معرف الأخبار : 231471
تاريخ الإفراج : 7/3/2025 10:00:39 PM
الباحث والمحلل الأيرلندي: قتل المدنيين الإيرانيين، مثل قتل المدنيين العرب، لا يحمل أي أهمية أخلاقية لدى الكيان الصهيوني

الباحث والمحلل الأيرلندي: قتل المدنيين الإيرانيين، مثل قتل المدنيين العرب، لا يحمل أي أهمية أخلاقية لدى الكيان الصهيوني

في حوار صحفي صريح، وجّه الصحفي البارز من أيرلندا الشمالية والحائز على جائزة سيرينا شيم، فينيان كننغهام، انتقادات لاذعة للدعم الغربي لجرائم الكيان الصهيوني، معتبراً أن هذا الكيان مبني على أيديولوجيا عنصرية وعدوانية، لا يقوم إلا من خلال الإبادة والتوسع.
وأشار كننغهام إلى الدور المحوري للولايات المتحدة في تسليح الكيان الصهيوني وتوفير الحماية له، واصفاً إياها بالشريك المباشر في الجرائم المرتكبة في غزة ولبنان وإيران، كما اتهم الإعلام الغربي السائد بأنه ذراع دعائي للإمبريالية. واعتبر أن الهدف النهائي للمشروع الصهيوني هو إقامة "إسرائيل الكبرى" عبر احتلال الأراضي العربية وزعزعة استقرار المنطقة، مُعبّراً عن اشمئزازه الشديد من الاعتداءات الأخيرة على إيران وقتل المدنيين، ومشدداً على ضرورة يقظة الرأي العام العالمي ومواجهة آلة الحرب الأمريكية والإسرائيلية. فيما يلي النص الكامل لهذا الحوار الحصري مع الصحفي الأيرلندي المستقل: سؤال: في الأيام الأخيرة، شهد العالم اعتداءات صارخة من قبل الكيان الصهيوني ضد إيران وشعبها. برأيكم، ما الذي يدفع هذا الكيان لارتكاب جرائم مماثلة بحق المدنيين العُزّل في غزة ولبنان وإيران؟ وما العوامل التي تغذّي استمرار هذه الاعتداءات، بما في ذلك الاغتيالات الممنهجة؟ تأسس الكيان الصهيوني عام 1948 على أساس العنف والإبادة الجماعية، واستمر على مدى نحو ثمانية عقود في ضمان بقائه من خلال ذات العنف. وبفضل الدعم غير المشروط من الولايات المتحدة وسائر القوى الغربية، يتمتع هذا الكيان بحصانة تامة من أي مساءلة، ما مكّنه من ارتكاب جرائم جماعية بلا رادع. لقد وضع نفسه فوق القانون الدولي وكافة المعايير الإنسانية. الدافع الأساسي الذي يحركه هو مهمة صهيونية ذات طابع طائفي، تبرر التوسع تحت ذريعة "الحق الإلهي" – وهي ذريعة لا تخلو من الطابع الوهمي والخطير. الاستخفاف الفاشي الذي يبديه تجاه الشعوب العربية يُعيد إلى الأذهان سياسة "المجال الحيوي" التي انتهجها النظام النازي ضد من وصفهم بـ"العرقيات الدنيا". هذه الأيديولوجيا الإجرامية والفاسدة تفسر جزءاً كبيراً من السلوك العدواني والوحشي لهذا الكيان. أما التواطؤ الغربي الإجرامي، فقد منح تل أبيب القدرة على الاستمرار في ارتكاب جرائم لا حدود لها، دون خشية من العقاب. وعلى مستوى الأسباب المباشرة للتصعيد الأخير، يمكن الإشارة إلى محاولة بنيامين نتنياهو صرف أنظار الرأي العام عن قضايا الفساد التي تطارده، والتي قد تفضي إلى السجن المؤبد. وهناك أيضاً سعي أعمى للانتقام من الهزيمة الثقيلة التي مُني بها الكيان على يد فصائل المقاومة الفلسطينية في عملية السابع من أكتوبر 2023. ومع ذلك، يبقى العامل الحاسم في تكرار هذه الجرائم هو استمرار الدعم السياسي والعسكري غير المنقطع من الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي لا تكتفي بتسليح الكيان وتمويله، بل تمنع حتى ملاحقته قانونياً. سؤال: الكيان الصهيوني يدّعي أنه يستهدف البرنامجين النووي والصاروخي الإيراني، بينما في الواقع يقصف المستشفيات والبنى التحتية والمراكز الإعلامية، ويخلّف ضحايا من النساء والأطفال. كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ وما الهدف الحقيقي من هذه الأفعال؟ كل ما قيل عن النزعة الإجرامية والإبادة الجماعية لهذا الكيان ينطبق تماماً على موقفه من إيران. لقد صدّق دعايته الخاصة حول البرنامج النووي الإيراني و"التهديد الوجودي"، ولهذا يرى أن استهداف المنشآت النووية السلمية أمر طبيعي. وكذلك قصف المدن الإيرانية المدنية بلا تمييز ومحاولة إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. قتل المدنيين الإيرانيين، كما هو الحال مع المدنيين العرب، لا يحمل أي أهمية و قيمة أخلاقية لدى هذا الكيان، لأنه ببساطة يتبنى ذهنية الإبادة الجماعية. في رأيي، الهدف الحقيقي من هذه الهجمات هو زرع الرعب والهلع داخل المجتمع الإيراني بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي، وصولاً إلى تحفيز تغيير النظام — وهو ما دعا إليه نتنياهو علناً. هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة وللقوانين الدولية، لكن الكيان يعتبر نفسه فوق القانون، ويستمد هذا الوهم من الدعم السياسي الغربي وخصوصاً الأمريكي. سؤال: رغم توثيق الجرائم الصهيونية من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، فإن الدول الغربية تواصل دعم هذا الكيان سياسياً وعسكرياً. لماذا يصمت الغرب إزاء هذه الجرائم؟ الغرب يخضع لإملاءات الولايات المتحدة، ويتصرف كتوابع وليس كقوى مستقلة. كما أن النفوذ السام للوبي الصهيوني داخل هذه الدول يجعل حكوماتها تُبدي دعماً مطلقاً لإسرائيل، بغضّ النظر عن حجم الجرائم التي ترتكبها. صحيح أن بعض الدول الأوروبية — كبلجيكا، أيرلندا وإسبانيا — أبدت انتقادات بين الحين والآخر، وحتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب بخجل عن "قلقه" حيال الوضع الإنساني في غزة. لكن لا بد من ملاحظة مدى هشاشة هذه الانتقادات، وتردّدها البالغ، لا سيما إذا ما قورنت بلغة الغرب العدائية والشرسة ضد روسيا في أوكرانيا — رغم أن وحشية إسرائيل تفوقها بكثير. أما الولايات المتحدة، فإنها تواصل دعم إسرائيل بشكل غير مشروط، لأنها ترى فيها قاعدة إمبريالية متقدمة في منطقة استراتيجية. وهذا بالضبط سبب إنشاء إسرائيل أصلاً، وسبب استمرار الدعم الأمريكي لها رغم كل ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات فاضحة للقانون الدولي. والدول الأوروبية التابعة للهيمنة الغربية تلتزم الصمت، في ما يشبه التواطؤ الجبان والجماعي. سؤال: عادةً ما تُصوّر وسائل الإعلام الغربية جرائم إسرائيل على أنها "دفاع عن النفس"، بينما تتجاهل القتل الجماعي في غزة ولبنان وإيران. كيف تقيّم هذا الانحياز الإعلامي؟ وما السبيل لمواجهته؟ هذا الانحياز يعكس الدور المذهل والمنهجي الذي تلعبه وسائل الإعلام الغربية السائدة في الترويج للدعاية السياسية. وسائل الإعلام الكبرى، المملوكة للشركات، تعمل في انسجام تام مع الأجندة الجيوسياسية للولايات المتحدة. لذلك تراها تهاجم روسيا، وتفجّر أنابيب الغاز، وتستفزّ الصين، وتقلب الحقائق — وتزعم أن روسيا والصين تمثلان تهديداً للأمن العالمي، في حين أن التهديد الحقيقي ينطلق من واشنطن نفسها. ورغم كل هذا التناقض الصارخ، تستمر وسائل الإعلام الغربية في تبني خطاب السلطة، لأنها خاضعة لأيديولوجيا مهيمنة. ليس مستغرباً إذاً أن تتجرّد هذه الوسائل من أي أخلاق أو مهنية، وتبرر جرائم إسرائيل بوقاحة عبر تكرار أكاذيبها وتجاهل فظاعاتها. هذا السلوك مثير للاشمئزاز، لكنه غير مفاجئ؛ فهذه الوسائل الإعلامية ليست سوى جزء من منظومة دعائية تخدم القوة الإمبريالية. وعندما يرتكب ممثل هذه القوة — أي الكيان الصهيوني — جرائم يريد الإمبرياليون التستر عليها، تتكفل وسائل الإعلام بمهمة تشويه الحقيقة. السبيل الوحيد لمواجهة هذا النظام الكاذب هو دعم وسائل الإعلام المستقلة والبديلة، التي تسعى، رغم كل المصاعب، لإيصال الحقيقة إلى شعوب العالم. سؤال: ما هو الهدف البعيد المدى للسياسات العدوانية والتوسعية التي ينتهجها الكيان الصهيوني؟ وما حجم التهديد الذي تمثله على جيرانه في المنطقة؟ كما أكد كثير من المحللين والمراقبين، فإن الكيان الصهيوني مسكون بطموحات طائفية ومسيحانية لتحقيق حلم "إسرائيل الكبرى"، وهو مشروع قائم على نهب أراضي الجيران العرب. بدأت هذه السياسة التوسعية منذ عام 1948 ولا تزال مستمرة. ويُعدّ اللوبي الصهيومسيحي في الولايات المتحدة أحد أبرز الداعمين لهذا المشروع، ويلعب دوراً رئيسياً في دفعه إلى الأمام. ومع ذلك، فإن الداعم الأهم يبقى الدولة الإمبريالية الأمريكية، التي ترى في هذا المشروع أداة لتحقيق نفوذها. لكن هذا المشروع، في نهاية المطاف، مصيره الانهيار — تماماً كما أن الهيكل الإمبريالي الأمريكي نفسه يتجه نحو السقوط، بسبب الجشع المفرط والانحلال الأخلاقي. سؤال: ما هو رد فعلك الشخصي تجاه الاعتداءات الأخيرة على إيران وقتل المدنيين؟ وما رسالتك إلى الشعوب؟ أنا مرعوب ومشمئز بشدة من حجم الجرائم المستمرة والفجّة التي يرتكبها الكيان الصهيوني، بدعم من حلفائه الغربيين المتواطئين. إنه لأمر صادم حقاً أن تُرتكب هذه الفظائع بكل هذه الوقاحة، ودون أدنى مساءلة، مع ازدراء سافر للقانون الدولي ولأبسط القيم الأخلاقية. مشاهد المعاناة الإنسانية مفجعة بكل المقاييس. من المرعب أن نعيش في عالم يُبثّ فيه التطهير العرقي الفاشي على الهواء مباشرة، بينما لا تحرك الحكومات والبرلمانات ووسائل الإعلام الغربية، التي تزعم أنها مهد الحضارة والأخلاق، ساكناً أو حتى تنبس ببنت شفة في إدانة ما يحدث. في المقابل، فإن مقاومة شعوب إيران وغزة ولبنان واليمن لهذا الإجرام الملحمي، تُعدّ جديرة بالإعجاب والإلهام — مقاومة يدفع أصحابها حياتهم ثمناً لها. نأمل أن تؤدي تضحياتهم وتضحيات الأبرياء في غزة إلى يقظة ضمير عالمي، وإلى تعبئة شرفاء العالم أجمع لمواجهة الشرّ الإمبريالي، حتى تُستعاد العدالة ويُبنى السلام من جديد. سؤال: الولايات المتحدة تواصل استخدام الفيتو ضد قرارات الأمم المتحدة التي تُدين جرائم الكيان الصهيوني. هل تعتقدون أن السياسة الأمريكية هي التي توفّر الغطاء لهذه الجرائم؟ وكيف يمكن محاسبة كلا النظامين؟ نعم، بلا شك. إن الفيتو الأمريكي على الجهود الدولية الرامية إلى وقف الإبادة، قد تحوّل بحد ذاته إلى عامل يغذّي استمرار الجرائم. وبهذا، فإن الولايات المتحدة شريكة كاملة في هذه الجريمة. لقد منحت واشنطن الكيان الصهيوني حصانة مطلقة لممارسة الإبادة الجماعية. ولا يمكن التعبير عن هذه الحقيقة بشكل أوضح من ذلك. على الشعب الأمريكي أن يتأمل في الطبيعة الحقيقية لدولته، لإعلامه، ولموقعه في العالم. فالنظام السياسي والاقتصادي الأمريكي لم يعد يشكل تهديداً فقط للعالم، بل حتى لغالبية العمال والعائلات الأمريكية ذاتها — أي السواد الأعظم من سكان البلاد. على الناس أن يقرروا تغيير هذا النظام من جذوره. وهذا يتطلب وعياً سياسياً، وتنظيماً شعبياً، وتضامناً دولياً من أجل العدالة والسلام. وإذا ما تم إصلاح النظام الأمريكي — ولماذا لا؟ — ليصبح نظاماً يخدم الشعب لا مصالح الشركات، فعندئذ سيعمّ السلام ليس في أمريكا وحدها، بل في العالم أجمع؛ خاصة مع انهيار الكيان الصهيوني الذي لا يستطيع البقاء إلا من خلال الدعم الإمبريالي الأمريكي.
نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك