وخلال كلمته أمام اجتماع يضم رؤساء الوزراء وكبار المسؤولين من الدول الأعضاء والمراقبين والشركاء في منظمة شنغهاي للتعاون، اليوم الثلاثاء، وصف النائب الأول لرئيس الجمهورية محمدرضا عارف، اجتماع مجلس رؤساء وزراء منظمة شنغهاي للتعاون بأنه "فرصة لمراجعة الإنجازات الاقتصادية للمنظمة، وللتشاور حول سبل تحديث وتطوير أنشطتها في ظل الظروف الدولية المضطربة حاليا. "
وأشار عارف إلى أن العالم اليوم يمرّ بتحولات عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، مؤكدا أن:"النظام الدولي يدخل حاليا مرحلة جديدة؛ مرحلة يُعيد فيها نمو الاقتصادات الناشئة، والتحولات التكنولوجية، وتعاظم التفاعلات الإقليمية، رسمَ ملامح جديدة للمشهد الدولي. "
وشدّد قائلا: "النظام الدولي القائم على الأحادية لم يعد متوافقا مع وقائع العصر الجديد. "
العدوان العسكري على إيران انتهاك فاضح للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية
وفي جزءٍ آخر من كلمته، عبّر النائب الأول لرئيس الجمهورية عن تقديره لدول أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون على إدانتها للعدوان العسكري على إيران، وقال:"نُعيد التأكيد على إدانتنا الشديدة للهجمات العدوانية التي شنّها الكيان الصهيوني على إيران بدعم ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل تقاعس مجلس الأمن الدولي. "
واستطرد مؤكدا على أن استهداف المنشآت النووية السلمية الإيرانية، والقتل الوحشي للمدنيين الأبرياء، والهجمات الإجرامية ضد عسكريين خارج نطاق مهامهم، واغتيال أساتذة جامعيين، وقتل النساء والأطفال والمواطنين العُزّل، يُعد انتهاكا فاضحا للقواعد الدولية، ويشكّل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب واضحة.
وأضاف:"رغم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتعرض لتداعيات السياسات الأحادية الأمريكية وجرائم الكيان الصهيوني، إلا أننا لم ولن نتقاعس أبدا عن واجباتنا والتزاماتنا كطرف فاعل وجاد ومؤثر في الساحة الاقتصادية والتنموية متعددة الأطراف وعلى الصعيد الإقليمي. "
وأشار عارف إلى أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية دأبت دائما على دعم التعددية الحقيقية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والتصدي لاستغلال المؤسسات الدولية في أهداف سياسية. "
وتابع بالقول:"ترى إيران أن تحقيق الأمن والتنمية والعدالة على الصعيد العالمي لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال تعاون متكافئ بين الأمم، ووضع حد لسياسات الحصار والضغوط. "
الوضع في غزة: نموذج صارخ لجريمة ضد الإنسانية
وأكّد النائب الأول لرئيس الجمهورية أن "الوضع الذي يعيشه أهل غزة المظلومين، من تجويع وحرمان بفعل الحصار الصهيوني، هو مثالٌ صارخ على جريمة ضد الإنسانية واستمرار للإبادة الجماعية، وهو أمر مدان بشدة. "
تحويل منظمة شنغهاي إلى محرك للتكامل الاقتصادي
و أوضح عارف:"نحن بحاجة إلى مرونة جماعية لمواجهة الصدمات المستقبلية، مثل انعدام الأمن في مجالَي الطاقة والغذاء، وتغير المناخ، والتهديدات الناتجة عن التقنيات الحديثة، والمخاطر المتزايدة الناجمة عن الاحتكار والهيمنة في الأنظمة المالية والنقدية العالمية، ولا يمكن تجاهل هذه التحديات.
