كان واضحا منذ البداية ان ممثلي بعض الدول الاوروبية وامريكا، حضروا القمة من اجل افشالها، لاتاحة الوقت الكافي لـ"اسرائيل" لتنفيذ اهدافها ، عبر ارتكاب الفظائع في غزة.
وذات السبب السابق، اي منح "اسرائيل" الغطاء السياسي والوقت الكافي لتنفيذ اهدافها من وراء العدوان الوحشي على غزة، كان وراء غياب المسؤولين الغربيين الكبار كالمستشار الألماني، و رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي، بينما اكتفت امريكا بارسال القائمة بأعمال السفير الأميركي في مصر، حيث اعتبر البعض ان هذا الغياب كان مقصودا، وكان بمثابة الضوء الاخضر الذي منحه الغرب لـ"اسرائيل" لتفعل ما تشاء.
ان ما جرى في القاهرة يوم السبت الماضي، كان بمثابة طعنة سددتها امريكا ومن ورائها الغرب الى ظهر مصر، التي ادركت متأخرة، ان اتفاقية "السلام" التي ابرمتها مع الكيان الاسرائيلي، لم تعصمها من شروره ومكائده، لذلك سارعت الى عقد القمة، ولكن دون جدوى، فامريكا كان قد عقدت العزم على تحقيق اهداف "اسرائيل" على حساب مصر، وحتى الاردن، الذي ارتبط ايضا باتفاقية "سلام" مع "اسرائيل".
من المؤكد ان مصر كانت تدرك جيدا ان هناك محاولات "اسرائيلية" مدعومة وبقوة من امريكا والغرب، لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، عبر استخدام سياسة الابادة الجماعية، ورفض وقف اطلاق النار حتى لايام او ساعات، ورفض ايصال المساعدات وفي وقدمتها الوقود الى غزة المحاصرة، لدفع الفلسطينيين لعبور الحدود مع مصر الى سيناء.
الامر الخطير الاخر الذي حذر منه البعض، هو انه في حال نجاح مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة، سيعمل الكيان الاسرئيلي بدعم وتنسيق مع امريكا والغرب، على تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، وهذا بالضبط هو الذي دعا قادة مصر والاردن والسلطة الفلسطينية، الى رفض عقد قمة رباعية مع الرئيس الامريكي جو بايدن الذي زار الكيان الاسرائيلي مؤخرا، لاظهار دعمه المطلق واللامحدود، للكيان الاسرائيلي.
كان واضحا ان امريكا والغرب حضروا قمة القاهرة، ممثلين عن الكيان الاسرائيلي، وهو حضور كان هدفه ارسال رسالة واضحة للعرب مفادها، ان التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، لم ولن يشفع للعرب لدى امريكا، وهذا الامر بالذات هو الذي استفز مصر، فبعد الجلسة الأولى للقمة والتي انتهت بعد عدة كلمات لرؤساء وملوك ورؤساء حكومات بلدان عربية وغربية، تم رفع الجلسة على أن تعقد بعد نصف ساعة فقط، غير أنه وبعد مرور ثلاث ساعات، من دون اي اتفاق ، أصدرت مصر بيانا استنكرت فيه انحياز مسؤولين غربيين ضد الفلسطينين ولصالح الكيان الاسرائيلي.
الشيء الذي غاب عن من حضر ومن لم يحضر من الغربيين، هو انهم عندما خططوا لاقامة "شرق اوسط جديد" عام 2006 ، وعندما خططوا لـ"صفقة القرن" عام 2017 ، كان الفشل حليفهم، وتم قبر الشرق الاوسط الجديد، كما تم قبر صفقة القرن، في ذلك الوقت الذي كانت "اسرائيل" في اوج قوتها، وكانت امريكا تعربد في المنطقة، وكانت المقاومة ليست بالقوة التي هي عليها اليوم، فهل يمكن ان يتصور عاقل ان يسمح محور المقاومة، الذي اشتد عوده وتمدد جغرافيا، ومن خلفه جميع الشعوب العربية والاسلامية، بتهجير الفلسطينيين من غزة او الضفة الغربية، وتكرار النكبة الفلسطينية مرة اخرى، بينما "الجيش الذي لا يقهر" بات مهزوزا مهزوما، لا يثق به حتى المستوطنين، والانقسام والتشرذم ينخر الكيان الاسرائيلي بالطول والعرض، فيما امريكا غارقة حتى اذنيها في وحل اوكرانيا، واصوات الخلافات والانقسام، ليس على مستوى النخب السياسية فحسب بل وحتى على مستوى الحكومة، إزاء الموقف الاخرق الذي اتخذه بايدن من العدوان على غزة اخذت تعلو وبشدة في واشنطن؟!.
نورنيوز/وكالات