جريمة القنصلية وقرارات إيران الاستراتيجية

نورنيوز- ارتكب الكيان الصهيوني عصر يوم الاثنين جريمة جديدة كانت مثالاً لانتهاك البروتوكولات الدولية وانتهاك حصانة الأماكن الدبلوماسية، حيث هاجم قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق عاصمة سوريا، و استشهد إثر هذا العدوان 7 أشخاص من المستشارين العسكريين الإيرانيين، بينهم القيادي زاهدي والقيادي الحاج رحيمي، من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.

ورغم أن أسباب تورط الكيان الصهيوني في هذه الجريمة العدائية جلية بالنظر إلى الدمار والخراب غير المسبوق الذي وقع فيه هذا الكيان بعد 7 أكتوبر وعملية طوفان الأقصى في جميع الابعاد الداخلية والخارجية، إلا أنه لا يمكن المبالغة في تقدير تأثير هذه الحادثة، كما أنه تهاون في تغيير المعادلات المتعلقة بمواجهة إيران لغطرسة هذا الكيان التي لا تغتفر.

ورغم أن كبار المسؤولين في ايران، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، لم يكتفوا حتى الآن إلا بالتشديد على الإنتهاك الكبير للجريمة الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني، إلا أن إعلان الأمانة العامة للأمن القومي الأعلى والإعلان عن عقد اجتماع استثنائي لهذا المجلس الليلة الماضية واتخاذ القرارات المناسبة بشأن الموضوع يظهر أن رد ايران على هذا الحادث كان سريعاً ومبنياً على توافق على أعلى مستوى من اتخاذ القرارات المتعلقة بقضايا الأمن القومي.

وفي إعلان الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، تم التأكيد على أن اجتماع المجلس عقد في الساعة 21.00 ليلة الاثنين، أي بعد 4 ساعات من العدوان الصهيوني على القنصلية في دمشق، مما يدل على أن اتخاذ القرار بشأن كيفية الرد على هذه الحادثة هو من أولويات الأمن القومي.

بعد وقت قصير من الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأعلى للأمن القومي، تم تسليم رسالة إيران إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق إلى المجلس من قبل نائب ممثل إيران لدى الأمم المتحدة.

وتم التأكيد في هذه الرسالة على أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قد شن هجوما إرهابيا شنيعا وبغيضا على الأماكن الدبلوماسية للجمهورية الاسلامية الايرانية في الجمهورية العربية السورية.

وفي هذه الرسالة، طلبت إيران من مجلس الأمن اتخاذ أي إجراءات ضرورية، بما في ذلك عقد اجتماع عاجل للتعامل مع هذا الانتهاك الجسيم ومنع الأعمال العدوانية المستقبلية التي تعرض أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية للخطر، كما يجب على العدالة ضمان وسرعة تسليم المسؤولين عن مثل هذه الأعمال الإجرامية.

وجاء في الرسالة التي بعثتها إيران إلى مجلس الأمن، أن الكيان الصهيوني المعتدي يتحمل المسؤولية الكاملة عن عواقب مثل هذه الجرائم الإرهابية وتحتفظ إيران بحقها المشروع والأساسي استنادا إلى القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة في الرد بشكل حاسم على هذه الجرائم  وعلى مثل هذه الأعمال الإرهابية.

وعقب التحرك الايراني السريع بإحالة موضوع العدوان الصهيوني إلى قنصلية ايران في دمشق، أعلن نائب ممثل روسيا في الأمم المتحدة عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في سوريا.

وكانت متابعة القرارات قد اتخذها المجلس الأعلى للأمن القومي، لكنها استمرت الليلة الماضية وهذا الصباح، كما أعلن ذلك صباح اليوم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان على صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي X. وتم استدعاء القائم بأعمال السفارة السويسرية إلى وزارة الخارجية صباح اليوم بصفته حامي المصالح الأمريكية في إيران، وتم إرسال رسالة مهمة للحكومة الأمريكية باعتبارها مؤيدة وداعمة للكيان الصهيوني، ويتوجب على أمريكا تقديم توضيحات بهذا الصدد.

إن الإجراء الهادف الذي اتخذته وزارة الخارجية بإرسال رسالة مهمة إلى امريكا يظهر أنه على الرغم من أن البيت الأبيض يعتبر نفسه على ما يبدو غير مطلع على قرار الكيان الصهيوني بارتكاب هذه الجريمة، فمن وجهة نظر إيران يعد دور واشنطن باعتبارها الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني امر لا شكّ فيه بشأن الجريمة الأخيرة، ويجب على الولايات المتحدة أن تنتظر عواقب هذا الإجراء.

يظل ّ أن نقول إن التطورات السياسية والأمنية في الأيام والأسابيع المقبلة ستحدد المزيد من الأبعاد للقرارات التي ستتخذها أعلى مؤسسة أمنية في البلاد وكيف ستتعامل أمريكا  مع جريمة الكيان الصهيوني الأخيرة الذي يعمل بمثابة الجيش الوكيل لواشنطن في المنطقة، وكلما تلكأت أمريكا، كلما أصبح الأمر أكثر وضوحا.