لقد أدت الممارسات الإسرائيلية الوحشية، بما في ذلك استهداف الأطفال والشيوخ والنساء، إلى إدانة دولية متزايدة وتفاقم الوضع الداخلي. الجبهة الداخلية للكيان تتآكل بشكل سريع؛ فمعدلات الثقة بين المواطنين والحكومة تتراجع بشكل غير مسبوق، وسط تفاقم الخسائر البشرية والمالية.
الكيان الصهيوني يعاني الكيان من نزيف مستمر في قطاعي التعليم والسياحة. الكثير من الكفاءات تهاجر إلى الخارج، والعديد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الكبرى باتت في حالة جمود. كما أن الاستنزاف العسكري المستمر يُثقل كاهل الكيان بشكل لا يمكن تحمله على المدى الطويل.
وفي ظل تآكل الدعم الشعبي وانهيار الجبهة الداخلية، أصبح الكيان الصهيوني يواجه تحديات غير مسبوقة تهدد استقراره على كل الأصعدة. نهاية هذا الكيان، التي طالما توقعها المراقبون، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى.
إن "قراءة المشهد الحالي" تشير بوضوح إلى : أن الكيان الصهيوني يقف على مفترق طرق حاسم في تاريخه. فمنذ عقود، اعتمد الكيان على قوته العسكرية والاقتصادية للحفاظ على هيمنته في المنطقة، مستفيدًا من دعم دولي واسع النطاق وخاصة من القوى الكبرى. إلا أن هذا النموذج، الذي بدا غير قابل للانكسار في فترات سابقة، أصبح الآن عرضة للتهديدات الداخلية والخارجية التي تنخر في بنيته وتجعله هشًّا أمام التحديات المتزايدة.
"داخليًا، " الكيان يعاني من أزمات متعددة الأوجه. هناك أزمة سياسية عميقة تعكس الخلافات الكبيرة بين القوى السياسية المختلفة، والتي تعجز عن تقديم رؤية موحدة لحل الأزمات المتراكمة. تراجعت الثقة بين المواطنين والحكومة إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يشعر العديد من المواطنين أن القيادة تجر البلاد إلى حروب وصراعات لا طائل منها، في وقت تتدهور فيه الظروف المعيشية ويزداد الانقسام المجتمعي. كذلك، فإن الحركات الاحتجاجية داخل المجتمع الإسرائيلي التي تعارض سياسات الحكومة الحالية تضاعف من حالة عدم الاستقرار السياسي.
أما من "الناحية الاقتصادية " فإن الأعباء المترتبة على الاستنزاف العسكري في غزة وجنوب لبنان والجبهات الأخرى تضغط بشكل كبير على ميزانية الكيان . الزيادة في الإنفاق العسكري تأتي على حساب القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، مما يؤدي إلى تراجع في جودة الحياة والخدمات الأساسية. قطاع التعليم، الذي كان يُعتبر ركيزة أساسية لتفوق الكيان، يشهد هجرة العقول والكفاءات نتيجة انعدام الاستقرار والآفاق المستقبلية. هذه الهجرة تعكس حالة من اليأس بين فئة كبيرة من الأكاديميين والمفكرين الذين كانوا يشكلون عماد التقدم العلمي والتكنولوجي للكيان.
وفي "القطاع السياحي " الذي كان يعدّ من الأعمدة الاقتصادية للكيان، أصبحت صور الحرب وعدم الاستقرار تهيمن على المشهد، مما أدى إلى تراجع أعداد السياح وتوقف الكثير من المشاريع الاستثمارية المرتبطة بالسياحة. غياب الأمن والأمان جعل الكيان وجهة غير مرغوبة للسياح والمستثمرين على حد سواء، مما يعزز من تآكل القاعدة الاقتصادية.
" عسكريًا "رغم القدرات الكبيرة التي يمتلكها الكيان، إلا أن الصراع المتواصل مع حركات المقاومة في غزة ولبنان، إلى جانب التهديدات المتزايدة من قوى إقليمية أخرى، جعل الجيش في حالة استنزاف مستمر. الجنود يواجهون ضغوطًا نفسية وجسدية هائلة، والقيادة العسكرية تجد نفسها في موقف دفاعي أكثر من أي وقت مضى. ومع تزايد العمليات العسكرية التي تفرضها المقاومة، يتكبد الكيان خسائر بشرية ومادية ضخمة يصعب عليه تعويضها على المدى الطويل.
" مستقبليًا "إذا استمر هذا الاتجاه دون تغييرات جذرية، فإن الكيان الصهيوني سيواجه خطر الانهيار الكامل. الأزمات الداخلية والخارجية المتشابكة تعني أن الكيان لن يتمكن من الصمود لفترة طويلة إذا لم يتمكن من إيجاد حلول سياسية وعسكرية جديدة. التغيرات الإقليمية، وخاصة تصاعد نفوذ قوى المقاومة وتراجع الدعم الدولي، تزيد من تعقيد المشهد وتجعل من الصعب على الكيان الحفاظ على هيمنته كما كان في السابق.
في ضوء التطورات الحالية، يتضح أن الكيان الصهيوني يمر بمرحلة تاريخية من الانهيار التدريجي، حيث يتآكل من الداخل بفعل سياساته العدوانية والاستنزاف المتواصل في مختلف الجبهات. على الصعيد الداخلي، تزداد الشروخ بين المجتمع والحكومة، مما يهدد تماسك الدولة واستقرارها، بينما يستمر تراجع الاقتصاد والتعليم والسياحة في تعميق هذه الأزمة.
من المتوقع أن تتسارع هذه الديناميكيات نحو مزيد من الضعف، خصوصًا مع تصاعد عمليات المقاومة وتراجع الدعم الدولي. إذا استمر هذا المسار دون تدخلات حقيقية، فإن نهاية الكيان الصهيوني كما نعرفه قد تصبح
أمرًا واقعًا في السنوات المقبلة
بات من الواضح أن الكيان الصهيوني يسير نحو حافة الانهيار. فقدرة هذا الكيان على الاستمرار في هذا المسار العدواني والهمجي أصبحت محدودة، لا سيما في ظل خسارته للدعم الشعبي الداخلي والتأييد الدولي.
"خلاصة القول " ، يمكن القول إن الكيان الصهيوني يواجه أزمة وجودية حقيقية. التحديات المتزايدة من الداخل والخارج تضعف من قدرته على الاستمرار كما كان. إذا لم يستطع القادة الصهاينه تقديم رؤية جديدة تعالج هذه الأزمات بفعالية، فإن النهاية التي طالما حذّر منها الكثيرون قد تكون أقرب مما يتخيله البعض.
نورنيوز