نورنيوز- يعود فنّ كتابة المصحف الشريف الي صدر التأريخ الإسلامي حيث كان الإمام علي (ع) من أول كتّاب القرآن الكريم. وخير دليل علي ذلك هو المصاحف المنسوبة الي الأئمة المعصومين (ع) والمخطوطات القرآنية المتبقية منهم علي الجلد.
وتحتفظ متاحف في العراق وتركيا ومصر واليمن والهند وبريطانيا وألمانيا بهذه المصاحف التأريخية ومنها المخطوطات المنسوبة الي الإمام الرضا (ع) التي تم بيعها في مزادات علنية في لندن الأسبوع الماضي.
ومن أبرز المصاحف التأريخية الإيرانية هو مصحف \"بايسنقر ميرزا\" الذي كتب علي يد أخيه \"إبراهيم سلطان\" ويعدّ من المصاحف النفيسة والقيمة والتي توجد حاليا في متحف العتبة الرضوية المقدسة.
وكان القرآن يكتب في بدايته بالخط الكوفي فقط ولكن بعد إسلام الشعوب من مختلف الثقافات أصبحت هناك خطوط أخري تستخدم في كتابة المصحف الشريف منها خط النسخ والثلث والريحان والمعلي.
وبحسب الإحصائيات هناك 200 ألف مخطوطة 5 آلاف منها ذات قيمة فنية كبري من حيث التذهيب أو التغليف أو التصحيف.
ومعظم هذه المصاحف المخطوطة منذ قبل ألف عام هي للخطاطين الإيرانيين الذي يمكن إعتبارهم دون أي تفاخر من رواد فن كتابة القرآن الكريم.
والخطاط القرآني الشهير الآخر هو \"ياقوت المستعصمي\" الذي ولد في بغداد سنة 626 هـ على وجه التقريب، وقيل رحل في العام 696 هـ، يرجع نسبه إلى المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس المقتول على يد التتار سنة 656 هـ، قدم إلى بغداد في جملة الرقيق عام 640 ه، واشتراه المستعصم صغيراً ونشأ في دار الخلافة، ونجا من القتل عندما قتل المستعصم.
تعلم ياقوت على يد الشيخ زكي الدين ابن حبيب أحد رجال المتصوفة، ومن كبار الخطاطين في زمنه، كما تعلم على يد شيخه صفي الدين عبد المؤمن بن يوسف، الذي شغل وظيفة رئيس خزانة الكتب المستعصمية، كانت له عناية كبيرة بالموسيقى، وألف فيها كتاب \"الأدوار والإيقاع\"، وقال عن نفسه أنه اشتغل بالعود وأحبه أكثر من أي شيء لكن شهرته كانت بالخط.

وأجمع القدامى على براعة خط ياقوت وجودته، حيث كتب العديد من المصاحف الشريفة قيل إنها تجاوزت الـ1000 مصحف، ومنها مصحف موجود بالآستانة \"اسطنبول\"، ومصحف كبير بأياصوفية، ومصحف بالتربة الحميدية، وغيرها كثير، وقطع من القرآن الكريم مؤرخة وغير مؤرخة.
ونسخ كتباً عديدةً للفلاسفة والحكماء منها: كتاب الشفاء لابن سينا وغيره من المخطوطات، قلده كثير من الخطاطين تزويراً ووضعوا في آخر ما كتبوه \"كتبه ياقوت المستعصمي\" ولايميز الصحيح من المزور إلا البصير الحاذق.
وتوفي في العام 696 للهجرة، وورد ذكره في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: «وفيها توفي الأستاذ جمال الدين أبو المجد ياقوت بن عبد الله المستعصمي الرومي الطواشي صاحب الخط البديع الذي شاع ذكره شرقاً وغرباً. كان خصيصاً عند أستاذه الخليفة المستعصم بالله العباسي آخر خلفاء بني العباس ببغداد. رباه وأدبه وتعهده حتى برع في الأدب ونظم ونثر وانتهت إليه الرياسة في الخط المنسوب.»
الخطاط عثمان طه
واشتهر بكتابته لمصحف المدينة الذي يصدره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية، هو أبو مروان عثمان بن عبده بن حسين بن طه الحلبي، من أصول سورية لكنه مقيم في المملكة العربية السعودية منذ سنوات طويلة.
ولد عثمان طه في ريف مدينة حلب السوري سنة 1934م، ووالده هو الشيخ عبده حسين طه، الذي كان إمام وخطيب المسجد وشيخ كتاب البلد، وأخذ مبادئ الخط عنه.
ودرس عثمان طه في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدينة حلب وتتلمذ على مشايخ الخط في مدينة حلب.
وحصل على درجة الليسانس في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق عام 1383 هـ الموافق 1964م، وعلى الدبلوم العامة من كلية التربية من جامعة دمشق عام 1384 هـ الموافق 1965م.
وتعرَّف عثمان طه في العاصمة السورية دمشق على محمد بدوي الديراني خطاط بلاد الشام، وأخذ منه الكثير في الخط الفارسي، وخط الثلث من عام 1379 هـ الموافق 1960م وحتى عام 1967م.
وكان يجتمع مع خطاط العراق هاشم محمد البغدادي حين يزور دمشق، وتعلم منه تمرينات وتعليقات كثيرة حول خط الثلث والنسخ، حصل على إجازة في حسن الخط من شيخ الخطاطين في العالم الإسلامي حامد الآمدي عام 1392 هـ الموافق 1973م.
وعُيِّن عضواً في هيئة التحكيم الدولية لمسابقة الخط العربي التي تجري في إسطنبول كل ثلاث سنوات منذ عام 1408 هـ الموافق 1988م كما درس الرسم وعلم الزخرفة.
ويعد \"عثمان طه\"، من أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم الإسلامي حيث خط المصحف أكثر من 13 مرة بالمجمع، وأمتع العالم بجمال خطه وإتقانه، وتميز بحرصه وتفانيه في خدمة القرآن الكريم، وتجاوز عمره 85 عاماً.
وكتب عثمان طه أول مصحف لوزارة الأوقاف السورية عام 1970، قبل أن يأتي إلى المملكة، ويكتب المصحف الذي طُبع من النسخة التي خطها بيده، ما يزيد على 200 مليون نسخة، توزع على مختلف دول العالم.
يذكر أن الخطاط عثمان طه كتب أول مصحف قبل نحو 50 عاماً لوزارة الأوقاف السورية، قبل أن يأتي في العام 1988 إلى السعودية، وجرى تعيينه خطاطاً في مجمع فهد لطباعة المصحف في المدينة وكاتب لصحيفة المدينة النبوية.
وكالات