وأضاف:"في ظل هذه الظروف، نحتاج إلى تحرك جماعي نحو التكامل الاقتصادي، وبناء اقتصادات وطنية وإقليمية قادرة على الصمود. "مشددا على أن "منظمة شنغهاي للتعاون يجب أن تتحوّل إلى أحد المحركات الرئيسية للتكامل الاقتصادي في المنطقة. "
و لفت إلى أن "القدرات البشرية الواسعة، والموارد الطبيعية الغنية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والبنية التحتية المتطورة باستمرار بين أعضاء المنظمة، توفر فرصا فريدة لتوسيع التعاون وتعزيزه. "
تعميق التعاون يجب أن يكون محورا رئيسيا لنشاط منظمة شنغهاي
وأكد عارف أن "تعميق التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والثقافي بين الأعضاء والمراقبين والشركاء في الحوار يجب أن يكون محورا رئيسيا للأنشطة المستقبلية لمنظمة شنغهاي للتعاون. "
وأوضح أن "الاستفادة من طاقات الدول المراقبة والشركاء في الحوار يمكن أن تمهد الطريق أمام توسيع السوق المشتركة، ونقل التكنولوجيا، وزيادة التبادلات العلمية والثقافية، وتعزيز الروابط الشعبية بين شعوب الدول الأعضاء. "
وذكر النائب الأول لرئيس الجمهورية أن "القادة في القمة الأخيرة لمنظمة شنغهاي في مدينة تيانجين أكدوا بشكل خاص على تحديث آليات التعاون الاقتصادي، وتعميق الروابط بين الحكومات، وتحسين أداء ونشاطات المنظمة. "
وأضاف:"يُعدّ اعتماد استراتيجية عقدية للتنمية، وخريطة طريق للتعاون في مجال الطاقة، وإصدار إعلانات متعددة حول الذكاء الاصطناعي، والصناعة الخضراء، والتجارة متعددة الأطراف، والتعاون العلمي والتكنولوجي، فضلا عن إنشاء مراكز وهيئات جديدة، من أبرز إنجازات قمة تيانجين. "
وأكد عارف أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة للعب دور فاعل في تنفيذ قرارات قمة تيانجين وتحقيق الأهداف التنموية لمنظمة شنغهاي للتعاون، والمساهمة في تحقيق هذه الأهداف من خلال مبادرات مثل تعزيز الآليات المالية القائمة على العملات الوطنية، وتطوير بُنى تحتية مستدامة للنقل، وتيسير حركة البضائع والمسافرين، وإنتاج سلع مشتركة، وتعزيز مراكز الابتكار البحثي لتطوير تقنيات ومنتجات جديدة، وتوسيع التعاون في المجالات الحيوية مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي. "
دور القطاع الخاص عنصر جوهري في نجاح منظمة شنغهاي
وأشار عارف إلى أن "أحد العوامل الأساسية لنجاح منظمة شنغهاي للتعاون يتمثّل في مشاركة القطاع الخاص، مؤكدا على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشدّد على تطوير أنشطة مجلس الأعمال والاتحاد المصرفي بين بنوك منظمة شنغهاي، وتعزيز أدوارهما التشغيلية وربطهما بالمشاريع الاقتصادية والصناعية المشتركة. "
وأضاف:"يمكن لمجلس الأعمال أن يصبح منصة محورية لتوسيع الروابط المباشرة بين القطاعات الخاصة، وتنمية التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء، كما يمكنه تسهيل تنفيذ مشاريع مشتركة، خصوصا في مجالات الرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الخضراء. "
استعداد إيران لتطوير ممرات عبور مستقلة وآمنة
هذا وصرح النائب الأول لرئيس الجمهورية أن الدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية تعتمد على تطوير العلاقات مع الدول الجارة والصديقة، وتنشيط ممرات عبور البضائع والمسافرين. موضحا أن إنشاء وتطوير الممرات الاقتصادية وشبكات النقل ضروري لتيسير التجارة، وتأمين سلاسل التوريد، وتحقيق الأمن الغذائي، والحد من الفقر، وتعزيز التكامل الإقليمي. معلنا في هذا السياق، استعداد إيران للتعاون في تطوير ممرات عبور مستقلة وآمنة.
استراتيجية طويلة الأمد لإنشاء منطقة قوية
وأكّد عارف أن "التعاون بين إيران ودول منظمة شنغهاي للتعاون يشكّل استراتيجية طويلة الأمد لإنشاء منطقة قوية من خلال تعزيز السيادات الوطنية، وتيسير النقل والتجارة، وتعزيز أمن الطاقة، وتطوير التكنولوجيا، وبناء بُنى تحتية مالية ومصرفية مشتركة، وزيادة الروابط الشعبية. "
وأعرب عن تقديره للجهود الروسية على الاستضافة المتميزة للاجتماع الحالي، معربا عن أمله في أن تمثّل نتائج هذا الاجتماع خطوة أخرى على طريق تعزيز الثقة المتبادلة، والتنمية المستدامة، والتكامل بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.
وكان النائب الأول لرئيس الجمهورية قد وصل إلى موسكو لحضور الاجتماع الـ 24 لمجلس رؤساء وزراء منظمة شنغهاي للتعاون. وقد طرح قبل هذا الحدث، خلال اجتماع مغلق مع كبار المسؤولين من الدول الأعضاء، مقترحات لتعزيز التعاون العملي بين الدول العشر الأعضاء في المجال الاقتصادي.
يذكر أن الدول الحائزة على العضوية الكاملة في المنظمة هي: إيران، روسيا، بيلاروس، الصين، الهند، كازاخستان، قيرغيزستان، باكستان، طاجيكستان، وأوزبكستان.
ووفقا لإعلان منظمة شنغهاي للتعاون، شارك في الاجتماع الموسع ممثلون رفيعو المستوى من مصر، قطر، الكويت، البحرين، منغوليا، وتركمانستان، إضافة إلى رؤساء هيئات تنفيذية لعدة منظمات دولية.
نورنيوز/وكالات