في حين أصبح قطاع غزة مسرحًا لتكرار لا ينتهي من الصراعات غير الحاسمة، يرفض بنيامين نتنياهو اتخاذ قرارات مصيرية. لم تُسبب "سياسة الانتظار" هذه عدم استقرار في خطوط الجيش العملياتية فحسب، بل أدت أيضًا إلى استقطاب حاد في المناخ السياسي الداخلي. الحكومة، بين التيارات المتطرفة والجسم العسكري البراغماتي، متورطة في تناقضات تُواجه أي قرار حاسم بأزمة شرعية.
لم يتمكن الكيان الصهيوني حتى الآن من تحديد هدف واضح لعمليته في غزة. لم تُسقط حماس، ولم يُرسَ الردع، ولم يُفرج عن الأسرى. يشير غياب أي "مؤشر نجاح" إلى جمود استراتيجي ترك الجيش والمجتمع الإسرائيلي في حالة من الغموض. إن الفشل في تحديد رؤية له عواقب وخيمة على موقع تل أبيب الإقليمي.
إن معارك الاستنزاف والتكاليف الباهظة للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، والتي تكررت في المناطق نفسها، لم تُسفر، في رأي العديد من المحللين، إلا عن تآكل القوات وزيادة السخط الشعبي. أصبحت غزة ورفح وشفا وفيلادلفيا رموزًا لصراعات عقيمة؛ بينما لا تزال المقاومة الفلسطينية نشطة، بل وتتفوق في المجالين الدبلوماسي والإعلامي.
في حين امتدت التهديدات الأمنية من غزة إلى الضفة الغربية، وشمال فلسطين المحتلة، والبحر الأحمر، وحتى الفضاء الإلكتروني، لا يزال "الأمن الداخلي" الذي وعد به نتنياهو غائبًا. الخلافات داخل الحكومة، والعجز عن اتخاذ قرار بشأن وقف إطلاق النار أو استمرار الحرب، والفجوة بين الشعب والمؤسسات الأمنية، ترسم صورةً لمجتمعٍ يعاني من أزمة ثقةٍ وشك.
نورنيوز