصيات الممثلين كيفما اتفق”

نجد ذلك أيضاً  في رائعة المخرج “مجيد مجيدي” في فيلم أطفال الجنة –  Children Of Heaven الذي يتمحور حول حذاء ليصور من لنا خلاله مرحلة الفقر الشديد الذي يعاني منه المجتمع الإيراني، المخرجة الإيرانية الشهيرة ” رخشان بني اعتماد” هي أيضاً ممن اتقن هذا الأسلوب واستخدمه بذكاء في تعرية المجتمع ومناقشة قضاياه الصادمة.

استراتيجية السينما الإيرانية
تشهد السينما الإيرانية في الداخل  والخارج  إقبال كبيراً نظراً لطابعها المحافظ، كونها تلتزم بمبادئ “الحشمة” وتبتعد عن إثارة الغرائز وخلوها من المشاهد المخلة بالآداب، مما أكسبها احترام جمهور راهنت عليه محوراً لقصصها وجوهراً لاهتمامها، لقد عالجت قضاياه ببساطة دون  إغراق في الخيال أو  الترميز.

انغمس السينمائيون الإيرانيون  في الحراك المجتمعي بوعي ثقافي وعمق سياسي كبير مكّنهم من تجاوز معوقات الفن المادية والرقابية من حيث كلفة الإنتاج وقيود الرقابة، متجاوزين بذلك حاجز المادة ومقص الرقيب واستطاعوا بكفاءتهم وجرأتهم وحبهم للفن السابع من تقديم أفلام سينمائية توشحت العالمية واحترمت عقل المشاهد وخاطبته بوجدان وعقلانية، إنها سينما اجتماعية ناقدة اكتسبت بعداً اخلاقياً وإنسانياً فريداً مقدمة نماذج عظيمة للفن الإنساني الراقي بروائعه فلمية غير عادية.

رأي النقاد بالسينما الإيرانية
يعلق “سامح سامي” رئيس تحرير مجلة الفيلم المصرية قائلاً في حديثة عن السينما الإيرانية: “إنها عظيمة إنها إنسانية، البعض يطلق عليها (سينما الإنسان) إنها سينما الشارع الإيراني، هي قصص حقيقية لناس عاديين”.

لم يخب ظن “هرتسوغ” ففي أقل من ربع قرن تبوأت السينما  الإيرانية مكانة رفيعة  في العديد من المحافل والمهرجانات الدولية باعتبارها واحدة من أهم دور السينما في العالم!

كيف استطاعت السينما  الإيرانية أن تحقق ذلك الحضور المحلي و الدولي – المثير للإعجاب – في ظل رقابة صارمة وميزانيات محدودة ووضع سياسي مضطرب ؟!

الجواب القاسي الذي تلقننا إياه السينما الإيرانية مفاده: ” أن الإبداع الفني لا ينحصر في الموازنات الضخمة ولا في التحرر الأخلاقي ولا في الموقف السياسي، إنما يكمن في قوة القصة وجمال المعالجة ونبل الرسالة”.


نورنيوز - وكالات
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك