وحذرت مؤسسات إنسانية وحقوقية فلسطينية ودولية من حدوث كارثة إنسانية في حال استمرار منع الماء والكهرباء والوقود عن غزة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أعرب يوم السبت الماضي، عن قلقه الشديد بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي الحصار الكامل على قطاع غزة.
وقال غوتيريس: "الوضع الإنساني في غزة كان أصلا مترديا للغاية قبل هذه الأعمال العدائية.. الآن سيتدهور أكثر، وبشكل كبير".
ويعيش القطاع منذ السبت الماضي حصارًا مطبقًا بعد إغلاق جميع المعابر الحدودية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن إغلاق معبر رفح وبوابة صلاح الدين مع مصر بالقوة العسكرية، من خلال القصف الذي طاول المعبر في الأيام الأولى للحرب مع غزة.
ومع توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل بشكلٍ كامل نتيجة وقف إمدادات الوقود من الأراضي المصرية أو من الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب قرار وزير أمن الاحتلال يوآف غالانت، بقطع كل الخدمات عن القطاع، يعيش الفلسطينيون في ظلام دامس ودون كهرباء.
في الوقت ذاته، تعمل المولدات التجارية المنتشرة في مختلف مناطق القطاع وفقًا لجدول ساعات وصل وفصل، وسط توقعات بأن تتوقف بحلول الأسبوع المقبل نتيجة استمرار منع إدخال الوقود إلى غزة ورفض الاحتلال الإسرائيلي إفساح المجال أمام هدنة إنسانية.
وإلى جانب ذلك، توقفت الكثير من محطات المياه عن العمل نتيجة عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المولدات الخاص بالمضخات، فضلاً عن توقف الكهرباء بشكلٍ كامل، سواء الخطوط الواردة من الأراضي المحتلة عام 1948 أو محطة التوليد الوحيدة.
ويبدو القطاع قريبًا من كارثة صحية في ضوء تكدس الجثث داخل الثلاجات بالعشرات إلى جانب الساحات الخارجية للمستشفيات في القطاع، بالإضافة إلى عدم إدخال المساعدات الإغاثية والغذائية واستمرار نزوح العائلات باتجاه المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين أونروا.
في الوقت ذاته، فقد أوشكت الكثير من المحال التجارية على التوقف بشكلٍ تام نتيجة نفاد المواد الغذائية وعدم وجود أي مخزون احتياطي لديها، فيما أقبل الآلاف من الفلسطينيين على تخزين أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية والأطعمة تجنبًا لاستمرار حالة الحصار أسابيع طويلة.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" فقد بلغ عدد النازحين من منازلهم في غزة أكثر من 338 ألف فلسطيني، جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، من بينهم أكثر من 220 ألف شخص لجأوا إلى 88 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا.
في الأثناء، يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف إن القطاع دخل منحنى خطيرا على صعيد الواقع الإنساني، الذي يشهد تدهورا غير محدود في كل تفاصيله الخدماتية والمعيشية بعد التوقف التام لإمدادات الكهرباء والمياه، مع لجوء الاحتلال إلى محو أحياء سكنية وتهجير مئات الآلاف من المواطنين قسرا عن منازلهم.
ويضيف معروف لـ "العربي الجديد" أن هذا الواقع يجعل من غزة منطقة منكوبة تتعرض لعقاب ومجازر إبادة جماعية، دون تحرك حقيقي لوقف هذه المجازر، والاكتفاء بالحديث عن محاولات إيجاد ممرات لإدخال المساعدات الإنسانية، وسط خشية من أن تكون غزة مقبرة جماعية.
ويشير إلى أن المجازر الإسرائيلية خلفت أعدادا كبيرة من الشهداء وباتت ثلاجات الموتى غير قادرة على استيعابهم، وأعداد متزايدة من الجرحى تغص بهم ممرات المستشفيات بعد امتلاء الأسرِّة وإشغال جميع غرف العمليات والعناية، ما يهدد المنظومة الصحية بالانهيار وعدم القدرة على مواصلة خدماتها في أي لحظة، لا سيما مع توقف الكهرباء.
ومنذ بداية المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في السابع من أكتوبر الجاري، عمد الجيش الإسرائيلي إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية وسط مدينة غزة، عبر تكثيف الغارات الجوية وتدمير الشوارع والطرق الرئيسية للمدينة والمدارس والمستشفيات.
وركز الاحتلال في عملية القصف الجوي على تدمير الأبراج السكنية والتجمعات التجارية والمولات الحديثة التي تتجاوز كلفة إنشائها مئات الآلاف من الدولارات في سعي واضح منه لإعادة القطاع سنوات كثيرة إلى الوراء، تزامنًا مع استمرار الحصار الإسرائيلي للعام السابع عشر على التوالي.
نورنيوز/وكالات