لقد علمنا التاريخ أن صوت الأمل أقوى من صوت الانتقام، حتى لو كان له خصوم مدججون بالسلاح والعتاد. غزة الآن هي المجلد الثاني من كتاب "ذكريات الظلام" المرير الذي ألفه العنصريون الصهاينة. المجلد الأول كتبه العنصريون النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.
نورنيوز: قد لا يكون 20 نوفمبر 2023 هي المرة الأولى التي يتم فيها الاحتفال باليوم العالمي للطفل وسط غبار كثيف من العنف الوحشي والإجرامي الذي يتركبه الصهاينة، لكنه بالتأكيد الذكرى السنوية الأكثر حزناً وأسفاً التي تقام للأطفال. قبل 64 عاما، في 20 نوفمبر 1959، عندما وقع ممثلو دول العالم في الأمم المتحدة بسعادة وبهجة على إعلان حقوق الطفل للإدلاء بشهادتهم عن واجبهم في ضمان سلامة وصحة ورفاهية الأطفال. لم يكن أحد يظن أنه سيأتي يوم في يوم الطفل العالمي، ليشهد فيه استشهاد 120 طفلاً يومياً تحت سياط العنف العاري للكيان الصهيوني الإجرامي. واليوم، حول قطاع غزة تحولت تلك الشكوك المريرة إلى حقيقة واضحة حتى بالنسبة للمراقبين الدوليين الذين تأخروا في تصديقها. من الأفضل هذا العام أن نقدم للعالم اليوم العالمي لقتل الأطفال تخليداً لذكرى أطفال غزة المضطهدين!
خارج الوثائق القانونية المعطرة والمواثيق الدولية المهذبة والبيانات العالمية اللامعة، نصيب الأطفال من جرائم إسرائيل الفظيعة في غزة، قرابة الخمسة عشرة ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى وأكثر من 1350 جثة ما تزال تحت أنقاض هذه المدينة العاجزة ولا توجد يد تنتشلهم من تحت الأنقاض لدفنهم وتكريمهم.
ومن بين الضحايا البالغ عددهم 13 ألفاً الذين قتلوا جراء الهجمات الوحشية للعنصريين الصهاينة في غزة حتى الآن، أكثر من ثلثهم من الأطفال. كما أنه إذا أضفنا إلى عدد الشهداء أسماء الأطفال الذين بقيوا تحت الأنقاض ويعتبرون من مفقودي المعركة، فمن المحتمل أن تصبح تلك النسبة نصف عدد الشهداء الإجمالي بدلاً من الثلث. فهل ماحدث شكل ضربة قاصمة ونهائية لحقوق الأطفال المقررة في القانون الدولي؟
منظمة أرادت تحويل الكوكب إلى مهد للسلام والأمل تحت حماية الإعلان ثم اتفاقية حقوق الطفل، والآن لا يمكنها أن تفعل أي شيء سوى نفض الغبار عن كل ذلك الحديد والخرسانة بمنديل صغير أو بأظافر رقيقة وهشة.
أنطونيو غوتيريش، الذي يشغل الآن منصب رئيس الأمم المتحدة، عندما تحدث عن الخسائر البشرية في غزة قبل أيام، برقبة ملتوية ونبرة ممزوجة بالحقد، قدم هذه المدينة على أنها "مقبرة للأطفال"؛ وهي المدينة التي اقتربت من ناحية المفهوم مما قاله الشاعر الإيراني "أخاف من عالم بلا أطفال". وحتى اليوم، إذا تم إسكات أصوات الكراهية للصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار في غزة وعاد كل شيء إلى طبيعته، فإن غزة لا تزال تفتقر إلى الآلاف من أصوات أطفالها السعيدة والمفعمة بالأمل.
صوت الأطفال هو أغنية الأمل، كما أن صوت الكبار هو صوت الانتقام. لقد علمنا التاريخ أن صوت الأمل أقوى من صوت الانتقام، حتى لو كان له خصوم مضرّجون بالسلاح. غزة الآن هي المجلد الثاني من كتاب "ذكريات الظلام" المرير الذي ألفه العنصريون الصهاينة. المجلد الأول كتبه العنصريون النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.
نورنيوز