نورنيوز- الى اليوم تكون قد دخلت عملية طوفان الأقصى يومها العاشر بتطورات مُثقلة إقليميا ودوليا، خصوصاً بعد المفاجئة التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، فيما لا تزال الآثار الصادمة لهذه المفاجأة واضحة للعيان في رد الفعل الوحشي الذي بدر من حكومة نتنياهو المتطرفة.
ليس من قبيل المبالغة إذا اعتبرنا أن أهم ما يميز "طوفان الأقصى" هو عنصر المفاجآت في البعد الاستخباراتي والأمني والعسكري، ما لأول مرة منذ 75 عاما على المحاور الثلاثة الرئيسية حيث إن استعراض القوة الذي قام به الصهاينة من ناحية "ادعاء القدرة والتفوق الاستخباراتي" و"ادعاء التفوق العسكري" و"ادعاء عدم الاختراق الأمني" انهار بالتزامن مع تنفيذ عملية طوفان الأقصى. وعلى الأقل بحسب الاعتراف الرسمي للمصادر الصهيونية، قتل نحو 1500 صهيوني حتى اليوم.
كما كشفت أحداث الأسبوع الماضي للجميع أنه، خلافا للادعاءات الزائفة، فإن مدى ضعف الصهاينة أمام قوة فصائل المقاومة وإرادة الشعب الفلسطيني واضح جدا، بحيث لا يمكن التستر عليه عبر الدعاية الكاذبة والمخاتلة بحق الشعب الفلسطيني.
وقد لوحظت هذه القضية مرات عديدة في الأيام الماضية، حتى في أخبار وتحليلات وسائل الإعلام الغربية، وتم التأكيد على أن الهجمات العمياء والوحشية التي يشنها جيش الكيان الصهيوني على غزة لا تعود فقط إلى القوة العسكرية والتفوق. ولكن أيضاً بسبب الضعف والخوف الأساسيين لدى هذا الجيش، فالكيان الصهيوني في مواجهة مباشرة مع المقاومين.
ورغم أنه كان من المتوقع، بسبب الآثار المدمرة لعملية طوفان الأقصى على القوات العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني، أن يتمكن في الجانبين السياسي والاجتماعي من تحمل مسؤولية إعادة إعمار وتوجيه الهيكل الحكومي من خلال خلق الإجماع والتماسك، لكن فشل نتنياهو في تشكيل "حكومة طوارئ" مع وجود معارضين آخرين أظهر أن التفكك والتباعد داخل سيادة إسرائيل أخطر بكثير مما تصوره الرأي العام العالمي.
مع هذه التفسيرات؛ وبإيمان راسخ بهذا الطرح، يترقب الرأي العام العالمي "المفاجأة الثانية" للمقاومة في الأيام المقبلة، وكما كشفت التظاهرات الشعبية الحاشدة الداعمة للشعب الفلسطيني في كافة أنحاء العالم في الأيام الماضية، إنهم يعدون الدقائق حتى يحدث ذلك.
في ضوء هذه التطورات، وفي الأيام القليلة الماضية، وبهدف التأثير نفسيا على الجبهة المقابلة، تشدد تل أبيب على خيار الدخول البري إلى غزة، وتحاول صرف ذهن الجمهور عن نقاط الضعف والضرر الذي تعرضت له، وهو بطبيعة الحال موضوع حساسية واهتمام خاصين من العالم والفاعلين الرئيسيين في التطورات الفلسطينية.
على الرغم من نقل المعدات الخفيفة والثقيلة والقوى البشرية إلى غلاف غزة، وإجراء مناورات تكتيكية وإعلامية تشير الى عزم الكيان الصهيوني على شنّ عمليات برية في غزة، إلا أنه من الناحية السياسية والعسكرية فإن الانخراط في هذا العمل يعد مقامرة لا طائل منها، وأن احتمال الإنتصار في مثل هذا العدوان "لو وقع" قريب من الصفر تقريباً.
فضلاً عن تشتت القوات الصهيونية فهي اليوم تفتقد بشدة الى الروح المعنوية، لا سيما في منطقة الضفة الغربية وشمال الأراضي المحتلة والجولان، فلا يمكن أن يكون هناك أي مبرر منطقي لأي حملة برية على غزة.
على الجانب الآخر؛ وبالنظر إلى مبادرة المقاومة الفلسطينية في التطورات الأخيرة، فقد تم تصميم المشهد بحيث لم يعد هناك خيار أمام حكومة نتنياهو لاستعادة كرامتها المفقودة سوى الهجوم البري على غزة، فالخيار الوحيد في هذه المرحلة يمكن أن يثير الشكوك حول هذا القرار الخطير.
ومن المؤكد أن المقاومة الفلسطينية، باعتبارها حركة مقاومة وشجاعة ومحنكة نجحت في الاستهزاء بأسطورة جهاز المخابرات والأمن والجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر من خلال تصميم وتنفيذ عملية طوفان الأقصى، أخذت في الحسبان أيضا إمكانية شن العدو الصهيوني هجوماً برياً، وهي متأهبة لمثل هذا السيناريو بشدّة.
ووفقاً لقواعد الحرب التي لا يجوز المساس بها، فإن احتمال نجاح قوة تدخل المعركة في الوقت والتضاريس والتكتيكات التي يرغب بها الخصم منخفض جداً.
إذا دخلت إسرائيل إلى غزة بسبب الوضع المعقد الذي تعيشه، فمن المتوقع أن تقع في فخ سيشكل "مفاجأة ثانية" للكيان الصهيوني العاجز والمتفكك بعد عملية طوفان الأقصى.
نورنيوز