نور نيوز: رغم أن انخراط أمريكا في الحرب مع إيران لطالما وُصف بأنه سيناريو كارثي في الرأي العام، إلا أن واقع ساحة المعركة والبنية الدفاعية للأطراف يُشكك في هذه الفكرة. تُشارك الولايات المتحدة حاليًا بكامل طاقتها ضد إيران في أربعة من مستويات المشاركة الخمسة في الحرب - الاستخبارات، والمعدات، واللوجستيات، والدعم العملياتي. المستوى الوحيد الذي لم يُدخل بعد هو العمليات الهجومية المباشرة. هذا يعني أن إيران منخرطة بالفعل في حرب هجينة ومتعددة الطبقات مع الولايات المتحدة؛ ولكن دون أن يكون لها حق الرد المباشر. الآن، إذا دخلت واشنطن إلى المستوى الخامس، فبالإضافة إلى التهديد، ستُتاح لإيران أيضًا فرصة للرد.
إسرائيل؛ هدفٌ صعبٌ ظاهريًا، لكنه هشٌّ عمليًا. في السنوات الأخيرة، حاول الكيان الصهيوني تقديم صورةٍ عن مناعته الدفاعية باستخدام أنظمة دفاعية متعددة، بما في ذلك القبة الحديدية، وصواريخ داوود فلاخون، وحيتس. وقد صممت هذه الأنظمة، بدعمٍ استخباراتي وعملاني من الولايات المتحدة وبعض الشركاء الأوروبيين، هيكلًا متعدد الطبقات لمواجهة التهديدات. ومع ذلك، فقد اتضح عمليًا ضعف هذه الآلية أمام الهجمات الإيرانية الدقيقة وواسعة النطاق. إن اختراق الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية عمق الأراضي المحتلة - وذلك دون استغلال كامل قدرات الترسانة الإيرانية - دليلٌ واضح على أن البنية الدفاعية الإسرائيلية تعتمد على الدعاية والردع النفسي أكثر من اعتمادها على الحصانة.
من هذا المنظور، إذا لم تتمكن إسرائيل، بكل مزاعمها الدفاعية، من مقاومة التهديدات المستمرة، فإن المواجهة مع جهات فاعلة أخرى، حتى مع قدراتها العسكرية العالية، مثل الولايات المتحدة، يمكن أن تكون سهلةً وهادفةً بالنسبة لإيران.
ضعف الدفاع الأمريكي في الميدان الحقيقي
على عكس البنية الدفاعية الإسرائيلية، تتمتع القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط بمستوى دفاعي أدنى بكثير. قاعدة عين الأسد مثالٌ بارز: خلال رد إيران الصاروخي، أصابت جميع الصواريخ أهدافها. هذه القواعد ليست مصممة لحرب شاملة، بل للسيطرة الإقليمية، وهي عرضة للأسلحة الإيرانية الدقيقة وبعيدة المدى. وبعيدًا عن هذه القواعد، فإن المصالح الأمريكية في المنطقة - من خطوط الطاقة وناقلات النفط إلى البنية التحتية للاتصالات والخدمات اللوجستية - غير محمية إلى حد كبير. وهذا يجعل دخول أمريكا إلى الحرب لعبة خاسرة لواشنطن.
عندما تصبح الحرب فرصة للرد
تخوض الولايات المتحدة حربًا هجينة مع إيران بكل قوتها؛ ولكن فقط عندما تصل إلى المستوى الخامس، أي العمليات الهجومية المباشرة، ستُمنح إيران فرصة الرد بشكل حقيقي. لن يكون هذا الرد مجرد وابل من الصواريخ أو ضربة عسكرية، بل سيشمل ضربة للمصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وتهديدًا خطيرًا للحلفاء، وإعادة صياغة لتوازن القوى. رغم الأضرار التي ستلحق بالبلاد، لن تكون إيران هذه المرة طرفًا سلبيًا. لذا، فإن دخول أمريكا في الحرب - وإن كان محفوفًا بالمخاطر - قد يكون لحظة تاريخية لتغيير قواعد اللعبة والارتقاء بالردع إلى مستوى جديد.
نورنيوز-وكالات