نورنيوز – مرت الأيام الأخيرة من عام 2023 بسلوكيات مثيرة للتفكير لأمريكا والترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) مع التركيز على العمل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. حيث أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانا ردا على التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني، والذي ذكر أن إيران زادت إنتاجها من اليورانيوم بدرجة نقاء 60٪.
وهذه الدول، بإدانتها ما أسمته "التصعيد المستمر للبرنامج النووي الإيراني"، كررت ادعاءاتها القديمة والوهمية حول "سعي إيران للحصول على أسلحة نووية".
زعمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها السري الأخير للدول الأعضاء في مجلس الحكم أن إيران زادت إنتاجها من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60% على شكل سداسي فلوريد إلى نحو 9 كيلوغرامات شهريا منذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. في غضون ذلك، قال "محمد إسلامي"، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، ردا على المخاوف الأخيرة من أننا كنا ننتج نفس النسبة البالغة 60%؛ لم نغير أي شيء ولم نتخذ اي خطوة جديدة.
وشدد "ميخائيل أوليانوف"، ممثل روسيا في المنظمات الدولية ومقرها في فيينا، على ادعاءات الغرب المناهضة لإيران: "تصريحات ممثلي الترويكا الأوروبية بأن إيران لا تلتزم بالاتفاق النووي هي نفاق تام". لأن الوثيقة المتفق عليها في 2022 تظهر التزام طهران بشكل واضح".
وبالتزامن مع هذه التطورات، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شخص واحد وثلاثة مؤسسات بدعوى تسهيل تدفق المساعدات المالية الإيرانية إلى أنصار الله في اليمن. وفي وقت سابق، كانت بريطانيا قد رفعت العقوبات ضد إيران بسبب مزاعم بشأن الحرب في اليمن. كما قدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ادعاءات بشأن الطائرات بدون طيار التي استهدفت الأساطيل الإسرائيلية في البحر الأحمر أو تلك التي تحمل بضائع الكيان الصهيوني ونسبتها إلى إيران. إن المقاربة الشاملة للغرب، وخاصة بريطانيا وأمريكا، في الأيام الأخيرة من عام 2023، لافتة للنظر ومعبرة من عدة وجهات نظر:
1. لم تتمكن العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وكذلك امريكا وجو بايدن شخصيا، من تحقيق شيء يذكر على الساحة الداخلية، على الرغم من الوعود الاقتصادية والاجتماعية العديدة، كما أن الولايات المتحدة وتراجع الدعم الشعبي يشير إلى تراجع موقفهم السياسي؛ وخاصة في دول مثل بريطانيا وأمريكا، التي هي على وشك الانتخابات. وفي عام 2023، حاول الغربيون جاهدين تحويل حرب أوكرانيا إلى منصة انطلاق ودرع لإخفاقاتهم الداخلية؛ ومع ذلك، فإن حساباتهم بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات لم تتحقق، وعشية العام الجديد، تم تسجيل فشل فادح في سجل أوكرانيا.
2. لم تتمكن الترويكا الأوروبية وأمريكا من تنفيذ ادعائهما الأولي بإسقاط حماس واحتلال غزة، على الرغم من الدعم الكبير في مجالات الأسلحة والإعلام والاستخبارات الذي يتلقاه الكيان الصهيوني. فمن ناحية، فقدت هذه الدول قيمها الاخلاقية المزعومة أمام الرأي العام العالمي، ومن ناحية أخرى، فشلت أيضاً في الوفاء بالتزاماتها تجاه الكيان الصهيوني. ومن الممكن أن يكون للاتجاه الحالي آثار مدمرة على الحياة السياسية لكيان العدو الصهيوني. أشخاص من قبيل أولاف شولتز المستشار الألماني، و الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والرئيس الأمريكي جو بايدن، بالنظر إلى الوضع العالمي الماثل، سارعوا لإعتماد مصطلحات خاوية من قبيل "القلق بشأن زيادة الضحايا المدنيين"، وإعلان عدم الرضا عن "هجمات تل أبيب العمياء على غزة"، و"محاولة زيادة إرسال المساعدات الإنسانية" وذلك في إطار محاولة الحد من غضب الرأي العام والتملص من تواطؤ الغرب مع جرائم الكيان الصهيوني.
3. حاول الأمريكيون والبريطانيون تشكيل تحالف عالمي ضد اليمن من خلال خلق جو نفسي تحت عنوان "تهديد التجارة البحرية" في البحر الأحمر، من أجل إظهار قوة جو بايدن في بناء التحالف والوفاء بالتزامهم تجاه الصهاينة. وبحسب رويترز، كان جو بايدن يأمل في إطلاق قوة بحرية جديدة لتوفير رد دولي حاسم على هجمات اليمن على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، لكن العديد من حلفاء الولايات المتحدة يترددون في الارتباط بها علنا. وادعى البنتاغون وجود 20 دولة في هذا التحالف المزعوم، لكن ما يقرب من نصف هذه الدول العشرين لم تتقدم لتأكيد مشاركتها في التحالف المذكور ولم تسمح للولايات المتحدة بذلك أيضا.
إن مجمل التطورات التي تشهدها الساحة الدولية في عام 2023 تشير إلى أن أمريكا والغرب، بسبب الاختناقات الشديدة التي واجهتهما في مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، حاولوا في الأيام الأخيرة من عام 2023، توجيه الأنظار نحو الخارج والتظاهر بتحقيق منجزات على المستوى الدولي، وذلك لفشلهم في تحقيق أي منجزات داخلية تذكر في بلادهم.
نورنيوز