في الوقت الماثل لا يوجد للكيان الصهيوني تواجد عسكري في حوالي 80% من المساحة السكنية في غزة، وفي المناطق التي يتواجد فيها يواجه عمليات مستمرة لقوات المقاومة.
دائرة الحرب المفرغة لم تسفر إلا عن بعض النجاحات التكتيكية للكيان الصهيوني، ولم يتحقق أي من الأهداف الاستراتيجية التي وضعها نصب عينيه.
وبات اليوم خلق نوع من الردع عبر إظهار صورة مدمرة أحد أهداف كيان العدو.
من الجلي جدا أن هذه التدابير لن تردع أبدًا الحركات المتخصصة في الحرب غير المتكافئة.
لن يفضي القتل الوحشي للأبرياء عن فشل ارساء الردع الصهيوني فحسب، بل سيجعل الاحتلال يواجه ٧ أكتوبر أخرى.
إن وجود 8 ملايين فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة يضمن الهزيمة الاستراتيجية للكيان الصهيوني في الصراع مع الفلسطينيين، إلا إذا كان الصهاينة يعتزمون قتلهم جميعا.
استدرجت "إسرائيل" كرة الحرب إلى المنطقة، لأنها تعاني لازمة انعدام الوزن في أمنها ووجودها، ولأنّها مفتونة بالبطش والإجرام، مستمدّة قدراتها من الناتو بأحدث أدوات القتل، وتمثّل همجيّة الغرب المتوحّش في بناه الفكريّة وقيمه غير الأخلاقيّة وممارساته العمليّة تجاه كل "الأغيار"، وتؤدّي دورها في تحقيق مآرب السيطرة والاستحواذ. عبثًا تحاول "إسرائيل" إعادة إنتاج صورتها وذاكرتها التاريخيّة بترميم تصدّعها العميق الذي حفره السابع من تشرين الأوّل من العام الماضي، عبر إطلاق حملتها العدوانيّة على إيران بوصفها مركز الثقل الفعليّ والمرجعيّ الأكبر لجبهة المقاومة.
تسلسلت الخطوات العدوانيّة التصعيديّة وفقًا لخطّها المقدّر سلفًا من غزّة إلى رفح ثم الضفّة فلبنان، وشكّل الخطاب العدوانيّ لـ"نتنياهو" والتصفيق له في الكونغرس الأميركيّ لحظة افتتاح مرحلة جديدة من حروبها "غير المحدودة" إلّا بوظائفيّة التدرّج الغادر والمتسارع في العدوان، وها هي تفتتح حسابًا جديدًا مع إيران واليمن.
لقد جرى اختزال الرأي العام الدوليّ بصلف وتواطؤ معهود، بمؤسّساته ومراكز قواه كلها، وجرى توجيهه بعد تهيئة مسرح الجرائم والإبادة والتهجير والاغتيال، لقد اعتادت الأعين رؤية الإنسانيّة تذبح بسيف الأرقام.
من المفيد التذكير أن "إسرائيل" ترمي الذرائع ثم تبادر إلى تنفيذ مخطّطاتها على توافق تام مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، وهي بذلك وبعمليّات اغتيال القادة المستمرّة، شيّدت مرحلة الانتقال من المعركة على النقاط وإعادة إنتاج موازين القوى إلى مشهديّة الحرب على الوجود والقضاء على جبهة المقاومة. ولكن غاب عن قوى الهيمنة العالميّة أن جبهة المقاومة تستند إلى أصولها الإيمانيّة الصلبة في العقيدة وإلى جذورها المتينة في الأرض وإلى روابطها الوثيقة مع الناس، أفرادًا وجماعات ومجتمعات. غاب عن تلك القوى المستكبرة أن العلاقات بين مكوّنات جبهة المقاومة ليست مصلحيّة حتى تناقش على طاولة المفاوضات، بل السياسة والدبلوماسيّة في خدمة المقاومة.
نورنيوز